تختتم اليوم محكمة جنايات القاهرة الاستماع إلى مرافعة الدفاع عن الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك ونجليه علاء وجمال في اتهامهم بقتل المتظاهرين والفساد واستغلال النفوذ، لتنطلق غداً مرافعة الدفاع عن وزير الداخلية السابق حبيب العادلي، والتي تستمر أسبوعاً. ونفى دفاع مبارك مسؤوليته عن صفقة تصدير الغاز الطبيعي لإسرائيل، محملاً جهاز المخابرات العامة ورئيسه السابق عمر سليمان المسؤولية. واستكملت أمس المحكمة الاستماع إلى رئيس فريق الدفاع عن الرئيس المخلوع المحامي فريد الديب، الذي ركز على الاتهامات التي تطال مبارك في شأن «تصدير الغاز إلى إسرائيل بأسعار تفضيلية». واستمر على نهجه الذي اعتمده في الجلسات السابقة بتحميل آخرين المسؤولية، ففاجأ الجميع عندما ضحَّى بصديق مبارك رجل الأعمال حسين سالم، وحمَّله مع جهاز المخابرات العامة ورئيسه السابق عمر سليمان مسؤولية صفقة الغاز. وكانت النيابة اتهمت مبارك ب «توريد الغاز إلى إسرائيل بأسعار زهيدة وتفضيلية وإسناد أمر التصدير إلى رجل الأعمال الفار حسين سالم بالأمر المباشر على نحو أضر بالمال العام نتيجة بيع الغاز إلى الدولة العبرية بأسعار تقل عن أسعار البيع العالمية». غير أن الديب دافع عن موكله مؤكداً أن «نيابة أمن الدولة العليا باشرت أعمال التحقيق كافة في قضية تصدير الغاز، وانتهت إلى إحالة وزير البترول السابق سامح فهمي ورجل الأعمال الهارب حسين سالم وخمسة من كبار قيادات قطاع البترول على محكمة جنايات القاهرة من دون أن تتضمن التحقيقات أي اتهام إلى مبارك من قريب أو من بعيد. غير أن النيابة قامت لاحقاً بإدخال مبارك في هذه القضية بصورة منفصلة رغم عدم وجود أي اتهامات تتعلق به في هذا الشأن». ورأى أن «النيابة العامة تخبطت وأرادت أن تسند أي اتهام إلى مبارك لمجرد أن يمثل أمام المحكمة، فقامت في شأن قضية تصدير الغاز بنقل أدلة الثبوت كافة من القضية المتهم فيها سامح فهمي إلى القضية التي يحاكم فيها مبارك». وقال إن «النيابة في محاضر الاستجواب كافة مع مبارك كانت توجه إليه تهماً متضاربة ما بين الإضرار غير العمدي بالمال العام ثم الإضرار العمدي به، من دون أن توضح ماهية هذا الإضرار وطبيعته قبل أن تنتهي إلى القيد والوصف بالإضرار العمدي بالمال العام وتظفير الغير المتمثل في رجل الأعمال حسين سالم بالحصول على ربح ومنفعة بلا وجه حق». واعتبر أن «القضية ليس بها دليل أو شبهة دليل يثبت تورط مبارك في الإضرار العمدي بالمال العام». واعتمد الديب في مرافعته على ما تضمنته أقوال عمر سليمان، الذي كان أكد أن «مبارك لم يتدخل في تسعير الغاز»، وأن مفاوضات تصدير الغاز المصري لإسرائيل «جرت طبقاً لما هو مطروح عالمياً». وأضاف الديب نقلاً عن أقوال سليمان ان «مبارك عندما علم بالسعر المتدني في بيع الغاز الطبيعي المصري إلى إسرائيل وتم التعاقد عليه، كلَّف سليمان الذي كان يشغل في حينه رئاسة جهاز المخابرات بالذهاب إلى رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت للتفاوض حول بنود التعاقد من جديد، طالباً زيادة السعر أو وقف عملية التصدير برمتها، وان إسرائيل وافقت بالفعل وقامت بتعديل العقد بعد إعادة النظر فيه ليصبح السعر ثلاثة دولارات ونصف الدولار للمليون وحدة حرارية بدلاً من دولار ونصف الدولار فقط، كما تم الاتفاق على أن يعاد النظر في السعر كل ثلاث سنوات بدلاً من كل 15 سنة»، مشدداً على أن «مبارك هو الذي أمر بتعديل العقد عندما علم بسعر التصدير وهدد بعدم تصدير الغاز إلى إسرائيل في ضوء الأسعار المتدنية المذكورة». وأشار إلى أن «سليمان بوصفه مديراً لجهاز المخابرات، قال إن المخابرات العامة هي التي قادت وقامت بالمفاوضات حول تصدير الغاز إلى إسرائيل في ضوء أربعة أسباب تتمثل في خلق مصالح مشتركة مع إسرائيل، وتدعيم عملية السلام، وتحقيق فرصة لمصر لفرض النفوذ على الدولة العبرية، وأخيراً أغراض أخرى لم يكشف عنها سليمان لاعتبارات تتعلق بالأمن القومي، وهو ما يشير بوضوح إلى أن هذه الأغراض هي أغراض استخباراتية». وأضاف أنه «عندما سئل سليمان لماذا وافقت المخابرات على أن يتولى رجل الأعمال حسين سالم تأسيس شركة تتولى هي تصدير الغاز إلى إسرائيل؟ أجاب بأن سالم هو الذي كان قد تقدم لتولي هذا الأمر، وأن جهاز المخابرات وافق عليه». ووصف الديب في مرافعته أمس حسين سالم ب «رجل المخابرات المصري الأول». وأشار الديب إلى أن «مبارك قال في تحقيقات النيابة العامة معه، إنه أول مرة رأى فيها حسين سالم عندما كان نائباً لرئيس الجمهورية في السبعينات في زيارة للولايات المتحدة الأميركية حينما كان سالم يقوم بنقل الأسلحة من الولاياتالمتحدة إلى مصر من خلال شركة يساهم فيها». وأضاف أن «مبارك أقر في التحقيقات أنه علم لاحقاً في أعقاب تلك الزيارة التي التقى فيها سالم أن الأخير له مشاريع يقوم بها في الولاياتالمتحدة». ولفت إلى أن «جهاز المخابرات العامة قام بتأسيس شركة مصرية خالصة للتقليل من تكلفة نقل السلاح، وأن مبارك كثيراً ما كان يرفض الإفصاح عن معلومات إضافية في هذا الشأن نظراً إلى خطورتها على الأمن القومي المصري، رغم أنه قد يملك معلومات تُبرئ ساحته أمام المحكمة إلا أنه آثر عدم التطرق إليها لخطورتها على الأمن القومي المصري». ورغم المخاوف من تأثير سعي الديب إلى توريط جهات مثل الجيش والمخابرات في القضية خلال مرافعته، فإن هيئة الدفاع عن الضحايا (المدعين بالحق المدني) أبدت ثقتها في إدانة مبارك. ورأى المنسق العام للهيئة محامي «الإخوان المسلمين» عبدالمنعم عبدالمقصود، أن «ما أبداه الدفاع عن مبارك ليس له أي سند قانوني». واعتبر أن «المرافعات إعلامية أكثر منها قانونية في صلب موضوع القضية، الهدف منها إثارة الرأي العام». ورأى أن «الزجَّ بالجيش في القضية الهدف منه الضغط على المجلس العسكري حتى يضغط بدوره على القضاء لينأى بنفسه». وأكد أنه رغم القصور الذي شاب أعمال النيابة خلال التحقيق، فإن الأدلة التي قدَّمتها «كفيلة بإحكام قبضة الاتهامات على مبارك ورجاله».