يخوض المرشح المحتمل لرئاسة مصر الدكتور محمد سليم العوا في «المناطق الشائكة» التي تغلف الحياة السياسية في مصر الآن بديبلوماسية الخطيب المفوه. فهو يرى أن كل المرشحين المطروحين لرئاسة مصر «منافسون حقيقيون» ولا يصادر حق أي منهم في خوض التجربة. وإن كان يفرِّق بين من خدم هذا النظام ومن خدم الدولة في كنفه، لكنه لا يصنف منافسيه في أي الفسطاطين يقف. وللعوا مآخذ على إدارة المجلس العسكري للفترة الانتقالية، إلا أنه يرفض التفرقة بينه وبين الجيش، منبهاً إلى أن قادة المجلس هم قادة الجيش الذي يؤكد أن انكساره «هزيمة للدولة وضياع لمصر». وفي حوار مع «الحياة» لمس العوا عذراً للمجلس العسكري في أخطاء ارتكبها «من دون سوء نية» وعزاها إلى «قلة الخبرة السياسية». وفي سباقه إلى كرسي الرئيس يتعفف المفكر الإسلامي من طلب الدعم سواء من جماعة «الإخوان المسلمين» أو السلفيين أو الكنيسة أو حتى من الأحزاب. يعرض العوا «بضاعته» على المواطن الذي يراهن عليه. والخبير القانوني الذي طالما صال وجال في قاعات المحاكم لا يعول كثيراً على القضية المتهم فيها الرئيس السابق حسني مبارك بقتل المتظاهرين، فإن تمت تبرئته «فلا قيمة» لذلك في رأي العوا، فهي «أهون قضية» إذا ما قورنت ب «قضايا الفساد السياسي والإداري والوظيفي» لمبارك وعائلته وهو تعهد بملاحقة مبارك قضائياً بعد الحكم في القضية الحالية. وللعوا رؤيته في ما يتعلق بالسياسة الخارجية لمصر، إذ يولي اهتماماً خاصاً بالمملكة العربية السعودية حيث دعا رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي إلى القيام ب «زيارة دولة» إليها. وهو يعتقد أن دولاً أجنبية من بينها إسرائيل لا تريد للعلاقات بين مصر والسعودية أن تتطور. على رغم خلفيته الإسلامية لا يرى العوا غضاضة في الجلوس مع رئيس وزراء إسرائيل إذا فاز بمنصب الرئاسة في حال اقتضت الضرورة ذلك. وهنا نص الحوار: القاهرة – محمد صلاح ماذا تحقق من أهداف الثورة، وماذا بقي؟ - تحقق إسقاط نظام حسني مبارك، وهذا هو الهدف الذي ارتكزت عليه الثورة وتحقق قدر من الحريات غير مسبوق، جماعات سياسية عدة كانت تحاول أن تنشئ أحزاباً ولم تستطع، الآن نرى «الحرية والعدالة» وحزب «الجماعة الإسلامية» وحزب «الوسط» ووصل عدد الأحزاب إلى نحو 50 حزباً، وهذا قدر كبير جداً من الحرية، كما جنينا الحق في التظاهر والاعتصام الذي شهد في بعض الأحيان تجاوزات كثيرة لو كانت في عهد النظام السابق لكانت هناك مجازر في الشوارع، لكن لم يحدث، هناك اعتداءات وشهداء ومصابون نتمنى لهم الشفاء، لكن كل هذا إذا ما قيس بمقياس الكبت والطغيان الذي كان يحدث أيام حسني مبارك يعتبر إنجازاً كبيراً جداً، كما نال الناس حقوقهم في التجمع السلمي. تحقق أهم من ذلك أن من يُقصِّر يعزل، فحكومة عصام شرف الثانية لم تستطع أن تنجز ما كانت مكلفة به فأقيلت أو قبلت استقالتها، وقبول استقالة حكومة أو إقالة حكومة كان خيالاً، هذا التغيير في الأداء في فترة انتقالية، سيسن سنة جديدة. وما الذي لم يتحقق؟ - أن النظام الفاسد لم يسقط كله، ما زال معششاً في ثنايا الحكومة، وأظن أنه سيأخذ وقتاً طويلاً كي يسقط، وسيحتاج إلى حكومة قوية يدعمها برلمان من أجل سن قوانين صعبة وإجراءات شديدة تؤدي إلى إخراج بقايا النظام الفاسد من البلد، ولم تتحقق أي خطوة نحو العدالة الاجتماعية؛ لأن الأمر يحتاج إلى قوة اقتصادية وقوة سياسية لا يستطيع الحكام الموقتون سواء في الجيش أو الوزارات أن يتخذوا قرارات بعيدة المدى في شأنها، وهناك شيء ليس من حق أحد أن يتحدث عنه لكنهم أشبعوه كلاماً، هو المشاريع طويلة المدى مثل إعادة إحياء توشكى ووادي التكنولوجيا وتطوير سيناء وقناة السويس وتحويلها إلى منطقة حرة، كل هذه مشاريع طويلة المدى لا يقل عمر أي منها عن 15 عاماً، وهذا لا يجوز أن تتداول فيه ولا تحاول أن تخطط له حكومات موقتة. بصفتك من أكبر المحامين في مصر، هل ترى أن المحاكمات منطقية؟ - منطقية جداً، لماذا؟ لأن السادة المحامين المدعين بالحق المدني الذين من مصلحتهم أن تنتهي المحاكمة سريعاً عطلوها، ردوا القاضي وحين انتهت قضايا الرد رجعوا إلى المحكمة وطلبوا 1660 شاهداً، أنت مدع بالحق المدني من مصلحتك أن تنهي المحاكمة وألا تعطلها. ولماذا يفعلون ذلك؟ - إما نوع من أنواع البطولة القانونية يتصورونها أو يدفعهم أحد لذلك، لا أستطيع أن أقطع أو أتهم زملائي، لأنهم كلهم على درجة من النقاء عالية جداً، ومع ذلك هذا ما يحدث. الآن المحاكمة صارت في الخط النهائي. النيابة ترافعت والمدعون بالحق المدني ترافعوا والدفاع يترافع الآن، بعدها تحجز المحكمة القضية للحكم وهذا نهاية المطاف. وأتوقع أن يصدر الحكم في أيار (مايو) أو حزيران (يونيو). وأياً ما كان الحكم فهذه ليست القضية الوحيدة لحسني مبارك، هذه أهون قضية، هناك قضايا الفساد السياسي والإداري والوظيفي لحسني مبارك وعائلته وأقاربه وأصدقاء عائلته وأقارب عائلته وأقارب زوجته، وهي قضايا بالعشرات، ولم تفتح بعد وهي قضايا لا تسقط بمضي المدة، وكثير منها بحكم الدستور لا يسقط بالتقادم مثل قضايا التعذيب والقتل. لماذا لم تفتح هذه القضايا؟ - لأن الإدارة الموقتة لا تستطيع أن تفتح هذه الملفات كلها، وإن فتحتها لن تحقق أي إنجاز على صعيد المعيشة. هل تتوقع أن تفتح هذه القضايا؟ - قطعاً ستنظر أمام المحاكم بعد انتخابات البرلمان والرئيس الجديد، لأن هؤلاء لن يكون عليهم قيد من الماضي. الحكومات الموقتة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة جاؤوا من الماضي ونتيجة انهيار هذا الماضي فانبثقت لهم بؤرة كي يعملوا، أما من أتى وسيأتي بالانتخاب ليس عليهم عبء من الماضي، فهم منتخبون من الشعب ومتحررون من كل قيد ومحمولون على أمواج الثورة، فالرئيس المقبل إذا لم يستطع أن يلبي مطالب الثورة الحقيقة فلن يستمر. إذا حصل مبارك على البراءة في قضية قتل المتظاهرين، ماذا تتوقع؟ - لا يعني شيئاً، لو افترضنا حصوله على البراءة في هذه القضية فلا قيمة لذلك، لأنه سيحاسب على عشرات القضايا الأخرى, ولن أتوانى عن ملاحقته قضائياً بعد انتهاء القضية الحالية. هناك اعتقاد بأن القوى التي لم تحقق نجاحات في انتخابات البرلمان تستغل حماسة الشباب وتسعى إلى تأجيج الشارع لإفساد نتائج الانتخاب وبالتالي إفساد انتخابات الرئاسية؟ - طبعاً، توجد قوى فعلت ذلك. «الاشتراكيون الثوريون» الذين خرجوا في «فايسبوك» وقالوا لا بد أن نهدم الدولة حتى نبني على أنقاضها، ولا بد أن نهزم الجيش في 25 كانون الثاني (يناير) مثل ما هزمنا الشرطة في 28 كانون الثاني (يناير) 2011، هذه أقوال واضحة الدلالة لا تحتاج إلى تفسير، من هاجموا قوات الشرطة والجيش بكرات اللهب كانوا يخربون لا يثورون. نعيش فوضى غير منظمة لكن هناك احتقان بسبب اعتداء قوات الشرطة والجيش على المتظاهرين؟ - اقترحت وما زلت تحديد مكان وهو ميدان التحرير في القاهرة وميدان في كل محافظة يتظاهر فيه الناس ويعتصمون بطريقة سلمية ولا يكون فيه أي وجود لشرطي أو عسكري، فهو ميدان ملك الجماهير من دون أن يعطلوا المصالح. وعندما يحدث هجوم مثل ما حدث في شارع محمد محمود للوصول إلى وزارة الداخلية، يجب أن يوقف بكل حزم. حق المواطن أن يتظاهر ويعتصم ولكن ليس من حقه أن يدمر مبنى. يجب تنظيم الأمور لأننا نعيش فوضى غير منظمة. لماذا هذه الفوضى بعد عام على الثورة، هل لأن المجلس العسكري قليل الحيلة؟ - المجلس ليس قليل الحيلة، ولكنه لا يملك قوة مدربة للتعامل مع الشارع، الجيش ليس مُعداً لهذا إطلاقاً لذلك يرتكب أخطاء، فهو لا يستطيع أن يتعامل إلا في الحرب مع الأعداء، وهذه جريمة أوقعتنا فيها وزارة الداخلية منذ أن قامت الثورة حتى الآن. هذا من جانب السلطة، فهل أحسن الثوار تنظيم صفوفهم؟ - طبعاً ليس هناك تنظيم، ليس هناك ثورة يقوم بها 81 ائتلافاً. هذا مستحيل. والمشكلة الثانية هي ادعاء ملكية الثورة. كنت في الميدان من يوم 28 كانون الثاني (يناير) حتى يوم 12 شباط (فبراير)، وهذه الثورة لم ينظمها أحد، والتنظيم الذي حدث في الميدان كان لوجيستياً ومعظمه بدافع إنساني. كان هناك من يعرض آلاف الجنيهات لدعم المتظاهرين. وبعد أن نجحت الثورة كل مجموعة تدعي أنها نظمتها. فخر أن تكون من شباب الثورة، لكن تظل جزءاً منها ويجب أن تكون حريصاً عليها، وليس من الحرص على الثورة أن تدمر البلد أو أن تهدم الجيش. هزيمة الشرطة كانت أكبر نصر للشعب المصري لأنه شعب أعزل لا يملك أي سلاح هزم شرطة قوامها مليون و750 ألفاً. الثورة انتصرت في الواقع يوم 28 كانون الثاني (يناير) حين هزمت الشرطة. هزيمة الشرطة انتصار للثورة؟ - طبعاً. وانكسار الجيش؟ - انكسار الجيش هزيمة للدولة وضياع لمصر، الشرطة غير الجيش تماماً. والمطالب برحيل المجلس العسكري الآن وتحميله مسؤولية القتل في الأحداث الأخيرة؟ - يرحل الآن، ومن يتسلم الدولة؟. مجلس رئاسي مدني. - من أين يأتي؟ من التحرير؟ - أتينا بالدكتور عصام شرف من التحرير وترأس وزارتين، والنتيجة كما نرى، هذه حماسة زائدة. المجلس الرئاسي المدني إذا لم يكن منتخباً من ملايين المصريين لن يكون له قيمة ولا سلطة. ولذلك أقف بقوة ضد اقتراح تسليم السلطة إلى رئيس مجلس الشعب المنتخب، لأنه انتخب كي يكون عضواً في البرلمان، والشعب لم ينتخب رئيس البرلمان، انتخب 498 عضواً سيختارون رئيسهم، وهذه مسألة إدارية. وسيختار بحسب الغالبية، سيصوت له الإخوان وأي تحالف معهم وسيكون رئيساً لمجلس الشعب، والذي سيصوت له حزب «النور» وأي تحالف آخر يمكن أن يكون رئيس البرلمان. أنا لا أريد أياً منهم رئيساً للدولة. لا يصلحوا. هذا كلام مستعجل، ويثير العواطف أكثر مما يحقق العمل الدستوري الصحيح. الإساءة للمجلس العسكري إساءة للدولة ما رأيك في الحديث عن «الخروج الآمن» لقيادات المجلس العسكري؟ - أنا من أكثر الناس استياءً من هذه التعبيرات. الخروج الآمن يكون لمن أذى وأنت تريد للتخلص منه أن تعفيه من هذه الجرائم وتجلس أنت مكانه لكي تدير البلد. أنا أرى في الإدارة التي قام بها المجلس العسكري خلطاً لعمل صالح بعمل سيء، أصابوا وأخطأوا، أحسنوا وأساؤوا، عندما أحسنوا كان قصدهم حسناً وعندما أساؤوا، أساؤوا السبيل، أساؤوا الطريق، أساؤوا الوسيلة، لكن أيضاً كان قصدهم حسناً، لم يكن عندهم قصد خيانة البلد، ولا في نيتهم شيء سيء بدليل ما حدث في هذه الانتخابات، من يملك نيات سيئة لا يجري انتخابات نزيهة، كان يجريها وفقاً لرغباته. فكرة الخروج الآمن، فكرة تسيء إلى المجلس الأعلى، وتسيء إلى مصر، لأنها تعني أن مصر ارتضت أن بعض الناس ارتكبوا جرائم لا يحاسبون عليها ليخرجوا من الحياة السياسية بلطف وسلام. وهذا مرفوض، من ارتكب جريمة سيحاسب عليها. وأنا أقول إذا قدر الله أن هذه البلاد يأتيها رئيس منتخب لن يستطيع أن يحكمها إلا إذا حاسب المجرمين كلهم وليس من الآن، منذ عام 1981 حتى نجاح الثورة وحتى انتخابه. إن صح أن هناك جرائم ارتكبت من 11 شباط (فبراير) الماضي حتى 30 حزيران (يونيو) المقبل يجب أن تكون هذه على أولوية جدول أعمال الرئيس المنتخب، كيف نحاسب هؤلاء، أما قصة تأمين شخص مجرم هذه قصة غير واردة ولا يجوز أن ترد. هل ترى أن هناك جرائم ارتكبت؟ - لا أرى ذلك، هم (المجلس العسكري) ارتكبوا خطأ بغير قصد سيء، ارتكبوا أعمالاً حسنة بنية حسنة، لكن بلغت قلة خبرتهم السياسية درجة مزعجة. هناك من يقارن بين المجلس العسكري وبين الضباط الأحرار، ما الفرق بينهم؟ - مجلس قيادة الثورة كانوا مجموعة مختارة بمعرفة الرئيس جمال عبد الناصر يشكلون قيادة الخلايا الداخلية في الجيش وفي المجتمع أيضاً مثل صلته بالشيوعيين والإخوان المسلمين، كانوا يخططون لقلب نظام الحكم لتحويله من نظام ملكي إلى نظام جمهوري وكان أساس انطلاقهم الانتقام من هزيمة مصر في حرب فلسطين. هؤلاء أتوا بإرادتهم بخطة مُعدة لتحويل مصر من ملكية إلى جمهورية بتنظيم مرتبط بهم من المدنيين، وإن كان سرياً. أما المجلس العسكري، فهم ضباط عظام لم يكن في بال أحد منهم أن يتعرض لإدارة الدولة لا من قريب أو بعيد. وكانت مفاجأة لهم قرار حسني مبارك أن يتولوا إدارة شؤون البلاد، وتولوا هذه الإدارة بحكم الضرورة. والفرق الثاني أن هؤلاء ليس عندهم مشروع سياسي للوطن ولا للمنطقة. أنا مدعوم من الناس من تعتبره منافسك الرئيسي في انتخابات الرئاسة؟ - كل المرشحين. بنفس الدرجة؟ - لا طبعاً، درجات مختلفة، لكن كل المرشحين منافسون حقيقيون، أنا لست مدعوماً لا من حزب ولا جمعية ولا مجموعة معينة، مدعوم بالأساس من الناس، ودعيت إلى الترشيح من مختلف الطبقات، وأزور المدن والقرى والمحافظات وألتقي المواطنين وأنا أثق في هؤلاء الناس وتقديرهم الصحيح، لأنهم أذكى وأكثر ثقافة وإدراكاً بكثير ممن نعتبرهم نخبة أو طبقة مثقفة. أطرح مشاريعي على الناس وهم يحكمون على المرشحين من أمرين: سلوكهم الشخصي لا سيما في المرحلة التي ترشح فيها حتى ينتخب بالإضافة إلى سلوكه السابق، ومن خلال مشاريعه. ما رأيك في المرشحين الذين يحسبهم البعض على النظام السابق، هل الثورة تعني ألا نأتي برئيس عمل مع النظام السابق؟ - الثورة طبعاً لا تعني ذلك، والشعب المصري سيحكم باختياره. من خدم النظام بالفساد والانحراف هذا ينبغي له البقاء في بيته، ومن خدم الوطن في ظل النظام السابق بأمانة وشرف ونزاهة هذا من حقه أن ينافس على أي منصب. هل تعتبر أن انسحاب البرادعي يصب في مصلحتك؟ - دائماً أقول إننا بحاجة إلى عشرات المرشحين من مختلف الاتجاهات السياسية والفكرية في هذه المرحلة المهمة من تاريخنا التي يلعب كل منا فيها دوره في نشر الوعي السياسي وأهمية وضرورة المشاركة، والدكتور البرادعي كان حاضراً في الساحة السياسية منذ فترة وله مريدون يثقون فيه، الترشح كان قراره وعندما أعلن الانسحاب فهو اختياره الذي يرى أنه يعبر عن فكره في الوقت الحالي. أنت محسوب على تيار الإسلام السياسي، لكن السلفيين مثلاً يفترض أن مرشحهم حازم صلاح أبو إسماعيل والإخوان المسلمين كل ما صدر عنهم حتى الآن يعني أنهم غير مقتنعين بأي من المرشحين، وفي الوقت نفسه هناك مشكلة أثيرت لفترة بينك وبين الأقباط وأيضاً الليبراليون لا يؤيدونك، على من تراهن؟ - هذا التحليل جيد جداً، لكن لا ينقصه إلا شيء واحد هو أنه قائم على افتراض أن هذه القوى تستطيع أن تُنجح أو تُسقط من تشاء، وهذا ليس صحيحاً، القادرون على الدفع بمرشح إلى هذا المنصب أو حرمانه منه 52 مليون ناخب. هناك تأثير تنظيمي للإخوان المسلمين وللسلفيين، والكنيسة القبطية أيضاً، وأتمنى ألا يكون هذا التنظيم ضدي، لكن ما أفعله دعوة الناس إلى التأمل في البرامج وإلى التأمل في المرشحين. إذا عمل التنظيم الإخواني أو السلفي وإلى حد كبير تنظيم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ضد شخص طبعاً سيؤثر في الأصوات التي ينالها كثيراً، لكن هل يؤدي إلى إسقاطه، أنا أقول لا. ألا ترى أن ترشيح 3 مرشحين بخلفية إسلامية يضرهم جميعاً، ألم يكن من الأفضل الالتفاف حول مرشح واحد، أنت أو الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح أو حازم صلاح أبو إسماعيل؟ - أنا أفرق بين مرحلتين، مرحلة الدعوة إلى الانتخابات وأشعر فيها أن ثلاثة من الإسلاميين أو اثنين من الليبراليين أو خمسة من العلمانيين الأقحاح عدد قليل جداً. أنت تحتاج في هذه المرحلة إلى كل صاحب فكر يعرض فكره بأكبر عدد من الوجوه، لكن قبل التصويت بأيام لا بد أن تتوحد القوى، فالليبراليون يكون لهم مرشح واحد والعلمانيون لهم مرشح واحد والإسلاميون كذلك، وهذا جُهد سابق لأوانه. هل تتوقع عند غلق باب الترشيح انسحاب مرشحين؟ - نعم، إلى يوم الانسحاب سيكون المرشحون أكثر من واحد من التيار الواحد. اعتقد أن من واجب الإسلاميين ومن واجب الليبراليين والعلمانيين أن يزيدوا من مرشحيهم الآن لتصل الفكرة الإسلامية أو الليبرالية إلى كل ركن في مصر وحين يحل وقت التصويت يكون هناك شخص أو شخصين. هل ستبذل جهداً للحصول على أصوات الأقباط أو الإخوان؟ - طبعاً، أبذل هذا الجهد الآن، إذا قدر لي أن أكون رئيساً للجمهورية، فسأكون رئيساً لهم جميعاً، ولا يصح أن يعاديني أحد، قد لا يقبلني لكن لا يعاديني، أعمل الآن على هذا الأمر. الثورة قطعاً أثَّرت على التوازنات الإقليمية في المنطقة وموقع مصر منها، كيف تنظر لهذا التأثير؟ - أرى أن شيئاً مهماً حدث، وهو أنه قد تبين لنا «الخيط الأبيض من الخيط الأسود» بخصوص من يساعدنا ومن لا يساعدنا، هناك دول ساعدتنا ودول مستعدة للمساعدة، وهناك دول تعبر عن رغبتها في المساعدة، لكن هناك ظروف تحول بينها وبين أداء هذه الرغبة أداء عملياً، وهناك دول غير مرتاحة لما يحدث في مصر أصلاً. من الأفضل أن تطرح لنا نماذج لهذه الدول وتلك؟ - لا أريد أن أسمي نماذج كي لا أغضب أحداً، لكن قطعاً هناك دول غير مرتاحة لمصر مثل سورية واليمن؛ لأن ما يجري فيها ينذر بما حدث في مصر، وهم لا يريدون ذلك. هل أثَّرت الثورة سلباً في علاقة مصر بالدول العربية؟ - كان ينبغي أن تكون هذه الفترة من أحسن الفترات في تطوير العلاقات العربية. أنا متطلع بأمل كبير جداً إلى زيارة للمشير طنطاوي للمملكة العربية السعودية، وأدعو بقوة إلى ضرورة إتمام هذه الزيارة في المرحلة الانتقالية، ولا يجب أن ننتظر كي يأتي رئيس منتخب ليبدأ العلاقة من جديد، فالعلاقة مع المملكة العربية السعودية تحديداً علاقة شعبية، كل مصري يحب السعودية، ومن ثم يجب أن تعبر عن هذا الحب الشعبي بزيارة رسمية قوية على مستوى عال جداً، على مستوى من يقوم برئاسة الدولة. أولوية العلاقة مع السعودية هناك اتهامات للسعودية بأنها تشارك في ثورة مضادة أو مستاءة من محاكمة الرئيس المخلوع، وبالتالي ربما يفكر المشير طنطاوي في أنه لو أتم هذه الزيارة قد تشن حملة ضده؟ - المسؤولية التي يتحملها رجل الدولة يجب أن تكون أكبر من هذا، مسؤولية رجل الدولة مسؤولية لا تتعلق بالشارع وكلام الشارع ولا الإشاعات، مسؤولية رجل الدولة هي خدمة الدولة بكل ما يستطيع من قوة، والمشير طنطاوي يتمتع بأنه رجل صلب، عنده صلابة هائلة وعسكرية قديمة متأصلة فيه، وبمقتضى هذه الصلابة والعسكرية ينبغي عليه أن يقدم على مثل هذه الخطوة. أنا لا أقول السعودية فقط، المملكة طبعاً في المقام الأول، لكن هناك مجموعة من الدول العربية لا بد أن تتجدد العلاقات معها. أنا بكل ما استطيع من قوة وفي كل مناسبة أدفع في سبيل إتمام زيارة المشير للسعودية؛ لأن إتمام هذه الزيارة مفيد جداً للشعبين المصري والسعودي وللعلاقة بين الدولتين، وهي علاقة أزلية. أفهم من كلامك أن دولاً ليس من مصلحتها التقارب بين مصر والسعودية؟ - طبعاً هناك دول ليس من مصلحتها التقارب، إسرائيل ليس من مصلحتها التقارب وبعض القيادات الأخرى في بعض الدول التي لها علاقات قوية مع إسرائيل ليس من مصلحتها التقارب، أيضاً هناك المشكلة العربية الإيرانية. إذا جرى التقارب المصري الإيراني، سيحدث تباعد مصري سعودي، وإذا جرى تقارب مصري سعودي، سيحدث تباعد مصري إيراني، ومشروعنا قائم على بناء علاقات كاملة في المنطقة كلها، وهذا لن تستطيع أن تفعله إلا مصر ولن تستطيع أن تبادر إليه أي دولة أخرى. المشير طنطاوي زار السعودية لحضور جنازة ولي العهد الراحل الأمير سلطان بن عبدالعزيز، فماذا يعوق إتمام زيارة رسمية في رأيك؟ - أنا أقصد «زيارة دولة»، ولا شيء يعيقها، لكن هناك مؤسسات دولة مثل وزارة الخارجية لا بد أن تزكي هذه المسألة، وأيضاً المكتب الخاص للمشير الذي يرصد له تحركات العالم ويحضر ملفاته. ورأيي أن المشير لا بد أن يبادر بزيارة للمملكة العربية السعودية على مستوى زيارة دولة لا زيارة شخصية يلتقي خلالها أخيه الملك عبدالله لمدة ساعتين ثم يعود. أريد زيارة تستمر أياماً يرصد فيها ما حدث في المملكة التي أنفقت بلايين أحدثت طفرة سكانية وطفرة عمرانية وطفرة صناعية وحدث أيضاً أن أخفقت مشاريع، لكن ما حدث من تطور في المملكة جدير أن يرى، لأننا سنعيد بناء الدولة على ما وصل إليه العالم وهم حاولوا ذلك، لذلك هذه زيارة مهمة للمملكة في المقام الأول ولباقي الدول العربية أيضاً. العلاقة مع إسرائيل هل ستجلس مع رئيس وزراء إسرائيل إن فزت بالرئاسة؟ - إن أتى إلى مصر في مسألة سياسية أجلس معه مثل رئيس وزراء أي دولة أخرى، لا حساسية في ذلك، هو رئيس وزراء دولة بيننا وبينها معاهدة، إذا كان الأمر يقتضي أن أجلس معه أجلس، وإذا كان يقتضي أن يجلس معه رئيس الوزراء فليكن أو حتى وزير، لكن ليس ضرورياً أن رئيس دولة مصر يجلس مع رئيس وزراء إسرائيل أصلاً. كيف ستعالج ملف معاهدة السلام؟ - هذا الملف يحتاج إلى معالجة جديدة تتطلب دراسة عسكرية واستخباراتية لتقسيم سيناء، لأنه ثبت أن هذا التقسيم لم يؤد إلى حفظ الأمن المصري ولم يؤد إلى حفظ الأمن الإسرائيلي، فلا بد أن يعاد النظر في هذا التقسيم ولا بد أن تكون هناك سيادة كاملة لمصر على أراضيها تمنع وقوع أي جرائم من خلال الحدود، ويجب على إسرائيل أن تحمي نفسها داخل حدودها. أنا ملتزم ألا أوجه لها عدواناً، لكن هي ملتزمة أن تحمي حدودها من الداخل وليس من مصر، لكن هذا الموضوع أكبر من أن يقال فيه رأي نهائي الآن. - العوا .. من ساحات المحاكم إلى دهاليز السياسة