ونحن ننظر من نافذة الأيام الأولى من العام الجديد (2012) إلى أيام العام الماضي (2011) محاولين قراءة أحداثه الثقافية وتأمل المشهد الأدبي السعودي، ورسم صورة عامة عنه لا يمكن أن يغيب عنا أنه كان عاماً ساخناً لا ينسى على صعيد الأحداث السياسية على مستوى العالم العربي، لكننا في الوقت ذاته لا بد أن نتذكر تماهياً مع هذه الحالة السياسية الفريدة في تاريخنا العربي، أن عامنا من الزاوية الثقافية كان عاماً ساخناً أيضاً. عام نحسب فيه الخسارات ونحصي الراحلين حتى نكاد نسميه عام الرحيل! ونحسب فيه المكاسب والإضافات حتى نكاد نسمه بعام ديموقراطية الثقافة، لأن سنة من مشهدنا الثقافي الحديث طغى فيها ما كنا نلوكه في سنوات كثيرة مضت حول انتخابات الأندية الأدبية. عام ساخن برغم ما تعودناه من رتابة على مستوى فعاليات الأدب والثقافة والفنون، فجمعيات الثقافة والفنون، وإن حضرت بمهرجانات مسرحية، إلا أن ما يطفو على السطح منها دائماً هو شماعتها المتكررة التي لا ينفك مسؤولوها عن تعليق كل شيء عليها: ضعف الدعم المادي!. كما أن معظم نشاطات الأندية الأدبية جاءت رتيبة كالمعتاد بأمسياتها ومحاضراتها وحتى بملتقياتها، حتى قبل أن تثير وزارة الثقافة النقع بإقامة (ملتقى المثقفين الثاني) الذي اختتم قبل أيام مكرراً توصيات الملتقى السابق، على رغم أن وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة استبق فعالياته بإعادة جائزة الدولة التقديرية للأدب وسنّ جوائز أخرى للكتب. وكان نائبه الدكتور عبدالله الجاسر قد رمى الكرة في ملعب المثقفين إبان وكالته للشؤون الثقافية بداية العام فكلف الأندية الأدبية، أثناء حفلة تدشين السجل العلمي لمؤتمر الأدباء السعوديين الثالث بإقامة المؤتمر الرابع للأدباء السعوديين آخر العام، وهو ما لم يتحقق!. وعلى ذات الخطى وجّه وكيل الشؤون الثقافية الجديد الدكتور ناصر الحجيلان بإقامة ملتقى للأندية الأدبية بداية العام الدراسي، وهو ما لم يتم أيضاً. وبرغم أن الحدث الثقافي الأبرز على خريطة الثقافة السعودية كل عام هو معرض الرياض الدولي للكتاب الذي يقلب بوصلة الثقافة السعودية نحو العاصمة الرياض على مدى 10 أيام من شهر (آذار) مارس إلا أن عودة خادم الحرمين الشريفين من رحلته العلاجية شكلت منعطفاً مهماً في الثقافة السعودية، وذلك بأمره السامي الذي ضخ فيه 10 ملايين ريال في حساب كل ناد أدبي وكل جمعية نوعية من جمعيات الثقافة والفنون. وكما أسلفنا (ثقافياً) يمكن عدّ العام عام الرحيل، وبخاصة عندما نتذكر رواداً رحلوا عن دنيانا. عام من الخسارات لا تكفي عجالة تقرير صحافي أن تلم نثاراته الحزينة، لكنه من الجانب الآخر للصورة، وحتى لا نغرق في التشاؤم والحزن، عام ديموقراطي بامتياز، بل ويمكن فصله زمنياً لمرحلتين، بعد أن استحوذت انتخابات الأندية الأدبية على شهوره: فترة ما قبل انطلاق الانتخابات، وفترة ما بعدها. إذ سيطرت تداعيات لائحة الأندية الأدبية والتجهيز لانتخاباتها على شهور أول العام الستة تماماً... وعلى رغم أن الانتخابات كانت مطلب المثقفين والأدباء الملحّ منذ عقود طويلة، إلا هذه المطالبات تحولت وبالاً على كثير منهم، نتيجة ما أفرزته من دخول أطياف جديدة لجمعيات الأندية العمومية في هجين متنوع من أكاديميين وتربيون ومعلمين، ما شكّل صدمة للمثقفين المنفتحين الذين ظنوا أن المشهد الأدبي سيظل حكراً عليهم، وإن وجه البعض اللوم في ذلك إلى المجالس السابقة، التي قام بعضها بتشديد الشروط وقصرها على أصحاب التخصصات اللغوية والأدبية، أو فتحها للتخصصات كافة... ويبدو أننا في انتظار عواصف أخرى في سقوط المجالس الجديدة بدأت بوادرها بإلغاء جمعية نادي الشرقية، وأنباء عن تغييرات في مجلس إدارة نادي مكة. ويأبى العام ألا ينتهي إلا بحدث كبير في اسمه، قليل في الفائدة المرجوة منه، تمثل في إقامة ملتقى المثقفين الثاني الذي ما تزال تداعياته تملأ مواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت هي قناة وصوت الجميع، منبئاً عن (إعلام جديد) اكتفى فيها الإعلام (التقليدي) بملاحقة ما يحدث في جنباته من نقاشات وتغريدات وصراعات. ونستعرض هنا أهم أحداث المشهد الثقافي السعودي لعام 2011: كانون الثاني (يناير): رحيل الفنان التشكيلي محمد سيام قبل تنظيم معرضه الفني الشخصي الخامس في جدة. رحيل أحد أبرز وجوه الحداثة الشعرية السعودية الشاعر محمد الثبيتي بعد غيبوبة استمرت أكثر من عامين. رحيل أول رئيس لنادي المنطقة الشرقية الأدبي الأديب عبدالرحمن العبيد، والذي يعد أحد مؤرخي المنطقة الشرقية ومدوني بداياتها الأدبية. مساعد وزير الإعلام الدكتور عبدالله الجاسر يدشن السجل العلمي لمؤتمر الأدباء السعوديين الثالث في النادي الأدبي بالرياض الأدبي، ويكلف الأندية الأدبية بتنظيم المؤتمر الرابع ليعقد نهاية العام! شباط (فبراير): جمعية الثقافة والفنون بالدمام تنظم الدورة الثامنة من مهرجان العروض المسرحية القصيرة بمشاركة 15 عرضاًً مسرحياً. وكالة وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية تنظم بالتعاون مع الجمعية السعودية للكاريكاتير والرسوم المتحركة معرض فن الكاريكاتير. آذار (مارس): انطلاق فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب، بمشاركة أكثر من 900 دار نشر محلية وعربية ودولية. الكاتبة سلوى العضيدان ترفع دعوى أمام وزارة الإعلام (لم يحكم فيها بعد) متهمة الداعية الشيخ عائض القرني بسرقة كتابها «هكذا هزموا اليأس» في كتابه الجديد «لا تيأس». الروائية رجاء عالم تفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية 2011 (بوكر العربية) عن روايتها «طوق الحمام»، مناصفة مع الروائي المغربي محمد الأشعري عن روايته «القوس والفراشة». الشاعر السعودي حسن الربيح يفوز بالمركز الأول في مسابقة جائزة الشارقة للإبداع العربي في دورته الرابعة عشرة. المسرحي عبد العزيز السماعيل مديراً عاماً للجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون. الباحث الدكتور سعد الصويان يعرض مكتبته الخاصة للبيع، وتضم المكتبة المنتقاة آلاف الكتب والمعاجم والمراجع النادرة. نيسان (إبريل): النادي الأدبي والثقافي بجدة ينظم ملتقى قراءة النص الحادي عشر، تحت محور «اللغة والإنسان». رحيل ذاكرة جدة وقلبها النابض محمد صادق دياب، وكان قد أصدر للتو روايته (مقام حجاز). أيار (مايو): وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة يعتمد اللائحة الأساسية واللائحة المالية واللائحة الانتخابية للأندية الأدبية. رحيل صاحب كتاب (التيارات الأدبية في المملكة العربية السعودية) الناقد والأديب عبدالله عبدالجبار، أحد أهم الأصوات النقدية السعودية. صدور قرار مجلس الوزراء بتعيين الدكتور ناصر الحجيلان وكيلاً لوزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية. مرض الشاعرة فوزية أبو خالد، والنادي الأدبي بالرياض يقيم ليلة مفتوحة حول تجربتها. رحيل الأديب المؤرخ عبدالله بن خميس، أحد الرموز الأدبية الكبيرة. حزيران (يونيو): جمعية الثقافة والفنون بالأحساء تنظم الدورة الثانية من مهرجان الأحساء المسرحي. الروائي يوسف المحيميد يفوز بجائزة أبي القاسم الشابي للرواية العربية بدورتها الرابعة والعشرين عن روايته «الحمام لا يطير في بريدة» من بين 130 رواية عربية منافسة. قطار الانتخابات الأدبية ينطلق من نادي مكة الثقافي والأدبي، وأول مشاركة للمرأة في إدارة مجالس الأندية الأدبية. تموز (يوليو): حجب جائزتي «شاعر عكاظ» و «شاعر شباب عكاظ» لدورة هذا العام من مهرجان سوق عكاظ. رحيل رئيس تحرير مجلة الشرق الأسبق، ورئيس القسم الثقافي في «اليوم» لسنوات عدة. الصحافي شاكر الشيخ. آب (أغسطس): أرامكو السعودية تطلق فعاليات لافتة في شهر رمضان. رحيل الشاعر الغنائي الأمير محمد العبدالله الفيصل. أكثر من 100 فنان وفنانة تشكيلية يوثقون الحياة الحجازية القديمة بالريشة في معرض فني في سوق تجاري. أيلول (سبتمبر): رحيل أحد رواد الصحافة في المنطقة الشرقية الأديب يوسف الشيخ يعقوب عن عمر ناهز الثمانين عاماً. مثقفون يطالبون وكالة الثقافة بعدم التدخل في سير الانتخابات. مهرجان سوق عكاظ ينطلق بمشاركة عربية لافتة، وخطى المهرجان تزداد رسوخاً. تشرين الاول (اكتوبر): جائزة كتاب العام: في أدبي الرياض تذهب إلى عبدالعزيز العقيل وسعود الحسين عن تحقيق كتاب «ما يُعوّل عليه في المضاف والمضاف إليه». النادي الأدبي بالشرقية يقيم ملتقى دارين الثقافي الأول عن المجلات الثقافية. ملتقى الفنون البصرية لدول مجلس التعاون الخليجي ينطلق في جدة. وزارة الثقافة تقيم الملتقى الدولي لثقافة الطفل. تشرين الثاني (نوفمبر): مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ينظم جلسات حول «الخطاب الثقافي السعودي: الإصلاح والتطوير في المجتمع السعودي». مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تدشن الإصدار الأول من موسوعة المملكة العربية السعودية باللغة العربية، وتضم الموسوعة 20 مجلداً عن مناطق المملكة. كانون الاول (ديسمبر): رحيل سادن الأساطير الأديب عبدالكريم الجهيمان عن عمر يناهز المئة عام قضاها في ميادين الصحافة والتعليم وتأليف موسوعات عن الأمثال والأساطير في المملكة. الإعلامي تركي الدخيل ينشر كتاباً فارغ الصفحات يثير سخط متابعين. وزارة الثقافة تقيم ملتقى المثقفين الثاني، وكاتب صحافي يثير لغطاً حول الاختلاط في فندق الملتقى، تبعها تهديد برفع مثقفين دعاوى قذف ضده.