شيّعت امس في سورية جثامين الضحايا المدنيين والعسكريين في التفجيرين الانتحاريين اللذين استهدفا مقرين امنيين في دمشق صباح اول من امس، بمشاركة شعبية ورجال الدين. واعتبرت القيادة القطرية لحزب «البعث» الحاكم التفجيرين «سابقة خطيرة في محاولة لزعزعة الوحدة الوطنية». ودانت قوى معارضة في سورية «الفعل الشنيع»، داعية الى التمسك ب «سلمية» الدعوة للتغيير والوقوف ب «وجه اي عمل تخريبي». وبثت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) امس ان «حشوداً كبيرة من المواطنين توافدت إلى الجامع الأموي للمشاركة في تشييع شهداء العملين الإرهابيين اللذين وقعا في دمشق وأديا إلى استشهاد 44 وجرح 166 من المدنيين والعسكريين». وبحسب بيان لوزارة الداخلية السورية بثته «سانا» فان «التفجيرين الإرهابيين المنظمين (جاءا) ضمن مسلسل الإرهاب الذي تتعرض له سورية بمؤسساتها وشعبها منذ أكثر من تسعة أشهر، حيث أقدم إرهابي انتحاري بسيارة مفخخة على اقتحام الباب الرئيسي لفرع أمن المنطقة في دمشق عند الساعة العاشرة و18 دقيقة (صباح الجمعة) ما أدى إلى استشهاد العديد من العناصر الأمنية والمدنيين المارين في المكان وإلحاق أضرار مادية كبيرة بالابنية المحيطة. وبعد دقيقة واحدة استهدف إرهابي انتحاري آخر مبنى ادارة المخابرات العامة بسيارة مفخخة رباعية الدفع نوع جي ام سي ما أدى إلى استشهاد عدد من العناصر الأمنية والمدنيين المارين وإلحاق أضرار مادية كبيرة». وزاد البيان ان «طريقة وأسلوب تنفيذ هذين العملين الإرهابيين الانتحاريين واختيار المكانين اللذين يتصفان بالازدحام بهدف قتل أكبر عدد ممكن من المواطنين تشير إلى بصمات تنظيم «القاعدة»، وتشكل تصعيداً نوعياً في العمليات الارهابية التي تتعرض لها سورية من قبل المجموعات الارهابية التكفيرية المسلحة منذ أكثر من تسعة أشهر». ووصلت جثامين الضحايا إلى الجامع الأموي ملفوفة بالعلم السوري، حيث أجريت مراسم التشييع وسط هتافات المشاركين. وقالت «سانا» ان الهتافات «اكدت على الوحدة الوطنية للشعب السوري وتصميمه على الصمود لإفشال المؤامرة التي تتعرض لها سورية». وشاهدت مراسلة «الحياة» ان اصحاب محلات سوق الحميدية الذي يؤدي الى الجامع الاموي، اغلقوا محلاتهم للمشاركة في التشييع وحزناً على الضحايا. ونقلت الوكالة الرسمية عن العلامة محمد سعيد رمضان البوطي ان التفجيرين «هدية برهان غليون وصحبه لسورية» وانه «تساءل عن مدى فرحة رفاق غليون وصحبه من ذوي المعارضة الخارجية ممن هم في داخل سورية وخارجها؟ هؤلاء الذين يصرون على أن يأتي الإصلاح في أحضان أعداء لنا يأتون من وراء البحار يصرون على ألا يقبل أي إصلاح يأتي إلا إذا جاء في أحضان أعداء الله وأعداء الإسلام والإنسانية؟». وزاد: «أتساءل هل كشفت الأغطية عن أعين ممثلي الجامعة العربية؟ هل كشفت النقابات الملصقة على أعينهم ليروا من القاتل ومن المقتول؟ كي يعلموا أن الجيش السوري لا يمكن أن يفجر أنابيب النفط، لا يمكن أن يفجر أنابيب الغاز، لا يمكن أن يقتل أفراده أو أن يقتل نفسه». كما نقلت «سانا» عن وزير الاوقاف محمد عبد الستار قوله: «نحن مصممون على أن نقف وقفة رجل واحد لدحر هذه المؤامرة التي تستهدف أمننا ووطننا وقيمنا». ودان علماء سورية ورجال الدين المسيحي والإسلامي التفجيرين. وجاء في بيان قرأه وزير الاوقاف ان «علماء ورجال الدين الإسلامي والمسيحي يدينون القتل والتفجير والتدمير والتخريب ولا يرون في هذه الأعمال إلا ترجمة حقيقية واقعية للمؤامرة الخطيرة التي تتعرض لها سورية والتي ما فتئت تنكرها وسائل الإعلام المغرضة ومن ورائها قوى الشر التي تدعمها». ونقلت «سانا» عن القيادة القطرية ل «البعث» قولها في بيان ان «العملين الإرهابيين شكلا سابقة خطيرة في محاولة زعزعة الوحدة الوطنية واستهداف المدنيين والعسكريين وبيوت الناس ومقار عملهم، في مؤشر واضح على المنحى الذي يشير إليه ويسير فيه المخطط الاستعماري الصهيوني - الاميركي الهادف إلى تفتيت سورية وتدمير مؤسساتها والنيل من صمود شعبها وزعزعة ثقته بنفسه وبقيادته وبمشروعه الإصلاحي النهضوي». وزادت ان «هذه الأعمال الإجرامية التي تأتي في الوقت الذي وصلت فيه طلائع بعثة المراقبين من الجامعة العربية لتقف على حقيقة ما يجري في الساحة السورية تقدم الدليل الحي على ما تقوم به العصابات الإجرامية المسلحة من قتل وترويع واستهداف كل مكونات الشعب السوري ومؤسساته، ما يؤكد أن أي خطوة تتخذها السلطات السورية باتجاه الخروج من الأزمة واقتراح الحلول لها والسير بخطوات اصلاحية يقابله على الدوام عرقلة وتشكيك ودفع باتجاه المشهد العنفي الذي وجدت فيه المعارضة اللاوطنية الطريق الذي تأمل أن يوصلها إلى ما تريد». لكنها اكدت ان سورية «ستستمر في مسيرة الإصلاح النابعة من إرادة شعبها ورغبته في الوصول إلى وطن أكثر حرية ورفاهية، ولن تثنيها كل أشكال الإرهاب والتحريض والقتل عن تحقيق ذلك الهدف النبيل»، موضحة أن «السكوت لم يعد ممكناً ولا الوقوف على الحياد مقبولاً، كون المرحلة باتت تهدد أمن وسلامة المواطنين واستقرارهم جميعاً». وجاء في بيان اصدره «تيار بناء الدولة المعارض» برئاسة لؤي حسين انه «يدين بشدة التفجيرين، بغض النظر عن هوية الجهات الإرهابية والإجرامية التي قامت بهذا الفعل الشنيع». وتابع «من شدة هول الحادث المفجع فإننا نهيب بجميع السوريين الغيورين على البلاد والمجتمع التحلي بالمسؤولية عن الوحدة الوطنية المجتمعية، ونناشدهم بعدم الانجرار وراء الخطاب الإعلامي التجييشي الذي سيطر على المشهد الإعلامي عموماً. فعلينا جميعاً الحيلولة دون أن يتسبب هذا الحادث بأي قسمة مجتمعية على أي أساس كانت، وخصوصاً على أساس المواقف السياسية المعارضة. فتكاتفنا جميعنا هو الضامن الوحيد لحماية الوطن والمواطنين، بخاصة في ظل إثبات عدم أهلية السلطة السورية بحماية البلاد أو إدارة الأزمة وحماية المواطنين بمن فيهم عناصر الجيش والأمن». وجاء في بيان اصدرته «المبادرة الوطنية الديمقراطية» التي اسسها عدد من الشخصيات بينها وزير الاعلام الاسبق محمد سلمان انها «تستنكر وتدين بشدة التفجيرات الارهابية التي ادت الى ضحايا كبيرة من المواطنيين السوريين الابرياء وما رافقها من اضرار بالممتلكات والتي لا تقرها الشرائع السماوية ولا القيم الانسانية والاخلاقية». وزادت في بيان ان «العمل الاجرامي يسيء الى أي حراك سياسي سلمي ويؤذي نضاله في مطالبته بالاصلاح السياسي الشامل الهادف لبناء سورية الدولة المدنية الديموقراطية».