يوحي انشغال صحف نهاية الأسبوع في إسرائيل أمس بالانتخابات الداخلية لزعامة حزب «كديما» المعارض والتي ستجري بعد شهرين، بأن إسرائيل دخلت «سنة انتخابات» برلمانية بالرغم من تبقّي نحو عامين على الموعد القانوني للانتخابات المقبلة. ورأى أكثر من معلق في سلوك بعض أحزاب الائتلاف الحكومي في الفترة الأخيرة في مسائل داخلية، مؤشراً إلى شعورها هي أيضاً بأنه سيتم تبكير الانتخابات العامة إلى نهاية العام الحالي أو مطلع العام المقبل على أبعد حد. ورأى زعيم حزب «ميرتس» سابقاً يوسي بيلين في مقاله الأسبوعي في صحيفة «إسرائيل اليوم» أن زعيم «ليكود» رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، ليس معنياً بتبكير الانتخابات حيال استقرار ائتلافه الحكومي «الذي يتجنب البت في قضايا خلافية للحيلولة دون حدوث شرخ فيه»، لكنه قد يجد نفسه منجرّاً وراء انتخابات كهذه كان هو أطلق، من دون أن يقصد، الشرارة الأولى لها عند إعلانه المفاجئ تبكير موعد الانتخابات الداخلية لزعامة «ليكود»، ما تسبب في ردود فعل واسعة في الساحة الحزبية تمثلت في إجراء انتخابات داخلية في الأحزاب أو الاستعداد لإجرائها تأهباً لاحتمال تقديم موعد الانتخابات. مع ذلك، لا يبدو نتانياهو قلقاً من نتائج انتخابات مبكرة، فعلى الصعيد الداخلي لن ينافسه أحد على زعامة الحزب بعد إعلان منافسه التقليدي سيلفان شالوم أنه غير جاهز لانتخابات داخلية، ما يضمن له زعامة الحزب ومرشحه ومرشح الأحزاب اليمينية والدينية المتشددة لرئاسة الحكومة، لأربع سنوات أخرى على الأقل. كذلك تؤكد الاستطلاعات في السنوات الثلاث الأخيرة أن نتانياهو لا يزال في نظر نحو 50 في المئة من الإسرائيليين «الشخصية الأنسب لرئاسة الحكومة»، تليه بفارق كبير زعيمة «كديما» تسيبي ليفني، وبفارق أكبر زعيمة «العمل» شيلي يحيموفتش. ويستفيد نتانياهو من الانقسامات الداخلية في حزب «كديما» الوسطي الذي فاز في الانتخابات الأخيرة بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية (28 في مقابل 27 لليكود)، ومن المعركة التي يستعد «كديما» لخوضها ضد الحزب الوسطي الجديد الذي سيشكله الصحافي يئير لبيد الذي يهدد بجذب نصف مصوتي «كديما» إليه. فيما سيخوض حزب «العمل» المحسوب على يسار الوسط بزعامة شيلي يحيموفتش معركة ضد «كديما» ولبيد في محاولة لاستعادة بعض أمجاده حين حكم الدولة العبرية لنحو أربعة عقود. وتستبعد استطلاعات الرأي أن ينجح لبيد وحزبه الجديد في استمالة أصوات من اليمين، ما يعني أن «ليكود» سيستفيد من المعركة بين أحزاب الوسط الثلاثة التي تدور في ملعب واحد بعيداً من ملعبه. مع ذلك، يضيف بيلين، قد يلجأ نتانياهو إلى تبكير الانتخابات لتفادي إجرائها العام المقبل بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية الأميركية، مشيراً إلى أنه في حال إعادة انتخاب الرئيس باراك اوباما لولاية ثانية، فإنه قد يمارس ضغوطاً حقيقية على نتانياهو لتحريك العملية السياسية، «ومثل هذه الضغوط قد تضعف نتانياهو داخلياً وتعرضه لخسارة الانتخابات، وبالتالي كرسي الحكم»، مستذكراً ما حلّ برئيس الحكومة السابق إسحق شمير (ليكود) حين خسر الانتخابات بعد صدام علني مع الرئيس جورج بوش الأب عام 1992. في غضون ذلك، تبادلت ليفني ومنافسها على زعامة «كديما» شاؤول موفاز الاتهامات الشديدة في مقابلات مطولة مع الصحف المختلفة، اذ أعربت ليفني عن ندمها على «احتضان موفاز» والعمل على إبقائه في الحزب ومنحه المكان الثاني على قائمته الانتخابية الأخيرة، وأوضحت أنها لن تبقى في الحزب في حال خسرت الانتخابات على زعامته. من جانبه، أعلن موفاز، الصقر الأمني والسياسي الذي يتباهى بسجله العسكري رئيساً لهيئة أركان الجيش ثم وزيراً للدفاع، ان باستطاعته في حال فوزه بزعامة الحزب جذب أصوات من معسكر اليمين «وهذا ما لا تقدر عليه ليفني»، وبالتالي الفوز برئاسة الحكومة. ويرى مراقبون أن «كديما» سيشهد الانقسام بعد الانتخابات الداخلية بغض النظر عن الفائز بها، إذ يُتوقع أن يغادره عدد من أقطابه، خصوصاً في حال انتخاب ليفني، فيما قد يؤدي انسحاب الأخيرة في حال عدم انتخابها إلى انهيار الحزب الذي أقامه رئيس الحكومة السابق أريئل شارون قبل ست سنوات من دون أن تكون له أجندة واضحة أو لغة مشتركة بين أركانه.