استطاع فريق من العلماء البرهنة على وجود ارتباط وثيق بين المعلومات التي يجري البحث عنها في موقع «غوغل» من جهة، وتذبذبات الأسعار الأسبوعية في بورصات تداول الأسهم عالمياً من جهة الاخرى. وأشاروا إلى أن هذا الاكتشاف لن يؤدي إلى زيادة ثراء أحد. ويشتهر سوق الأسهم بنظامه المعقَّد والمتقلِّب. ففي أي أسبوع من التعاملات، قد يبقى سعر أسهم شركة ما على حاله، أو قد يرتفع باطراد، أو ربما ينهار فجأة. ويجهل العلماء أسباب حدوث هذه الأنماط من التقلّبات. وعزا عالِم الفيزياء توبياس برايس من «جامعة يوهانس غوتنبرغ» في مدينة ماينز الألمانية، هذه الأمور إلى أن الناس يقررون شراء الأسهم أو بيعها ليس بمجرد الاستناد إلى دوافع شخصية، إنما بتأثير قرارات الآخرين أيضاً. سلوك جماعي يولّد فوضى يجعل هذا «السلوك الجماعي» سوق الأسهم فوضوياً إلى درجة أن نمط التعاملات خلال أسبوع قد لا يجدي في توقُّع ماذا سيحصل في الأسبوع الذي يليه. ومن أجل توقُّع حركة السوق، لا بد من الحصول على بيانات بشأن ما يجري في عقول الناس قبل اتخاذ قراراتهم المالية. ويكمن أحد مصادر هذه البيانات في إجمالي الحجم الأسبوعي للاستعلامات على الإنترنت، الذي بات متوافراً عبر خدمة اتجاهات البحث المعروفة باسم «غوغل تريندس» Google Trends. قارن الباحثون بقيادة برايس، التقلبات في أسعار الأسهم أسبوعاً تلو الآخر. وجعلوها في مجموعتين من البيانات، تتضمن أحداها عدد المرات الذي يرد فيه اسم شركة مدرجة ضمن مؤشر «ستاندرد أند بورز 500» في عمليات البحث على موقع «غوغل»، وتُظهر الاخرى سعر سهم هذه الشركة وحجم التعاملات به. وقد انصب تركيزهم على ستة أعوام بين 2004 و2010. لن تساهم طبعاً النتائج، التي نُشرت في 15 تشرين الثاني (نوفمبر) في المجلة العلمية الصادرة عن «جمعية لندن الملكية»، في زيادة ثراء أي شخص، إذ ان بيانات «غوغل» لم تتمكن من توقّع التذبذبات الأسبوعية لأسعار الأسهم! بيد أن فريق الباحثين وجد ارتباطاً وثيقاً بين عمليات البحث على شبكة الإنترنت لاسم شركة وحجم تداولها، أي مجموع عدد المرات الذي جرى فيه شراء السهم وبيعه خلال أسبوع محدَّد. على سبيل المثال، إن كان عدد كبير من الناس يبحث عن شركة صناعة الكومبيوترات «إيه بي أم» خلال أسبوع ما، قد نشهد ازدياداً في تداول سهم هذه الشركة خلال الأسبوع الذي يليه. غير أن بيانات «غوغل» لم تتمكن من توقُّع سعره، الذي يحدِّده معدل الأسهم التي تشهد عمليات بيع وشراء. لكن عالم الفيزياء نيل جونسون من «جامعة ميامي» في ولاية فلوريدا، يقول إنه في حال تمكَّن الباحثون من الغوص في أعماق بيانات «غوغل تريندس»، ورؤية أنماط البحث بصورة يومية أو حتى كل ساعة، قد يتمكَّنون من التكهُّن بارتفاع أسعار سهم أو هبوطه. وقد يكونون قادرين حتى على توقُّع حدوث أزمات مالية. ويرى أنها فرصة سانحة لشركة «غوغل» لكي «تتعاون حقاً مع مجموعة أكاديمية في مجالات جديدة». ولكن إن أعدنا النظر في إمكان مساهمة تدفُّق عمليات البحث كل ساعة في توقُّع التبدلات في أسعار الأسهم، قد ترغب «غوغل» في الاحتفاظ بهذه البيانات لنفسها.