«ممنوع الخروج من المنزل، وممنوع أن يكون الموبايل بيد الفتاة ليلاً، وممنوع وضع رقم سري له، أو للحاسب الآلي». قائمة طويلة من الممنوعات التي استحدثتها بعض الأسر، تحت مبرر «الخوف على الفتيات»، فيصبح المتنفس الوحيد لهن المدرسة، فيما تحولت إجازة الصيف إلى «نقمة» لدى بعضهن. وتقول فاطمة عبد المحسن (17سنة): «يُمنع عليّ الخروج من المنزل، لزيارة صديقاتي، وإن حصل ذلك، فهناك شروط، منها ألا يكون لدى صديقاتي إخوة يكبروهن سناً. كما يجب أن يتعرف والدي على والدهن، ويسأل عنهن، وإن لم يتم ذلك، فلا يسعني زيارتهن. وكثيراً ما أُبدي انزعاجي من هذه القوانين المفروضة عليّ. إلا أنه يبرر ذلك بخوفه عليّ، وبأن «الأمان مفقود». لكن فاطمة، ككثيرات من بنات جيلها، ترى أن الدافع «عدم ثقة الآباء في بناتهم»، مضيفة «حين أخبرته بذلك، رفض، وأكد ثقته فيّ وفي أخواتي، وأن كل ما يفعله لا يعدو أن يكون إجراءات احترازية، لحمايتنا مما يدور حولنا، على حد تعبيره». وتؤكد أنها صارت تكره الإجازة، لأن «المدرسة كانت متنفسنا، وهي المكان الوحيد الذي نشعر فيه بوجودنا. أما الإجازة فلا تتعدى أن تكون حبساً في المنزل، أو زيارة الأهل». طالبت منار، والدها «مراراً وتكراراً» بإدخالها دورات صيفية. إلا أن الإجابة دائما تكون «الرفض». وتقول: «يرى والدي أن المكان الوحيد الذي يشعره بالأمان هو المدرسة فقط، لصرامة أنظمتها. أما الأماكن الأخرى، مثل المعاهد وغيرها من المؤسسات التي تقيم دورات صيفية، فلا يعتبرها إلا أماكن لتجمع الفتيات، وتبادل الأحاديث». وتكمل منار واقع حالها وأخواتها، «ما إن نبلغ التاسعة من العمر، حتى تبدأ القيود تُفرض علينا، فلا خروج من المنزل لزيارة صديقاتي، وإن احتجت لدفتر من صديقة، فعلى أمي أن تذهب معي إلى منزل صديقتي. ومكالمات الهاتف محسوبة. حتى اكتشفنا أنه ركب جهاز تسجيل، ليستمع إلى كل ما نقوله عبر الهاتف. أما الموبايل فأصبح من الأحلام، التي لن تتحقق إلا بعد الزواج. ونخشى أن تقع إحدانا في يد زوج لا يختلف عن والدنا. حيث لا خصوصية لنا في أي شيء من أمور حياتنا، والمفر الوحيد هو المدرسة، التي نتمنى أن لا تُغلق أبوابها، حتى لا نعود حبيسات المنزل». وبخلاف فاطمة ومنار، فإن رانيا تجد «كل المجالات مفتوحة» لها في منزلها. إلا أن «المراقبة مشددة»، وعلى حد تعبيرها، «يصيبنا ذلك بالارتباك، حتى لو لم نرتكب خطأ»، مضيفة» الموبايل موجود،إلا أنه لا بد أن يتعرض للتفتيش ليلاً، وأن يبقى طوال الليل في غرفة والدي،وعلى سجل المكالمات أن لا يُمسح،والحاسب الآلي موجود، إلا أنه تم تركيب برامج حماية،لا تفتح إلا مواقع بسيطة محدودة، وكأننا أطفال. فقد بلغت 18 سنة، ولدي أختان أصغر مني، إحداهما تصغرني بسنتين، والأخرى بسنة، أصبحنا لا نطيق استخدام الموبايل أو الحاسب الآلي، لشعورنا بالرقابة المشددة. أما الزيارات، فمسموح بها، لكن بعد السؤال عن أسرة صديقتي، وبعد أن تقوم هي بزيارتنا، وإن ظهرت عليها كلمة واحدة، يرفض أبي وأمي دخولها منزلنا مرة أخرى». وأردفت إن هذا النظام «لا يطبق علينا وحدنا، فحتى إخوتي الأولاد ينطبق عليهم ذلك، ولكن بطرق مختلفة، فغرفهم لا بد أن تخضع للتفتيش، بحثاً عن دليل إدانة، فيما يتعلق بالتدخين ومشتقاته، وعلى أصدقائهم أن يكونوا محط إعجاب والدي وإطرائه، من ناحية الأسلوب، واللبس، وحتى قصة الشعر. إلا أن الشباب لا يتَّبعون أسلوب الصمت، كما تفعل الفتيات. وكثيراً ما تكون هناك مشاجرات بين والدي وإخوتي الشبان، لأن والدي لا يتورع عن التعليق عليهم حتى أمام أصدقائهم. علما بأنهم تجاوزا ال20 من العمر».