كانت (كوكب الشرق أم كلثوم) تتدخَّل في كلمات الشعر الذي تريد أن تُغنيه، وتحس بذوقها المرهف وتجربتها الفنية أن هناك كلمة، أو كلمات، لا يمكن أن تُغَنًّيها، فالشعر المقروء غير المُغَنَّى، وفي أول لقاء لها مع محمد عبدالوهاب قدَّم لها كلمات (أنت عمري) للشاعر أحمد شفيق كامل، وبمجرد أن بدأ عبدالوهاب يقرأ عليها النص: (شوقوني عينيك لأيامي اللي راحوا..) استوقفته وقالت: جميل، لكن كلمة (شوقوني) لا يمكن أن أغنيها أبداً!.. وغيرها بكلمة (رجعوني) ومعها حق فالتقاء الشين مع الهمزة (المصريون يحولون القاف إلى همزة كما هو معروف) ثقيل.. أما قصيدة (الأطلال) وهي من أروع ما غنته أم كلثوم على الإطلاق، وقد فازت بالمركز العاشر بين أفضل مئة أغنية على مستوى العالم للقرن المنصرم، في استفتاء قامت به اليونسكو.. هذه القصيدة المغناة اختارتها أم كلثوم - مع رياض السنباطي - من قصيدتين لإبراهيم ناجي هما (العودة) و(الأطلال).. وفي الأغنية أبيات كثيرة محذوفة، لأن القصيدة طويلة جداً، ولكنْ هنالك أبيات كنت أتمنى أن أسمعها بصوت أم كلثوم النادر، وهي من نفس القصيدة الرائعة الأطلال.. الكلمات التي تمنيت أنها غنتها: (يا غراماً كان مني في دمي قدراً كالموت أو في طعمه ما قضينا ساعة في عرسه وقضينا العمر في مأتمه ما انتزاعي دمعة من عينه واغتصابي بسمة من فمه ليت شعري اين منه مهربي أين يمضي هارب من دمه؟!)