قتل تسعة على الأقل من الشباب اليمني المشارك في «مسيرة الحياة» الراجلة القادمة إلى العاصمة صنعاء من محافظة تعز (260 كلم جنوب صنعاء) بينهم امرأة، وجرح نحو مئة آخرين برصاص قوات الأمن المركزي وقنابل الغاز المسيلة للدموع. عندما تصدت القوات الامنية للمسيرة التي يشارك فيها عشرات الآلاف من شباب المحافظات اليمنية لدى وصولها الى جولة «دار سلم» جنوب العاصمة، لمنعها من العبور في اتجاه منطقة السبعين وحي دار الرئاسة. وذلك بذريعة عدم التزام المشاركين في المسيرة التي تطالب بمحاكمة الرئيس علي عبد الله صالح بخط سير حددته اللجنة العسكرية والأمنية في وقت سابق. في موازاة ذلك، اعلن الرئيس اليمني انه سيتوجه «خلال الايام القادمة» الى الولاياتالمتحدة. وقال، في مؤتمر صحافي في صنعاء: «ساغادر الى الولاياتالمتحدة الاميركية خلال الايام القادمة ليس بغرض العلاج فانا اتمتع بصحة جيدة... وانما لغرض تهيئة الجو لحكومة الوفاق الوطني للقيام بعملها ولاجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة» المقررة في 21 شباط/فبراير. واضاف انه بعد تلك الزيارة التي لم يحدد مدتها سيعود الى اليمن لمزاولة «العمل السياسي مع حزبي كمعارض». ورفعت المسيرة شعارات ترفض المبادرة الخليجية ومناهضة للمجلس الوطني للمعارضة الذي وقع على التسوية السياسية وتشكيل حكومة «الوفاق الوطني مع الحزب الحاكم «المؤتمر الشعبي العام»، وكذلك رفض الحصانة التي نصت عليها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية انطلاقاً من شعار رفعه شباب الساحات «لا حصانة للقتلة». وفي هذا السياق تعززت مخاوف اليمنيين أمس من حدوث انتكاسة لمسيرة الوفاق الوطني بين أطراف الأزمة قد تعيد البلد إلى مربع الاضطرابات الأمنية والسياسية مجدداً، في حال فشل الأطراف السياسية في احتواء تداعيات التدهور الامني. وفي حين أعتبر حزب «المؤتمر» مثل هذه المسيرات والتظاهرات المناوئة للتسوية السياسية خروجاً من قوى «المعارضة» على بنود المبادرة الخليجية، وتصعيداً خطيراً يهدد الوفاق الوطني بالفشل، قالت قيادات في أحزاب «اللقاء المشترك» إن حرية التعبير تضمن للمواطنين الخروج في مسيرات، وتنظيم الاحتجاجات والاعتصامات وفقاً للدستور. وكانت اللجنة العسكرية والأمنية أقرت مساء الجمعة تحديد خط سير المسيرة الراجلة في العاصمة، بما يمنع أي احتكاك مع قوات الأمن، ويجنبها العبور في اتجاه منطقة السبعين ودار الرئاسة، واتخاذ عدد من الإجراءات والترتيبات التي تكفل بأن تكون المسيرة سلمية ووفق المسارات المحددة لها، على ان تتولى وزارة الداخلية توفير الحماية اللازمة لها. وأكدت اللجنة في بيان «أن حرية التعبير عن الرأي مكفولة بموجب نصوص الدستور والقانون وبحسب ما أشارت إليه بنود المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية شريطة التزام القائمين بالتعبير عن آرائهم سواء على شكل مسيرات أو اعتصامات بالقوانين النافذة وعدم حمل السلاح ونبذ العنف وعدم الإضرار بالمصالح العامة والخاصة جراء ممارسة هذه الحرية». وتزامن وصول المسيرة الراجلة إلى صنعاء ظهر أمس مع عقد مجلس النواب اليمني أول جلسة بمشاركة نواب المعارضة منذ اندلاع الأزمة مطلع العام الجاري للاستماع إلى برنامج حكومة الوفاق الوطني الذي تلاه رئيس مجلس الوزراء محمد سالم باسندوة بحضور أعضاء حكومته، وتضمن المهمات التي ستنفذها الحكومة خلال المرحلة الانتقالية. ويتوقع أن يمنح البرلمان بالإجماع الثقة لحكومة الوفاق الوطني.