جدد حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا ثقته بزعيمه رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان لثلاث سنوات، ستكون آخر أعوام حكمه للحزب وفق نظامه الداخلي. وحصل أردوغان وقائمة المكتب التنفيذي التي اختارها بمفرده من دون تدخل من أحد، والمؤلفة من 50 شخصاً، على أصوات 1421 عضواً من أصل 1424، اذ اعتُبرت 3 أصوات لاغية، أي أن أردوغان فاز بنسبة 99.99 في المئة، في سباق لم ينافسه عليه أحد، وهذا كان مثار انتقاد ساسة في المعارضة وإعلاميين ومحللين يساريين، شكّكوا في قدرة الحزب على دفع الديموقراطية في تركيا، فيما يفتقدها داخلياً ويخضع لسلطة قائد أوحد يختار فريقه، بحيث أن أعضاء المكتب التنفيذي الذين اختارهم أردوغان، لم يعرفوا بذلك إلا عندما قدّم رئيس الوزراء القائمة للترشح في المؤتمر. وأشار معظم المراقبين الأتراك الى أن خطاب أردوغان تضمّن رسائل مكررة ولم يأتِ بجديد، أو على الأقل كان دون التوقعات التي كانت تنتظر منه مفاجآت قوية، خصوصاً في ما يتعلق بمستقبله السياسي بعد انتهاء فترة زعامته للحزب، وفي ما يتّصل بخليفته أو حتى الملف الكردي. وفي هذا الشأن تحديداً، كتب جنكيز شاندار أن أردوغان لم يلفظ كلمة كردي، حتى وهو يحيي ضيفه مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان العراق، ولم يقدّم جديداً للأكراد في خطابه. واعتبر الكاتب قدري غورسال أن أردوغان «أدرك أن عليه أن يختار بين حلم توليه رئاسة الجمهورية، وتسوية القضية الكردية، اذ إن حلّ تلك القضية قد يُقحمه في مشاكل تحرمه الرئاسة، واختار أردوغان الرئاسة على حلّ القضية الكردية التي ستبقى على حالها، خصوصاً مع التهاب الملف السوري». أما المعلّق سميح إدز فانتقد إهمال أردوغان الحديث عن الاتحاد الأوروبي، لافتاً الى أن الأخير قال إن لدى حزبه رؤية استراتيجية لتركيا حتى العام 2071، لكن هذه الاستراتيجية لا تتضمّن الانضمام الى الاتحاد. وانتقد حزب «الحركة القومية» دعوة بارزاني إلى حضور المؤتمر وإلقاءه خطاباً باللغة الكردية واهتمام أردوغان به، اذ تساءل النائب أوكتاي فورال: «ماذا قدّم لنا بارزاني ليلقى كلّ تلك الحفاوة؟ أليس هو من يقدّم دعماً لوجستياً لحزب العمال الكردستاني، ويرفض طردهم من شمال العراق؟». إقليمي أم عالمي؟ واعتبر كتّاب أن مؤتمر «العدالة والتنمية» تحوّل اجتماعاً إقليمياً لجماعات الإخوان المسلمين في المنطقة، في حضور الرئيس المصري محمد مرسي ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل وزعيم حزب «النهضة» في تونس راشد الغنوشي. ورأى شاندار أن أردوغان أراد أن يُظهر أحد مصادر قوة حزبه، وهو علاقته القوية مع «الاخوان» في المنطقة. لكن الصحف المؤيدة للحكومة اعتبرت أن حضور حوالى مئة ضيف أجنبي، كان عامل قوة للمؤتمر، الذي تحوّل مؤتمراً إقليمياً أو عالمياً، وليس فقط مؤتمراً حزبياً، كما كتب مصطفى قره على أوغلو رئيس تحرير صحيفة «ستار»، الذي اعتبر أن الدولة والحزب أصبحا متداخلين لدرجة أن أردوغان بات يتحدث عن مستقبل تركيا، من دون أي قلق من أن حزبه قد يترك القيادة يوماً. وتجاهلت الصحف المقربة من الحزب مَنْعَه عدداً من وسائل إعلام المعارضة، من حضور المؤتمر، فيما ركّزت الصحف الليبرالية على ذلك، مُتهمة أردوغان بممارسة أساليب «قمعية» كان يستخدمها الجيش ضد معارضيه من الصحافيين. الى ذلك، افتتح الرئيس عبدالله غل دورة جديدة للبرلمان الذي بدأ عمله بالنظر في طلب الحكومة تجديد الإذن لها بشنّ الجيش غارات عسكرية على مواقع «حزب العمال الكردستاني» في شمال العراق.