إثم لذيذ! في فضاء الأصوات الواهنة... كنت أهذي أبجدية تعني لي الحياة... فاجترحت أثم الكتابة مبكراً... مبكرا... قبل معرفة الصلاة... حينها لمحت أمي تتلو في صلواتها شيئاً يشبه الدعاء... سمعتها بصوتها الرخيم تطلب من الإله أن يشفيني... من جنون مسني... وأن يلبسني عباءة التقاة! ثنيت ركبتي... وعلى سجادتها انحنيت أسأل... ما الخطب أماه... وما يعني هذا الإثم الذي يلفني... وما جرم الغناء...؟! وميض أسئلتي يفيض في عينيها بريق ماء... يطول صمتها... فتأخذني الغواية لبحر غير مسجور ونجم بعيد أهتدي به فوحده كان السؤال وكان عمق الجواب... لا جنون يملّني... ولا دعاء يستجاب! بلاد لا تغني! مهيار انكسرت زمارته... والأموي مسجاة مآذنه... ودمشق الجميلة لم تغنِ منذ عام... لم تكتحل... والعيد الشحيح يمرها فلا يهب مقلتيها ضياء... وتلبس الكرامة معنى وتجأر وقومنا يعلجون الكلام كلام. فتلطم الخد حضرموت ويصبح اليمن السعيد محزون مكسور الفنجان وصنعائه خضابها دماء... وعيون أمة ترقب في وجل تبدل الحياة... أمة يعلو جباهها أثر صلاة صنم هي... حلم محمدي حنطه الطغاة! عرب ومن يلوم؟! والعربي مقصوص الجناح... يدس رأسه ويحفر خنادق من الذل ويزمجر في الخباء... تجرد يديه من البنادق ويمتلئ عقله خواء وتاريخه الأسود يمضي متأوها... قد مات عصر الشرفاء شاعرة في القبيلة! «يقولون: أني كسرت بشعري جدار الفضيلة وإن الرجال هم الشعراء فكيف ستولد شاعرة في القبيلة...؟!» لا تسألي يا سعاد فهذا الكون رجل وهذا الجدار بيني بأيد تتناوب حمل الطوبة... وتخنق الهواء... وكل مؤنث فتنة يخشى منها اختلاف المسار يا سيدتي أضحكي فذا هراء... ودعي وعكة الأسئلة لهم... ولنغرق في محبرة الهجاء... ونطعمهم حرفاً... حرفاً... فالقبيلة... التي تئد أصوات النساء صارت خمرتها قصيدة وأبهرها الغناء... فما جاء ميلاد حرف ولا صار للكلام طعم غير وجود رسم غانية هزت بطرفها شجر الكلام فخلقت لهم قصيدة وبصوتها جلجلت حرب فقد فارسهم سيفه ونحر قلبه الهوى فأضحت تصيح القبيلة إيه يا ابنة الخنساء هات الشعر والغناء فما بعد شعرك شعراء! فما بعد شعرك شعراء! شاعرة سعودية [email protected]