فتح تأخر اعتماد مجلس إدارة نادي جدة الأدبي الجديد رسمياً من وزارة الثقافة والإعلام باباً للتكهنات في أوساط مثقفي جدة، فهناك من يرى أن التأخير قد يعني إعادة النظر في الانتخابات التي جرت قبل أكثر من شهر فيما استبعد عدد من المثقفين أن يشهد النادي ما شهدته أندية مثل نادي مكة حين تقررت إعادة تدوير مسؤوليات مجلس إدارته، أو حل مجلس إدارة نادي الشرقية، لكنهم حملوا وكالة الشؤون الثقافية مسؤولية ما يحصل. وأكدوا في استطلاع ل «الحياة» ضرورة تكريس الانتخابات وتعميقها في المجتمع. وبعد أن شهد ناديا مكةوالشرقية تطورات لفتت أنظار المتابعين، توقّع هؤلاء أن يحل بنادي جدة الأمر نفسه، بخاصة أن اعتماده رسمياً من وزارة الثقافة والإعلام لم يتم بعد، على رغم مرور مدة من الزمن منذ انتخابه. وقالت الكاتبة سهام القحطاني إن نادي جدة الأدبي «يختلف عن بقية الأندية الأخرى، لأنه جرت هناك انتخابات وفاز فيها مرشحون، فليست هناك تجاوزات قانونية أحدثها المرشحون كما هي حال الأندية الأخرى، ولم يتولَّ مرشحو مجلس الإدارة مهماتهم حتى يقدموا أعمالاً مخالفة توجب تنحى المجلس عن تولي مهماته، إنما هي طعون مقدمة من بعض الأشخاص وفق آراء شخصية لا تمثل جميع الأعضاء. فلذلك تأخر المجلس الإداري الجديد في تولي مهماته»، مشيرة إلى أن أي نادٍ «يقدم طعوناً ينظر في أمر هذه الطعون لمدة شهر أو شهرين حتى يتم النظر في هذه الطعون». وعبّرت عن تفاؤلها بتجاوز مجلس الإدارة الحالي «الصعاب وتولي مهماته خلال الفترة المقبلة بأكمل وجه». وأكد الكاتب والشاعر أحمد عائل فقيهي ضرورة تكريس الانتخابات وتعميقها في المجتمع، وقال ينبغي أن تكون الانتخابات سمة في الفضاء السعودي ليس على المستوى الثقافي فقط، لأن ثقافة الانتخاب هي تعبير عن مجتمع حضاري ثقافي يعيش لحظة العصر بكل اندفاعاتها وتجليتها»، مشيراً إلى أن انتخابات الأندية الأدبية «مع الأسف الشديد، أفرزت لنا وجوهاً ثقافية لا علاقة لها بالثقافة، والذين تقدموا للصفوف الأولية يمثلون ثقافة تقليدية وأصحاب أيديولوجية وفكر يسعون من خلال هذه الأيديولوجية والفكر لعطاء صبغة جديدة للثقافة السعودية، استناداً إلى الذهنية المغلقة وغير المنفتحة التي يمثلونها». وأضاف إن ما يراه في الانتخابات الأدبية «هو صعود هذه الثقافة التقليدية، وبروز أسماء لا تاريخ ثقافياً لها، وليس لها حضور في المشهد الثقافي السعودي»، لافتاً إلى أنه لم يعد متفائلاً «على رغم أهميتها، نظراً إلى وجود تكتلات أفرزت ما سميته صعود الفكر التقليدي في الأندية الأدبية». وقال الكاتب والقاص محمد المنقري إن ما حدث في نادي جدة الأدبي «في ظاهره عمل ديموقراطي انتخابي، لكن الأسئلة تثار حول طريقة الاقتراح الآلية التي زرعت الشكوك في الأنفس، إضافة إلى غياب المعيارية الدقيقة في اللائحة الأساسية للأندية الأدبية، التي سمحت بدخول أسماء بعيدة عن الفعل الثقافي فأصبحت في الجمعية العمومية، والأدهى اختيارها في مجلس الإدارة!»، مضيفاً أن المشهد السابق «صنعته وكالة الوزارة للشؤون الثقافية التي أقرت لائحة يعتريها الخلل، ثم سمحت لمجلس الإدارة السابق بالتدخل لقبول من يراه مناسباً ومن يستثنيه من أهم المعايير، ثم أهملت تحفيز المرشحين لتقديم برامجهم الانتخابية ليكون العمل شفافاً استناداً إلى الجدارة وليس التكتل المسبق الذي يغلّب المصالح الشخصية على الهاجس الثقافي». وقال إن اللائحة «تسمح بتقديم الطعون وإعادة عمليات الاقتراع كما حدث في نادي مكة، والوزارة تراقب كما حدث في نادي الشرقية، لكن يظل العمل بدائياً ولا يليق ببناء مؤسسات ثقافية مدنية معاصرة إن لم يتم تعديل اللائحة الأساسية، لأن كل عمل يستمد شرعيته منها سيظل ناقصاً يعتريه الخلل ويقبل الطعون والصراع حوله، الأمر الذي يتيح مزيداً من اللغط على حساب المنجز الحقيقي الذي تفتقر إليه الأندية الآن». فيما أوضحت الدكتورة أحلام حادي أن النادي «سيتجاوز هذه الطعون»، معتبرة أن ما يحدث «أمر طبيعي. فأي عمل ديموقراطي سيواجه بهذه العقلية غير المقتنعة بالديموقراطية». وقالت: «أنا متفائلة بأنهم سيقدمون عملاً جديداً ورائعاً على رغم التحديات والمصاعب التي يواجهونها من البعض. وأنا غير حزينة على ذهاب المجلس الإداري السابق لأنه لم يقدم شيئاً كبيراً للمثقفين».