استؤنفت أمس محاكمة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك وابنيه علاء وجمال ووزير داخليته حبيب العادلي وستة من كبار مساعديه، أمام محكمة جنايات القاهرة بتهم قتل متظاهرين والفساد، بعد توقف دام شهرين، لكن مبارك ظل على حاله السابق وظهر داخل المحكمة على سريره الطبي يجاوره ابناه، فيما كان العادلي ومساعدوه في جانب بعيد داخل القفص. وقررت المحكمة إرجاء القضية حتى الاثنين المقبل، بعدما شدد المدعون بالحق المدني على ضرورة حضور رئيس أركان الجيش الفريق سامي عنان للاستماع إلى شهادته التي كانت المحكمة طلبتها قبل توقف جلساتها لشهرين خلال نظر قضية لرد رئيس المحكمة المستشار أحمد رفعت، فيما طالبت هيئة الدفاع عن مبارك بالاكتفاء بسماع شهود الإثبات وأبدت استعدادها للمرافعة. لكن المحكمة لم توضح إجراءات الجلسة المقبلة. وقال منسق هيئة المدعين بالحق المدني محامي «الإخوان المسلمين» عبدالمنعم عبدالمقصود إن «قرار الإرجاء شابه الغموض، فالمحكمة لم توضح لنا ماذا سيحدث في الجلسة المقبلة، كما أنها لم تفصل في طلبنا الاستماع إلى شهادة سامي عنان، ولم تفصل في مسألة استكمال شهادات شهود الإثبات من عدمه». وأشار إلى أن «الأمر سيتضح في الجلسة المقبلة»، موضحاً أنه «في حال اكتفت المحكمة بالاستماع إلى شهود الإثبات سيتم إرجاء القضية إلى جلسة جديدة للاستماع إلى مرافعة النيابة وبعدها الاستماع إلى مرافعة هيئة المدعين بالحق المدني وأخيراً الدفاع عن المتهمين، وإذا لم يحصل ذلك وواصلت المحكمة الاستماع إلى الشهود سيطول أمد القضية». وكانت جلسة أمس شهدت تنازل معظم أعضاء هيئة الدفاع عن المتهمين عن سماع أقوال بقية شهود الإثبات الواردة أسماؤهم في قائمة أدلة الثبوت التي أعدتها النيابة العامة والتي تضم عشرات من ضباط الشرطة وأطباء في الطب الشرعي، مؤكدين استعدادهم للمرافعات الختامية في القضية. وكلفت المحكمة النيابة العامة بمخاطبة اتحاد الإذاعة والتلفزيون الرسمي لندب خبراء فنيين لفحص مجموعة من الشرائط المصورة الموجودة ضمن الأدلة لمعرفة ما إذا كان تم محو محتوياتها عمداً، وإمكان استرجاع البيانات التي تتضمنها تلك الشرائط التي تتضمن لقطات مصورة لأحداث الثورة. كما كلفتها تقديم الكشوف النهائية للمتوفين والمصابين منذ 25 كانون الثاني (يناير) الماضي وكل التحقيقات في هذا الشأن، بعد استنكار محامين ورود أسماء عدد محدود من القتلى والمصابين في القضية. واستهلت المحكمة الجلسة بإثبات حضور مبارك الذي دخل قفص الاتهام على سرير طبي كعادته منذ بدء المحاكمة، ونجليه جمال وعلاء والعادلي وقادة الداخلية المتهمين في وقائع قتل المتظاهرين. وغاب عن الجلسة صديق مبارك رجل الأعمال حسين سالم المحتجز في إسبانيا منذ شهور على ذمة قضية تبييض أموال هناك. وأشارت وكالة «رويترز» إلى أن محاميين عن مدير الأمن العام السابق اللواء عدلي فايد ومدير أمن القاهرة السابق اللواء إسماعيل الشاعر طلبا خلال الجلسة ضم تحقيقات النيابة العامة في القضايا التي سقط خلالها قتلى ومصابون في اشتباكات بين محتجين وقوات الشرطة والجيش منذ سقوط مبارك. ولم يوضح المحاميان سبب الطلب، لكن كامل مندور المحامي عن مصابين وأسر قتلى قال إن «الغرض الرئيس من هذا الطلب هو إثبات أن هناك طرفاً ثالثاً قام بقتل وإصابة المتظاهرين منذ يوم 25 يناير حتى الآن». وأضاف أن «دفاع المتهمين استغل ترديد عبارة طرف ثالث لإثبات براءة موكليه». وطلب محامون شهادات عدد من قيادات المخابرات العامة والجيش ووزارة الداخلية السابقين والحاليين لصلتهم بالأحداث، بينهم القائد السابق للحرس الجمهوري اللواء نجيب محمد عبدالسلام الذي يقول محام إن مبارك أمره بنشر قواته حول مبنى الإذاعة والتلفزيون خلال الاحتجاجات. وقال المحامي محمد الجندي: «نريد أن نعرف ما هي الأوامر التي صدرت لعبد السلام من مبارك. هل كانت أوامر باستخدام القوة ضد المحتجين أم مجرد حماية مبنى التلفزيون»؟ وطلب المحامون أيضاً شهادة مصطفى عبد النبي الرئيس السابق لهيئة الأمن القومي واللواء حمدي بدين قائد الشرطة العسكرية. ولم تعلن المحكمة رأيها في الطلبات لكن بإمكانها أن ترد عليها في جلسة مقبلة. وشدد المحامي العام الأول لنيابة استئناف القاهرة المستشار مصطفى سليمان على أن النيابة لم تقصر في التحقيقات في شأن أعداد القتلى والجرحى في أعقاب الثورة، مشيراً إلى أن «بعض المصابين أو أسر القتلى لم تتقدم ببلاغات رسمية لإثبات الضرر الواقع عليها، والنيابة العامة كانت تباشر تباعاً التحقيق في كل البلاغات التي ترد إليها في شأن وقوع حالات قتل أو إصابات في أيام الثورة الأولى، وأحالتها على المحكمة، مشيراً إلى أن إجمالي القتلى الذين جرت في شأنهم عملية التحقيق بلغ 199 قتيلاً، إلى جانب 1325 مصاباً». وقتل نحو 850 شخصاً وأصيب أكثر من ستة آلاف خلال الانتفاضة التي استمرت 18 يوماً.