اتجهت الانتخابات الرئاسية التمهيدية للحزب الجمهوري، بعد معركة أولى ساخنة في ولاية أيوا شهدت فوز ميت رومني بفارق ثماني أصوات فقط أمام «المفاجأة» ريك سانتوروم، إلى مبارزة مفتوحة بين القاعدة اليمينية والمؤسسة الحزبية للمحافظين. وعكس ذلك تشتت الناخبين الجمهوريين، وعدم وجود قناعة كافية برومني كمنافس للرئيس الديموقراطي باراك أوباما الذي علق مسؤولو حملته على نتائج جولة أيوا بأنها «مثلت انتصاراً للمرشحين المتطرفين». ونال رومني، الحاكم السابق لماساشوستس، 30015 صوتاً في اقتراع أيوا، في مقابل 30007 أصوات لمنافسه سانتوروم، السناتور المحافظ السابق عن ولاية بنسلفانيا، ما شكل مفاجأة كبيرة، خصوصاً أن موازنة حملة الأخير أدنى سبعة أضعاف من موازنة رومني البالغة في الولاية 4 ملايين دولار. وأظهر صعود سانتوروم عدم اقتناع القاعدة الحزبية، خصوصاً الانجيليين، برصيد رومني الذي ينتمي الى طائفة المورمون ويعرف بمواقفه المتقلبة في شأن القضايا الاجتماعية. وأعطت هذه القاعدة أفضلية لسانتوروم، المتشدد في آرائه السياسية والاجتماعية والخارجية، أمام باقي مرشحي القاعدة اليمينية، وبينهم ميشيل باكمان التي انسحبت من السباق أمس، وريك بيري حاكم ولاية تكساس الذي لا يستبعد خروجه قريباً، على رغم تأكيده الاستمرار حالياً. وهكذا، أعادت ولاية أيوا رسم صورة انتخابات الرئاسة الأميركية بعدما توجت أوباما عام 2008، وذلك قبل بلوغ قطار المنافسة ولاية نيو هامبشير الثلثاء المقبل، ثم الانتقال الى ولايات جنوبية. وترجح استطلاعات الرأي فوز رومني بفارق يتجاوز 20 في المئة عن باقي المرشحين في ولاية نيو هامبشير. ووضعت النتائج القاعدة اليمينية الممثلة بسانتوروم في مواجهة مباشرة مع المؤسسة الحزبية التي تدعم رومني. ولفت إعلان السناتور جون ماكين دعمه لرومني أمس، على غرار ما فعلت شخصيات بارزة أخرى في الحزب، مثل الرئيس السابق جورج بوش الأب والمرشح السابق بوب دول. لكن الدعم والتفوق المالي واللوجيستي قد لا يكفي لحصد رومني فوزاً سريعاً بلقب المرشح الجمهوري، إذ سيساعد انسحاب باكمان في توحيد الصوت الانجيلي بعض الشيئ لحساب سانتوروم، وسيطرح علامة استفهام حول حظوظ رومني في ولايتي كارولينا الجنوبية وفلوريدا، حيث تتمتع حركة «حزب الشاي» بقاعدة كبيرة. الى ذلك، عكس تصويت الناخبين تصدر الشأن الاقتصادي هموم الرأي العام، وفي مقدمها قضايا البطالة التي تبلغ نسبتها 8.7 في المئة، وعجز الموازنة. أما على الصعيد الخارجي فحاول كل من رومني وسانتوروم مخاطبة القاعدة اليمينة وتأكيد أنهما سيعملان لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي. ولفت التأييد الذي حصده المرشح الليبرتاري رون بول وحلوله في المركز الثالث، بفضل دعم شبابي وأجندة انتخابية تدعو الى إنهاء الحرب في أفغانستان، والتركيز على الداخل. ويأمل الديموقراطيون وحملة أوباما تحديداً بمعركة جمهورية طويلة على اللقب تساهم في إضعاف رومني في حال فوزه لاحقاً، وبتشرذم الصوت الجمهوري بين اليمين والمعتدلين.