أثار مقتل 35 قروياً كردياً في غارة شنتها طائرات للجيش التركي على منطقة الحدود الجنوبية مع العراق، صدمة وغضباً شديدين لدى الأوساط السياسية الكردية في الداخل، وألقى بظلاله على مساعي حكومة رجب طيب أردوغان لحل القضية الكردية سلماً، ما دفع حسين تشليك، نائب رئيس حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، الى ابداء «أسف الحزب الشديد وحزنه العميق» لسقوط الضحايا. ولمّح الى ارتكاب «خطأ في تحديد هوية المستهدَفين، وهم مهربون للسجائر والمازوت وليسوا ارهابيين»، اي مقاتلين من «حزب العمال الكردستاني». على صعيد آخر، أعلن الرئيس عبدالله غل أنه لا يفكر في العودة الى السياسة بعد انتهاء ولايته، ما يزيل تكهنات باحتمال تبادله المناصب مع أردوغان على الطريقة الروسية، علما أن مقربين من أردوغان يؤكدون عزمه الترشح للرئاسة. واعتبر النائب عن حزب «المجتمع الديموقراطي الكردي» المعارض حسيب قبلان أن الغارة التركية «أكدت تطبيق الحكومة نهج الحل الأمني فقط للقضية الكردية، واعتمادها التصعيد أخيراً بعد اعتقال مئات من ناشطي الحزب وسياسييه وصحافيين اكراد بتهمة دعم الارهاب. كما كثف الجيش عملياته ضد عناصر «حزب العمال الكردستاني»، وقتل عشرات منهم بينهم قادة بارزون خلال الشهر الجاري». وزادت الغارة حساسية موقف انقرة من القضية الكردية، والذي اختبرته البرلمانية الكردية ليلى زانا قبل يومين بقولها إن «الحكم الذاتي لن يكفي الأكراد في تركيا، والذين يحتاجون الى دولة مستقلة». وأثار ذلك عاصفة غضب لدى أحزاب المعارضة ولدى الحكومة التي تشير مصادرها الى نية أردوغان تسوية القضية الكردية من خلال إعداد دستور جديد وعد بأن يبصر النور في صيف 2012، ويتوقع أن يؤسس لحكم إداري ذاتي للأكراد في مناطق يشكلون غالبية فيها. الى ذلك، انشغلت تركيا بالسجال الخاص بمدة ولاية الرئيس غل، بعد استبعاده في مقابلة صحافية، عودته الى السياسة اثر انتهاء ولايته «غير المحسومة قانونياً» بين عامي 2012 و2014، وإغلاقه بالتالي باب التكهنات باحتمال تبادله المناصب مع رئيس الوزراء اردوغان على الطريقة الروسية. وتصر المعارضة على أن فترة حكم غل هي خمس سنوات، تنتهي العام المقبل وتلحظ امكان تجديدها، فيما يرى أردوغان أن قانون الدستور الجديد سيُطبق على الرئيس المقبل، وإن غل يجب أن يحكم لسبع سنوات تنتهي عام 2014 من دون تجديد. ورأت المعارضة ان هدف تصريحات غل هو الضغط على اردوغان من خلال تلميحه بترك الحزب الحاكم في حال تولي الأخير الرئاسة، ما يهدد الحزب بالانقسام والاندثار، علماً ان تصريحات غل عكست افساحه في المجال امام وزير الخارجية أحمد داود أوغلو لشغل منصب رئيس الوزراء عام 2014. ورجحت مصادر مقربة من غل تفكيره في شغل منصب بارز في مؤسسة دولية، اذا لم تسنح له فرصة الترشح لولاية ثانية.