منذ سنوات عدة بدأ الشباب السعودي الالتفات لمتابعة ومشاهدة كرة القدم الأوروبية والعالمية، التي وجد بها متعة لا تضاهيها متعة مشاهدة الكرة المحلية التي كانت مسيطرة على أذهان الشباب في السابق وعلى أحاديثهم ووقتهم. ومع الانفتاح الفضائي، وتحديداً مع بدء انطلاق القنوات الرياضية المتخصصة التي عملت منذ بدء انطلاقها على تقديم «الرياضة العالمية» بشكل مثير ومميز للمشاهد العربي، نجحت في ذلك إلى حد كبير، إذ بدأت في شد انتباه المتابعين الرياضيين في العالم العربي، ونجحت في تحويل اهتمام المشاهد من كرة القدم المحلية التي كانت تنقلها القنوات الرسمية المحلية سابقاً إلى كرة القدم الأوروبية والعالمية الماتعة والأكثر ألقاً ورونقاً وجمالاً وسحراً. وبدأنا نشاهد أخيراً متابعين دائمين لفرق أوروبية مميزة مثل برشلونة بطبيعة الحال وريال مدريد ومانشستر يونايتد وغيرها من الفرق العالمية المحبوبة. وبدأنا نشاهد أيضاً «التعصب» يطل برأسه القبيح على المشهد الرياضي الحديث، إذ بدأنا نرى من ينصّب نفسه متحدثاً للفريق الكاتالوني، ويدافع عن ميسي ورفاقه باستماتة مطلقة، ويتهكم على النادي الملكي ومحبي رونالدو ورفاقه. وآخر يغرد باسم السير فيرغسون ويتغنى بأبنائه وهكذا. وهذه من العادات الجديدة في مجتمع الشباب السعودي الذي لم تعد ثقافته مقتصرة على منافسات الهلال والاتحاد والنصر والأهلي والشباب والاتفاق مثل السابق، وهي ثقافة في رأيي تأسست وتحسب للقنوات الرياضية المتخصصة وتحديداً قنوات «الجزيرة الرياضية» و«أبوظبي الرياضية» وقبلها قنوات «أي آر تي»، التي استطاعت التحليق بالمشاهد العربي نحو آفاق رياضية رحبة لم تكن متوافرة سابقاً، وأعادت تشكيل المشهد الرياضي وثقافة متابعيه. ولم تكتفِ القنوات الرياضية الحديثة بنقل مباريات كرة القدم العالمية فقط، بل تخطت ذلك لنقل ألعاب رياضية أخرى كانت نسياً منسياً، لا يتابعها وربما لا يعرف قوانينها الإ قلة، مثل كرة السلة وكرة اليد وكرة الطائرة والتنس وسباقات الدراجات والسيارات وألعاب القوى وكرة القدم الأميركية والغولف وغيرها من الألعاب الممتعة والمميزة والمحبوبة عالمياً، التي كانت تحظى ومنذ سنوات طويلة بشعبية كبيرة حول العالم ولكن من دون جماهيرية تذكر في عالمنا العربي. واستطاعت القنوات الناقلة أخيراً تقديمها والتعريف بها لدى المشاهد العربي. واليوم تنطلق في أستراليا أولى منافسات بطولات التنس الكبرى «الغراند سلام»، التي تضم بطولات أستراليا المفتوحة، والرولاند غاروس الفرنسية وويمبلدون الإنكليزية وأخيراً بطولة نيويورك الأميركية المفتوحة. وهي بطولات لها متابعون بالملايين حول العالم منذ أكثر من 100 عام، وأسهم الانفتاح الفضائي في ضم المشاهدين العرب لمتابعي هذه اللعبة وهذه البطولات الراقية والمتألقة دوماً بنجومها الكبار من أمثال: رافييل نادال وروجيه فيدرر وديكوفيتش وسونغا وموريه وغيرهم من الأبطال العالميين لهذه اللعبة التي تعد من أكثر الألعاب شعبية. لا شك أن مشاهدة كرة القدم العالمية والمحلية متعة، ولكن مشاهدة ومتابعة منافسات الألعاب الأخرى لا تقل عنها متعة. أما المتعة الأكثر والأمثل فهي تكمن في ممارسة الرياضة بمختلف أنواعها وعدم الاكتفاء فقط بمشاهدتها أمام الشاشات وأكل «الفشار» و«المسليات». [email protected]