تأتي زيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى الولاياتالمتحدة في وقت يشتد الخلاف على أمور كثيرة ومعقدة، لكن المطلب الرئيس من هذه الزيارة يبدو أكثر وضوحاً حيث يسعى كل من العراق والولاياتالمتحدة إلى رسم طبيعة العلاقة بوضوح، ويبذل كل من المالكي وأوباما جهوداً في توضيح هذه العلاقة أكثر في المرحلة المقبلة، خصوصاً بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق. وقد أبدى الطرفان تركيزهما على الجوانب المدنية أكثر من العسكرية لا سيما في مجالات الاقتصاد والاستثمار وباقي المجالات المدنية المهمة. لا سيما أن حجم التداولات بين البلدين يبلغ نحو 15 بليون دولار سنوياً. إن صورة المشهد العراقي تبدو غير واضحة وعلى عكس ما أوضحه الطرفان، فرؤية أوباما والمالكي للعلاقات بعد الانسحاب الأميركي تبدو غير دقيقة، وفي السياسة لا يوجد ثوابت وربما أن التحديات التي تواجه العراق ستفقد هذه العلاقة تأمين المصالح بين الطرفين فهي مبنية على دراسات غير صحيحة. التحديات التي قد توتر العلاقات أو تفشل التعاون بين البلدين كثيرة، من بينها احتواء نفوذ إيران الذي قد يضر بالمصالح الأميركية في العراق، فضلاً عن كونه يهدد أمن الدولة، كذلك مسألة التزام العراق بالبنود الدولية المشتركة، والتصدي للتنظيمات الإرهابية وإنهاء وجودها في العراق. إن من الضروري جداً أن يوفر الساسة العراقيون أجواء سياسية متفاهمة تعيش في ظلها الكتل السياسية بنهج ديموقراطي، فالعراق ما زال يعاني الانقسامات بعد أن تآكلت العلاقة بين جميع الكتل السياسية. لكن كل ذلك يحتاج إلى وقت طويل لأن العراق غير قادر على حماية أجوائه وهناك فجوات أمنية كبيرة تركها الأميركيون، كما أن هناك تهديدات مستمرة حول إشعال فتيل الحرب الأهلية، إضافة الى عمليات تحاك ضد حكومة المالكي الذي يعمل هو الآخر على تعزيز سلطته عن طريق اللعب بأوراق الفساد والأمن. الولاياتالمتحدة من جانبها قلقة من عدم قدرة المالكي على رعاية مصالحها، خصوصاً أنه يتمتع بعلاقة مع إيران وهو غير قادر على ردع تهديد المجموعات المسلحة. وإذا كان بعض المسؤولين الأميركيين يرى أن أفعال المالكي أثارت أيضاً العديد من التساؤلات حول حليف أميركا غير المؤكد، إلا أن محللين يلفتون إلى أن المالكي كان لاجئاً في سورية وإيران وهو الآن يكتب نهاية الغزو الأميركي للعراق. حيث يقول رمزي مارديني المحلل في معهد دراسة الحرب بواشنطن إن هناك مقولتين عن المالكي في واشنطن، الأولى أنه وطني والثانية أنه مجرد دمية في يد إيران، لافتاً إلى أن المالكي هو المالكي بمعنى أنه يريد البقاء في السلطة.