عندما صنع مبرمج باكستاني لعبة إلكترونية قوامها قذف الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش بالأحذية، رفضت شركة «آبل» نشرها ضمن الألعاب في متجرها على الإنترنت، وقالت انه «لا يمكن نشر هذا البرنامج لأنه يستند إلى شخصيات سياسية». لكن هذه اللعبة ظلت منتشرة بكثافة على الإنترنت. وتطورت مع تطور الأحداث في العالم العربي. فصدرت منها نسخ يمكن للاعب فيها ضرب شخصيات مختلفة مثل الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي والرئيس المصري المعزول حسني مبارك والرئيس الليبي المقتول معمر القذافي وغيرهم. التظاهرات الدمشقية ومع ارتفاع حدّة الثورة السورية، ظهرت هذه اللعبة لكن هذه المرة في موقع «ألعاب الثورة السورية»، واللافت أنه جاء على شكل «إهداء من شباب الثورة المصرية للثورة السورية المباركة ومع التمنيات بنجاح الثورة». ففي حين تتفاعل الأحداث في سورية، تنشط على موقع فايسبوك صفحة «سيريا بيغ ريف» syriabigrev في تتبع تحرك الثوار في سورية بطريقة مختلفة. كما يمكن لمن لا يملك صفحة على فايسبوك أن يتعرف إلى هذه الألعاب عبر موقع شبكي مخصّص لها هو «بيغ ريف. ويب باتو.كوم» bigrev.webatu.com، إضافة إلى وجود مقاطع فيديو لهذه الألعاب في موقع «يوتيوب». وتبدو «سيريا بيغ ريف» كأنها جزء من حرب إلكترونية نشطت في الفترة الأخيرة مع ازدهار استخدام وسائل الاتصال الجماهيري في الثورات العربية. كما أن الألعاب التسع التي تتضمنها هذه الصفحة على فايسبوك مُعَدّة كلها بواسطة برنامج «فلاش بلاير» Flash Player. ولا تبدو على درجة عالية من الاحتراف تقنياً. وتشوب اللغة العربية المستخدمة فيها الركاكة. وترتكز لعبة «التظاهرات الدمشقية» على مشاركة اللاعب في التظاهرات، في الشوارع والميادين التي تشير اللعبة إلى أن تحديدها جرى بالاستناد إلى «أحرار الجالية السورية في مصر الحُرّة». يظهر أمام اللاعب على الشاشة شريط أخبار يوضح له مكان التظاهرة التي يجب عليه المشاركة بها، فيتنقل على الخريطة بواسطة الأسهم. وعندما تنطلق اللعبة، يكون لدى اللاعب 3000 متظاهر. كلما عجز عن اللحاق بتظاهرة ما، خسر عشرة منهم، وكلما استطاع اللحاق بالتظاهرة كسب مزيداً من المتظاهرين. وعندما يصل إلى مكان التظاهرة تنطلق في اللعبة أصوات المتظاهرين بهتافات مختلفة أبرزها «الشعب يريد إسقاط النظام». تتألف هذه اللعبة من 6 مراحل، تنتهي أولاها عند وصول المتظاهرين إلى خمسة آلاف، والثانية عند وصولهم إلى 8 آلاف، والثالثة عند وصول عددهم إلى 12 ألفاً، أما المرحلة الرابعة فتنتهي عند 18 ألف متظاهر، والخامسة عند 25 ألفاً. أما المرحلة الأخيرة، فهي تظاهرة موحدة أمام قصر الشعب لإسقاط النظام. في لعبة «التضامن مع جامع الرفاعي- ليلة القدر»، يظهر أن «الشبيحة» والأمن يقتحمون الجامع من الطابق العلوي، ويعتدون على المصلين، ما يضطر بعضهم للقفز من سطحه للنجاة بحياتهم. وتظهر اللعبة أن «الشبيحة» يخربون الجامع وأثاثه، فيرمون مكيّفات الهواء وبرادات مياه الشرب وكل ما يجدونه من أثاث. ويكون على اللاعب مساعدة المصلّين بوضع السجادة ليسقطوا عليها، للتخفيف من إصاباتهم. ويمكنه كسب نقطتين من الطاقة عند التقاطه المصاحف التي يرميها «الشبيحة». ويجب أن يتجنب اللاعب الأغراض المرمية من الطابق العلوي. وتجري اللعبة على وقع هتافات «الله أكبر على الظالم». وتنتهي «لعبة التظاهرة» بارتفاع لافتة «عاشت سورية ويسقط بشار الأسد». وتترافق مع هتاف «رح حرر فلسطين بس اسمعوني... والطوارئ شلته والمحافظ شلته.. والله لجوز الشباب» فيجيب المتظاهرون «إرحل». التضامن مع الفن ترتكز لعبة «التضامن مع الفنان علي فرزات» على مبدأ الأوراق المتشابهة. إذ يجري الضغط على صورة والبحث عما يشبهها. وعند العثور على الصور المتطابقة كلها، يظهر رسم كاريكاتوري لفرزات الذي تعرض لاعتداء خلال الثورة. وتنتقل اللعبة من مرحلة إلى أخرى. فعند الكشف عن الأوراق المتشابهة في أول مرحلة، يجري القضاء على من تسميهم اللعبة «رؤوس النظام» وهم كما يظهرون في الصور بشار الأسد وماهر الأسد ووليد المعلم وبثينة شعبان ورامي مخلوف وغيرهم. وفي المرحلة الثانية، يجري القضاء على ما يسمى «شبيحة الإعلام». أما المرحلة الثالثة، فتتطلب كشف المتطابقات بين صور تصفهم اللعبة ب «العملاء الخارجيين» وهم الشخصيات الذين يساندون الأسد من مسؤولين وقياديين إيرانيين ولبنانيين وعراقيين. تستوحي لعبة «تساقط أعمدة النظام السوري» أجواء لعبة البولينغ. ويحمل كل مجسّم خشبي صورة أحد الأشخاص المذكورين في اللعبة السابقة. ويكون على اللاعب إطلاق الكرة باتجاه «أعمدة النظام الفاسد». لكن هذه اللعبة من الناحية التقنية غير فعالة، فمهما حاول اللاعب فهو لا يصيب الأعمدة! تتضمن لعبة «من سيشنق بشار»؟ عشرين سؤالاً حول السياسات الخاطئة التي يرتكبها النظام السوري، والمدن التي تشهد أحداث الثورة السورية. ووفقاً لنظام هذه اللعبة، فإن الإجابة على ثمانية أسئلة منها تؤهل اللاعب للفوز. ومن الأسئلة التي تطرح: ما هي المدينة التي انطلقت منها الثورة؟ من هي الفنانة التي اعتقلت بسبب مواقفها السياسية؟ ما هي الفرقة الخاصة التي قامت بالمذابح؟ ما هي الجهة التي يحكم من ينتمي إليها بالإعدام؟ ومن هو «الشبيح»؟ من هو الشيخ الذي اتهم زوراً بتأجيج المتظاهرين؟ من هو مفتي النظام ؟ ومهما كان الهدف الذي تسعى إليه هذه الألعاب، فهناك من يجد فيها «فشّة خلق»، وينفس عبرها عن حنقه، بينما يراها البعض ألعاباً صبيانية لا تؤثر في النظام ولا تخيف أنصاره.