لماذا يطلّق الناس؟ لأنهم يتزوجون، فالإنسان لا يستطيع أن يطلّق إذا لم يتزوج قبل ذلك. والأميركيون متقدمون علينا في كل شيء لذلك فهم اخترعوا طريقة للحد من الطلاق هي ألا يتزوجوا. مركز بيو للأبحاث أصدر دراسة تظهر أن نسبة الأميركيين المتزوجين بعد الثامنة عشرة هي 51 في المئة فقط، مع إنها كانت 57 في المئة سنة 2000، وكانت 72 في المئة في الستينات، أو قبل نصف قرن. وفي حين كانت البنت الأميركية تتزوج وعمرها 20 سنة والشاب 22 سنة، فإن عمر الزواج الآن زاد سبع سنوات للإناث ومثلها أو أكثر للذكور. هذه الأرقام مهمة لأننا، في تقديري، متخلفون عن الولاياتالمتحدة عشر سنوات على الأقل، ما يعني أن نصل إلى أرقامهم في سنة 2020، أو نحوها، فيصبح المتزوجون في بلادنا نصف البالغين فقط في حين يبقى النصف الآخر سعيداً. كانت امرأة ترتدي معطف فرو ثميناً، وهنأتها على ذوقها امرأة أخرى قالت لها إن زوجها لا بد أن يكون كريماً جداً. وردّت الأولى: أبداً، ولكن ضبطته يقبّل الخادمة. وعلّقت الثانية: يا لطيف، هل طلقته؟ هل طردت الخادمة؟ وردت الأولى: لا، لا أزال في حاجة إلى فستان سهرة. في حفلة الزفاف لا تبدو العروس سعيدة بل منتصرة، وهو في البداية يراها كالحلم ولا يعرف كيف ينام، غير أنه بعد سنوات يراها مثل كابوس وأيضاً لا يعرف كيف ينام. ومثل ما سبق قصة رجل بلّغ الشرطة أن زوجته اختفت منذ شهر. وسأله الشرطي لماذا لم يبلّغ عن اختفائها من قبل، ورد: كنت أعتقد أنني أحلم. على الطريقة الأميركية، سيحلّ نصف الناس على الأقل مشكلة الزواج بالابتعاد عنه، وعن النكد المرافق، ما يذكرني برجل قال لزوجته: لم تنكدي عليّ منذ أيام. هل هناك رجل آخر في حياتك؟ على هامش كل ما سبق كنت قرأت إحصاءات تظهر أن معدلات الطلاق زادت في بريطانيا، وأن السبب الأول لذلك هو الأزمة المالية الحالية. وهذا يثبت صدق مثل لبناني هو: قلة المال بتجيب النقار، أي المناكفة. الأميركيون وجدوا الحل في عدم الزواج، غير أنني أسجل على سبيل الموضوعية أن الباحثين اكتشفوا أن ثلثي خريجي الجامعات هناك يتزوجون في النهاية، والسبب مرة أخرى الأزمة المالية، فالعروسان الجامعيان يعملان ويضاعفان دخل الأسرة. في المقابل حمَلة الشهادات الثانوية وما دونها يجدون صعوبة في دخول سوق العمل، وأجورهم متدنية، لذلك يعزفون عن الزواج والالتزامات المرافقة له. نعرف أن الحب أعمى، ولكن الزواج يفتح العينين، وكان رجل قال لآخر: أنظر هذه أبشع امرأة في العالم. وقال الثاني: هذه زوجتي. وأُحرِجَ الأول وقال: أنا آسف. ورد الثاني: أنت آسف؟ ماذا أقول أنا. أنا أقول له: ما تدّقش يا بيه... يعني هو أيضاً لم يكن يوماً مثل عمر الشريف في شبابه، وهي لم تكتشف ذلك إلا بعد 20 سنة من الزواج. وسألها: هل تفكرين بي إذا سافرت؟ وردت: أنا لا أفكر بك وأنت موجود. وربما كانت لا تزال تفكر أين راح عمر شريف أحلامها. وكلمة جد، الأرقام الأميركية صحيحة عن الزواج والعزوف عنه، وإذا كنا سنعرف مثلها في بلادنا بعد عشر سنوات لأننا نقلدهم في الشين مع الزّين، فمعنى ذلك أن نصف أبنائنا من المراهقين الآن لن يتزوجوا. غير أنني شخصياً لا أتوقع هذا، فنحن من مجتمع مختلف تحكمه تقاليد قديمة راسخة لا تتغير بسهولة، لذلك أرجّح أن تبقى نسب الزواج العالية بين العرب والمسلمين ولكن أن تعلو معها نِسَب الطلاق. هي عالية اليوم، وتقترب في بعض الدول العربية من 50 في المئة، ما يعني أن تزيد كما زادت تدريجياً في العقود الأخيرة. ولم أقرأ أي دراسة تربط الطلاق عندنا بأزمة مالية، غير أن الأسباب الأخرى تكفي وتزيد. والزهايمر يساعد على استمرار الزواج والرجل يعتقد أنه أمام زوجة جديدة كل يوم. أما الرجل الآخر فقال إنه مضى على زواجه 50 سنة، وسُئل كيف شعوره بعد 50 سنة؟ ورد: هل يبقى للإنسان شعور بعد 50 سنة؟ غيره قال إن زوجته تشبه الآلهة القديمة. وسئل: الآلهة الإغريقية؟ وردّ: لا، بوذا. [email protected]