نيقوسيا، عمان -»الحياة»، أ ف ب، رويترز- قال ناشطون وشهود إن قوات الأمن ما زالت تشن عمليات مطاردة في منطقة «كفر عويد» بجبل الزاوية بمحافظة أدلب شمال غربي سورية، التي تعرضت على مدار اليومين الماضيين ل«مجزرة» أدت إلى مقتل عشرات المدنيين، الكثير منهم أطفال ونساء. وتحدث ناشطون وشهود عن جثث بلا ملامح، مقطعة إلى نصفين بسبب قصف عنيف وعشوائي، كما تحدثوا عن تمثيل بجثث ضحايا وعن مطاردات تستهدف منشقين وناشطين أثناء محاولتهم الفرار إلى بساتين المنطقة. وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان أسماء 56 من أصل 111 قتلوا في «مجزرة كفر عويد» بجبل الزاوية التي حاصرتها قوات الأمن لأيام قبل أن تقتحمها لمطاردة منشقين وناشطين، غير أنها خلال عملياتها العشوائية أودت بحياة عشرات المدنيين. وأفاد ناشطون بأن قوات الأمن اقتحمت صباح أمس بلدة أريحا بمحافظة إدلب وأطلقت النار عشوائياً في مداهمات بحثاً عن ناشطين ومنشقين عن الجيش. في موازاة ذلك، قالت الهيئة العامة للثورة السورية إن 14 شخصاً على الأقل قتلوا أمس برصاص الأمن السوري، ثلاثة منهم في الزبداني بريف دمشق، إلى جانب ثلاثة في حماة واثنين في درعا. وقالت لجان التنسيق المحلية إن بلدة «كفرعويد» قرب إدلب تعرضت لما وصفته ب «قصف وحشي،» ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى. وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس أن ما لا يقل عن 111 مدنياً على الأقل قتلوا في مجزرة بلدة كفر عويد التي «نفذتها القوات السورية بحق مواطنين ونشطاء مطلوبين للسلطات الأمنية السورية حاولوا الفرار إلى البساتين خوفاً من الاعتقال». وأوضح المرصد أنه «تمكن حتى اللحظة من توثيق أسماء 56 منهم»، مضيفاً أن من بين القتلى إمام مسجد كفر عويد وأنه قد تم التمثيل بجثته. وفي معرة النعمان بإدلب، قالت الهيئة العامة للثورة السورية إن ثلاثة جنود من الجيش السوري المنتشر هناك انشقوا. وقبل فرارهم، تمكنت قوات الجيش من إطلاق النار عليهم، وأصابتهم إصابات خطيرة، بينما تواصل نفس القوات إطلاق النار في شكل كثيف على الحارة الشمالية من معرة النعمان. وإدلب متاخمة لتركيا هي معقل أساسي للاحتجاجات وشهدت كذلك تصاعد هجمات من منشقين عن الجيش السوري. وقال المرصد السوري إن المنشقين أتلفوا أو دمروا 17 عربة عسكرية في إدلب منذ يوم الأحد الماضي. وفي محافظة حمص وسط البلاد أفاد ناشطون بسماع دوي انفجارات وإطلاق نار في بلدة القصير وبأن عربات عسكرية تجوب شوارع البلدة. كما أفادت الهيئة العامة للثورة السورية بأن قوات الأمن السورية أطلقت النار بكثافة على منازل المدنيين في حي بابا عمرو بمدينة حمص صباح أمس. وأضافت أن قوات الجيش والأمن قصفت بقوة منازل بكل من بابا عمرو ودير بعلبة والخالدية والحمرا وتلبيسة بريف حمص. أما في ريف دمشق فأعلن ناشطون مقتل «ثلاثة نشطاء اثر استهداف سيارتهم بعد منتصف ليل الثلثاء -الأربعاء من قبل قوات الأمن السورية» في منطقة الزبداني بريف العاصمة. فيما أفادت الهيئة العامة للثورة السورية بانتشار الأمن على طريق حرستا ودوما على طول الطريق الممتد من دوار المركبات إلى دوار الجرة غرب حرستا بريف دمشق. تأتي هذه التطورات بعد يوم دام قتل فيه أكثر من مئة شخص، ليرتفع بذلك عدد القتلى في سورية منذ توقيع دمشق على بروتوكول إرسال مراقبين إلى أكثر من 300 قتيل. وزادت وتيرة عمليات القتل في سورية خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، فإضافة إلى أكثر من 200 سقطوا في محافظة إدلب، سقط 12 مدنياً بحمص برصاص قوات الأمن، في حين قتل مدنيان في محافظة درعا التي شهدت أيضاً مقتل 14 عنصر أمن في كمين نصبه جنود منشقون. وعلى رغم الحملات الأمنية لوقف الاحتجاجات تظاهر الأهالي في عدد من مناطق سورية، أشارت اللجان التنسيقية على صفحتها الإلكترونية إلى خروج تظاهرات في العديد من المدن، وبخاصة في حمص واللاذقية وريف دمشق ودرعا. كما خرج أهالي مدينة بنِّش في محافظة إدلب في مظاهرة مسائية. وطالب المتظاهرون برحيل النظام السوري ومحاسبة المسؤولين عن قتل المدنيين. كما شككوا في مدى جدية النظام في تطبيق ما ورد في برتوكول الجامعة العربية. ولم يختلف المشهد في بلدة التح بإدلب حيث خرجت بحسب الهيئة أمس تظاهرة حاشدة في ساحة الحرية رددت شعارات مناهضة للنظام. في موازاة ذلك، ذكرت الوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا) أن قوات الأمن اشتبكت أمس مع من وصفها بأنها «مجموعة إرهابية مسلحة» في القصير، مشيرة إلى مقتل وجرح عدد من أفرادها، كما اشتبكت «الجهات المختصة» ليل الاثنين مع مجموعات مسلحة في ريف درعا الشمالي الشرقي. وتأتي هذه التطورات عشية وصول طليعة المراقبين العرب الذين قررت الجامعة العربية إرسالهم إلى سورية للإشراف على تنفيذ الخطة العربية لحل الأزمة في هذا البلد. وبعثة المراقبين هي جزء من خطة عربية وافقت عليها سورية في الثاني من تشرين الثاني (نوفمبر) وتدعو الخطة كذلك إلى وقف أعمال العنف في سورية والإفراج عن معتقلين وسحب الجيش من المدن والمناطق السكنية. وكانت الجامعة العربية أعلنت الثلثاء أن مقدمة من المراقبين العرب ستتوجه إلى سورية اليوم تمهيداً لوصول المراقبين المكلفين الإشراف على تنفيذ الخطة العربية. وأوضحت الجامعة أن الفريق الأول سيضم مراقبين أمنيين وقانونيين وإداريين وخبراء، ويتوقع أن يليه فريق من الخبراء في حقوق الإنسان، مشيرة أيضاً إلى أنه تمت «الموافقة على تسمية الفريق أول ركن محمد أحمد مصطفى الدابي من جمهورية السودان رئيساً لبعثة مراقبي الجامعة العربية».