هل تنفع الكلمة؟ هل سيهز طهران صراخي حين أخرج للشارع وأصيح بأعلى صوت: «محمود أحمدي نجاد، اذهب إلى الجحيم؟»، لو كانت الكتابة تنفع لطمست أصفهان من على الخريطة قبل نهاية المساء، لكن أياً من هذا لا يحدث، ومحاولة تنميق الكلمات لشجب الأيادي الإيرانية يبدو أنها لا تستحق العناء، ومحاولات تصوير الخطر الذي سيأتي من ورائها ممارسة قدرها الفشل. هذه الأيادي الخارجية مشغولة بالعمل، وقطعت طريقاً طويلاً في برنامجها النووي، هل تعي حجم التنمية التي يجب عليك القيام بها قبل أن تنتهي إلى هذه المغامرة الجريئة؟ هل تعي حجم العمل والبيئة والعقول التي يجب توافرها قبل أن تحلم بامتلاك مفاعل نووي؟ والآن، وروح اليسار حول العالم تستيقظ من سباتها بشكل جامح، وتبدأ وبسرعة كبيرة في المنافسة على المقاعد البرلمانية في دول عدة، أمر يجعل من العهود والمواثيق السياسية كافة التي قُطعت في الفترة الماضية لا تساوي ثمن الحبر الذي كتبت به. حتى المشهد الأميركي كان بتحركه المتناغم مع موجة «الربيع العربي» صدمة عنيفة للجميع، ورسالة واضحة لم تجد وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أي حرج من التعبير عنها صراحة، عندما ذكرت أن في تخليهم عن النظام المصري، الذي كان خادماً مخلصاً طوال سنوات هو درس يجب أن يفهمه الجميع. حتى في خسارة اليمين المحافظ الأميركي للشعبية هناك - الذي طالما كان حليفاً جيداً للأنظمة القمعية - لدرجة أُنتجت فيها عروض كوميدية أميركية تلقي النكات على مواقف اليمين، وطريقة تفكيره، مؤشر آخر عن أميركا جديدة، ستحل قريباً. وتعود بنا الذاكرة إلى الحرب الباردة، وبعدما شعرت الولاياتالمتحدة الأميركية بالخطر الشيوعي المرتقب من الاتحاد السوفياتي، بدأت بحملة فيديرالية إستراتيجية مست جميع أرجاء الحياة فيها. مشروع شبكة الطرق السريعة التي تربط الولايات الأميركية كافة، التمويل الحكومي للأبحاث الجامعية، إضافة إلى زيادة النفقات على التعليم. كما أن الحرب الثقافية كانت سمة بارزة في ذلك الوقت، فما أن تعلن موسكو عن افتتاح شبكة ثقافية، حتى تسارع واشنطن بالرد بمشروع ثقافي أكثر ضخامة. والبرامج الفضائية شهدت أوجها في تلك الأيام، والجميع يتذكر ذلك السباق المحموم بين الغريمين على: من أول من يمس سطح القمر. ويتم تداول هذه الأحاديث يومياً من دون تبني أي واحدة من دول المنطقة مشروعاً حقيقياً تحاول فيه منافسة الروح الفارسية الواثبة نحو المجد والقوة. بعض الدول لم تحاول تحسين أوضاعها الحالية، والبعض الآخر يجر خلفه فواتير طويلة من مشكلات السكن، والتعليم، والصحة وغيرها. بل الأخطر من ذلك كله محاولات بعض دول المنطقة بعرقلة المشاريع الإصلاحية وقمع مواطنيها بحجة الخطر الخارجي، الأمر الذي قد ينسف الطريق كاملاً نحو مستقبل حقيقي في هذه الدول، وربما ينتهي بترديد هذه الشعوب أبيات الشاعر المصري «أمل دنقل» على لسان عنترة في قصيدة «البكاء بين يدي زرقاء اليمامة»: «وها أنا في ساعة الطعان ساعة أن تخاذل الكماة والرماة والفرسان دعيت للميدان! أنا الذي ما ذقت لحم الضأن أنا الذي لا حول لي أو شأن أنا الذي أقصيت عن مجالس الفتيان أدعى إلى الموت... ولم أدع إلى المجالسة!» هذه الشعوب التي لم تدع إلى المجالسة في أي يوم، ولم يذق معظمهم لحم الضأن! هل ستستجيب حين تُدعى إلى الموت؟ هل ستعمل سيوفهم العربية التي قد نسيت سنوات الشموخ، ولم تعد تصلح سوى للرقص في المناسبات الرسمية؟ * كاتب سعودي. [email protected] Twitter | @aymanway