بعد 50 شهراً على تأسيس حزب «كديما» الوسطي في إسرائيل، يخيم عليه شبح الانقسام وربما الاندثار نهائياً، وذلك في أعقاب تمرد الرجل الثاني في الحزب، وزير الدفاع السابق شاؤول موفاز على زعيمة الحزب، وزيرة الخارجية سابقاً تسيبي ليفني. واندلع الخلاف مجدداً بعد تهديد موفاز بأنه في حال لم يقر مؤتمر الحزب أواخر الشهر الجاري تقديم موعد الانتخابات على زعامته، فإنه سيفكر في الانسحاب ومجموعة أنصاره وتشكيل كتلة برلمانية جديدة. ويحتاج موفاز إلى ستة نواب آخرين على الأقل للانسلاخ عن الحزب بموجب تعديل أقره الكنيست أخيراً وعُرف ب «قانون موفاز». ويبني رئيس الحكومة زعيم «ليكود» بنيامين نتانياهو حساباته على انشقاق موفاز ليضرب عصفورين بحجر واحد: انضمام الكتلة الجديدة إلى ائتلافه الحكومي وتعزيزه، وتقويض أركان «كديما» الذي تم تأسيسه قبل أكثر من أربعة أعوام على أنقاض «ليكود»، وبهذا يكون انتقم من ليفني شخصياً. وكان نتانياهو حاول قبل شهرين جذب سبعة نواب من «كديما» إلى حزبه، لكنه فشل في مسعاه بعد أن كُشف أمر اتصالاته. ولاحقاً تقدم بعرض مهين لليفني للانضمام إلى الائتلاف الحكومي في مقابل حقيبتين وزاريتين فقط. ويرى مراقبون أن تهديد موفاز هذه المرة بالانسلاخ جدي للغاية، وهو الذي لم يسلّم اصلاً بفوز ليفني بزعامة الحزب بعد أن تقدمت عليه بفارق ضئيل من الأصوات، وسط شبهات قوية بأن الانتخابات شهدت أعمال تزوير من جانب معسكر ليفني. وهكذا باتت قضية الانشقاق في الحزب مسألة وقت ليس إلا إزاء رفض ليفني إجراء انتخابات جديدة لزعامة الحزب، وغدا واضحاً أن بقاء ليفني وموفاز في الحزب ذاته أمر مستحيل، خصوصاً أن الأخير لم يخف منذ انتهاء الانتخابات البرلمانية الأخيرة، قبل عام رغبته في الالتحاق بكرسي حكومي. في الوقت ذاته، تخشى ليفني من أن يقود الانشقاق إلى اندثار الحزب الذي يفتقر إلى مؤسسات أو إلى تاريخ في الساحة الحزبية الإسرائيلية يساعده على مواجهة أزمة من هذا الوزن. ويحاول موفاز تبرير تمرده بمسوغات أيديولوجية من خلال اتهام ليفني بأنها تجر الحزب نحو اليسار، بينما أقيم حزب «كديما» على أساس حزب وسطي مع ميل إلى اليمين. وحذر القطب البارز في الحزب وزير الأمن الداخلي السابق آفي ديختر من انعكاسات الانشقاق، وقال للإذاعة الإسرائيلية إن حصول الانشقاق يعني تحمل ليفني المسؤولية كاملة وفشلها في قيادة الحزب، من دون أن يستبعد أن يفتت الانشقاق الحزب نهائياً.