صرح وزير الداخلية الباكستاني رحمن مالك بأن السلطات الباكستانية ستعتقل الرئيس السابق برويز مشرف حال عودته إلى البلاد، بحسب الموعد الذي حدده نهاية الشهر الجاري. وقال لمجلس الشورى: «أؤكد أن مشرف سيعتقل فور هبوط طائرته على أرض باكستان، لأنه يصنف بأنه مجرم مطلوب للعدالة في ثلاث قضايا»، مع العلم أنه يقيم في المنفى الاختياري منذ 3 سنوات. ومع استدعاء المحكمة العليا رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني للمثول امامها اليوم بتهمة «ازدراء» قرارها الخاص بإعادة فتح ملفات الفساد التي شملها قانون عفو سابق اصدره الرئيس برويز مشرف عام 2007، اعلن اعتزاز احسن محامي جيلاني، ان الاخير «لم يرتكب اهانة بحق المحكمة عبر امتناعه عن توجيه رسالة الى السويسريين» في قضية الفساد التي رفعها مدعي عام جنيف عام 2008 ضد الرئيس آصف علي زرداري، وانه «لا يجب ان يدان لهذا السبب». واعتبر احسن، العضو في «حزب الشعب» الحاكم ان «كتابة الحكومة رسالة الى السلطات السويسرية ليس مشكلة، لكن زرداري يتمتع بحصانة كاملة في باكستان والخارج باعتباره الرئيس». ويمكن ان يشير هذا الموقف الى محاولة جيلاني تفادي تحوله الى كبش فداء لزردراي، في وقت يؤكد استدعاءه للمثول امام المحكمة انها باتت أكثر قدرة على فرض قراراتها على الحكومة المدنية، وصولاً الى تحديد استمرار سلطتها او عدمه، والذي يرتبط بإدانتها جيلاني في شأن قانون المصالحة الذي سنه مشرف. ويمكن ان يحاول زرداري، في حال اقالة جيلاني بقرار قضائي والإبقاء على البرلمان الحالي مع اختيار رئيس وزراء جديد لإكمال المدة القانونية للبرلمان، وهي سنة وشهران تقريبا، الافادة من عامل الوقت والادعاء أمام الشارع الباكستاني بأن حكومته تواجه مؤامرة تشترك فيها أطراف عدة، وأن المستهدف هو الديموقراطية وليس شخص زرداري أو حزبه، كما جرت العادة في كل أزمة يواجهها. ولا يستبعد خصوم كثيرون لزرداري استخدامه ورقة رفض البنجابيين المسيطرين على مواقع القرار في المؤسستين المدنية والعسكرية منح اقليم السند الاكبر في باكستان حقه في التمثيل والحكم، ما قد يؤدي الى اندلاع موجة عنف في المستقبل القريب. لكن وجود حلفاء لزرداري في السند على صلة بالمؤسسة العسكرية ويرفضون استخدام العنف مثل حركة المهاجرين القومية، قد يقلل من أهمية هذه الورقة، علماً ان استخدامها سيقلص شعبية «حزب الشعب» من حزب وطني إلى حزب يهتم بمصالح ولاية واحدة دون غيرها. ويواجه زرداري سيفاً حاداً آخر مسلطاً على رقبته، ويتمثل في مواجهته تحقيق المحكمة العليا في فضيحة ارسال السفير الأميركي السابق لدى واشنطن، حسين حقاني، بطلب منه على الارجح، مذكرة الى الجيش الأميركي لطلب مساعدته ضد القيادة العسكرية الباكستانية. وقد يدفعه ذلك إلى اللجوء إلى بلد آخر بعد الاتفاق على تنازله عن السلطة في مقابل وقف الإجراءات القانونية ضده، وهو ما يؤيده الجيش، مع حرصه في الوقت ذاته على تأمين هدوء داخلي وسط تدهور الوضع الاقتصادي، وترقبه نتائج الفصل الأخير من الحرب الأميركية في أفغانستان، علماً انه يرفض تحمل تبعات اقتصاد منهار وعقوبات اقتصادية يمكن ان تنتج من تنفيذه انقلاباً عسكرياً. وايضاً لا يعارض الجيش اتخاذ المحكمة العليا قراراً بإقالة جيلاني وفرط عقد الائتلاف الحاكم، خصوصاً بعدما انتقد جيلاني طريقة تعامل الجيش وجهاز الاستخبارات العسكرية مباشرة مع المحكمة العليا في شأن قضية المذكرة، ما جعل المواجهة علنية بين المؤسسة العسكرية والحكومة المدنية. إلغاء زيارة المبعوث الأميركي وفي ظل حال ترقب الباكستانيين لما ستؤول إليه الأزمة الحالية بين الحكومة من جهة، وبين المؤسسة العسكرية والمؤسسة القضائية من جهة اخرى، ابلغت إسلام آباد المبعوث الأميركي الخاص لباكستانوافغانستان مارك غروسمان، انه «لا يمكن ان يزور البلاد حالياً»، ما يمكن ان يصعد التوترات بين البلدين، والتي تدهورت بالكامل بعد مقتل 24 جندياً باكستانياً في غارة جوية شنتها مروحيات للحلف الاطلسي (ناتو) انطلاقاً من افغانستان في 26 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وقتل مسلحان بالرصاص ليل الثلثاء-الاربعاء الصحافي مكرم خان عاطف الذي يعمل لحساب اذاعة «صوت اميركا» التي تبث بلغة الباشتون، وذلك لدى ادائه الصلاة في مسجد قرب منزله في مدينة شبقدار بإقليم خيبر باختونخ القبلي (شمال غرب). وتبنت حركة «طالبان باكستان» مسؤولية الحادث، الذي اسفر ايضاً عن جرح الإمام الذي ترأس الصلاة. وقال الناطق باسمها احسان الله احسان، إن «الصحافي قتل لأنه عمل مع الجيش الباكستاني والولايات المتحدة». واضاف: «حذرناه مرات بعدم العمل معهم، لكنه لم يقتنع»، مؤكداً ان «صحافيين آخرين مستهدفون». ومن واشنطن، قال مدير «اذاعة صوت اميركا» ديفيد انسور، إن «عاطف جازف بحياته يومياً لتقديم معلومات صحيحة ومتوازنة للإذاعة، لذا نأسف لفقدانه»، داعياً السلطات الباكستانية الى «حماية الصحافيين». واعتبرت منظمة «مراسلون بلا حدود» باكستان الدولة الاكثر دموية بالنسبة الى الصحافيين العام الماضي بسقوط ثمانية صحافيين خلال ادائهم مهماتهم.