حسمت محكمة جنايات القاهرة التي يمثل أمامها الرئيس السابق حسني مبارك ونجلاه للمحاكمة بشأن اتهامات تتعلق ب «الفساد وقتل المتظاهرين»، الجدل حول استدعاء رئيس أركان الجيش سامي عنان، وقررت أمس الاكتفاء بما استمعت إليه من شهادات الشهود، وأمرت بالبدء على الفور في مرافعة النيابة العامة اليوم (الثلثاء) وعلى مدى ثلاثة أيام متتالية تعقبها مرافعة الدفاع عن المدعين بالحق المدني والمتهمين. ويُظهر هذا الإسراع في ملف القضية أن المحكمة ربما تكون عازمة على الانتهاء مما يوصف في مصر ب «محاكمة القرن» في أقرب وقت ممكن، إذ إنه بهذا القرار من المتوقع أن يكون الفصل في القضية قبل نهاية الشهر الجاري (من إمكان تأخره لأسابيع). وانتقدت هيئة الدفاع عن المدعين بالحق المدني ما وصفته ب «تسرع المحكمة»، كما أثار قرار الهيئة القضائية استياء أسر الشهداء والمصابين الذين هددوا بالقصاص من مبارك في حال تبرئته. واعتبر منسّق الدفاع عبدالمنعم عبدالمقصود أن القرار بالبدء في مرافعة النيابة «مثَّل مفاجأة لنا»، وقال ل «الحياة»: «كنا نطالب بسرعة المحاكمة والعدالة الناجزة وليس تسرعاً يخل بإجراءات المحاكمة». وأوضح: «طالبنا بقائمة لشهادت شهود إثبات من بينها الفريق سامي عنان، لكن المحكمة تنازلت عنها من دون إبداء أسباب». وأشار إلى أنها المرة الأولى التي تطالب المحكمة باستدعاء شاهد (سامي عنان) ثم تتراجع عنه، لافتاً إلى أنه كان هناك اتفاق بين هيئة الدفاع عن المتهمين والمدعين بالحق المدني على ضرورة استدعاء رئيس أركان الجيش. وتوقّع عبدالمقصود أنه وفق الجدول الزمني الذي حددته المحكمة، فإن من الممكن أن يصدر الحكم قبل 25 كانون الثاني (يناير) المقبل. وأيّدت مصادر قضائية تحدثت إلى «الحياة» تكهنات عبدالمقصود وقالت إنها لو صحّت فإن ذلك سيكون بمثابة محاولة لتهدئة الأجواء التي تترقب بمزيج من الخوف والريبة الذكرى الأولى للثورة المصرية التي أطاحت النظام السابق، خصوصاً مع ترويج المؤسسة العسكرية وبعض المقربين منها لمخاوف من «أعمال عنف ومساع لحرق مؤسسات حكومية» في هذا اليوم، الأمر الذي رفضته ائتلافات شبابية اعتبرت أنها محاولات «لإثناء الشعب عن المشاركة» في تظاهرات ذكرى الثورة. وأوضحت مصادر قضائية أن مرافعة النيابة التي تنطلق في جلسة اليوم ستركز في مذكرة الاتهامات التي أحيل بمقتضاها مبارك ونجلاه علاء وجمال على المحاكمة والتي تضم اتهام الرئيس السابق بإعطاء أوامر بقتل المتظاهرين، إضافة إلى تضخم الثروة واتهامات أخرى تتعلق بقضية تصدير الغاز إلى إسرائيل، فيما وجهت اتهامات إلى نجليه (علاء وجمال) باستغلال النفوذ في قبول عطايا مالية وتضخم الثورة. وأشارت إلى أن النيابة ستركز في كيفية إحكام الاتهامات على المتهمين ودرء أي محاولات لدفاع المتهمين لنفيها. وأوضحت المصادر ل «الحياة» أن النيابة ستطلب في نهاية مرافعتها المقرر لها الخميس المقبل، أقصى عقوبة في حق المتهمين التي تقضي وفق القانون المصري بالإعدام على الرئيس السابق ووزير الداخلية حبيب العادلي حيث إنهما متهمان بالاشتراك والتحريض على قتل المتظاهرين، فيما سيكون طلب السجن المشدد من نصيب علاء وجمال مبارك. ولم تشهد جلسة أمس التي استمرت لأقل من ساعة أي «مشاحنات جانبية أو فوضى»، على عكس جلسات سابقة باستثناء انقسام المحامين حول سير الدعوى القضائية. وعندما سأل رئيس المحكمة المستشار أحمد رفعت عن مدى الاستعداد لبدء جلسات المرافعة التي تسبق النطق بالحكم، أبدى غالبية أعضاء هيئة الدفاع عن المتهمين استعداداً لبدء المرافعة، وهو الأمر الذي أيّده ممثل النيابة المستشار مصطفى سليمان وهو المحامي العام الأول لنيابة استئناف القاهرة أيضاً، فيما طالب المحامي عن حبيب العادلي من المحكمة ضم بيان في شأن أعداد المصابين والمتوفين منذ يوم 25 كانون الثاني (يناير) على أن يتضمن ذلك البيان المواقع التي سقط فيها هؤلاء القتلى والجرحى، مبرراً ذلك الطلب بأنه يأتي للفصل ما بين القتلى الذين قُتلوا أمام أقسام الشرطة وبين القتلى الذين سقطوا في الميادين العامة خلال التظاهرات. كما طالب دفاع العادلي باستدعاء جميع مديري الأمن في المحافظات على مستوى الجمهورية لسماع أقوالهم ومناقشتهم للوقوف على التعليمات التي صدرت إليهم من الوزير السابق العادلي. وتمسكت هيئة الدفاع عن المدعين بالحق المدني باستدعاء نائب رئيس المجلس العسكري رئيس أركان الجيش الفريق سامي عنان للاستماع إلى شهادته ومناقشته في شأن التصريحات المنسوبة إليه من رفض القوات المسلحة لأوامر أصدرها مبارك بسحق التظاهرات التي اندلعت يوم 28 كانون الثاني (يناير)، كما طالبوا باستدعاء رئيس جهاز الكسب غير المشروع المستشار عاصم الجوهري لمناقشته في شأن الاتهامات المتعلقة بالكسب غير المشروع المسندة إلى المتهمين، وكذلك الوقائع المتعلقة بتهريب الأموال للخارج المنسوبة إلى آل مبارك، قبل أن يرفع رئيس المحكمة الجلسة للمداولة ليعود بعدها بدقائق ليتلو قراره بإرجاء المحاكمة إلى جلسات تعقد اليوم (الثلثاء) ولمدة ثلاثة أيام للاستماع إلى مرافعة النيابة العامة في تلك الأيام، ما يعني رفض الطلبات السابقة لهيئة الدفاع عن المتهمين والمدعين بالحق المدني.