تجاوز اقتصاد الإمارات تداعيات الأزمات الإقليمية والعالمية، ويُتوقّع أن يبلغ النمو نسبة جيدة هذه السنة تساوي 3.9 في المئة، مستفيداً من أسعار النفط المرتفعة، ونشاط في قطاعات السياحة والخدمات والتجارة، فضلاً عن عودة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، التي قدّرتها مصادر رسمية ب 10.4 بلايين دولار هذه السنة، إضافة إلى استقطاب عشرات الشركات الأجنبية والإقليمية التي تمكنت من خلق أكثر من 22 ألف فرصة عمل. وكان ل «الربيع العربي» أثر إيجابي على الإمارات عموماً ودبي خصوصاً، كما أكدت مصادر اقتصادية ل «الحياة»، إذ استقطبت بعض الأموال التي خرجت من بعض دول المنطقة التي تشهد اضطرابات سياسية، كما قصدها السيّاح، ما ساعد على التأكيد مجدداً على مكانة الإمارات كمركز تجاري مستقر وآمن في المنطقة، كما رأى كبير الاقتصاديين في «مركز دبي المالي العالمي» ناصر السعيدي، في حديث الى «الحياة». نمو متزايد ورجّحت مؤسسة «ميريل لينش» العالمية، أن ينمو اقتصاد الإمارات 3.9 في المئة هذه السنة، مقارنة باثنين في المئة العام الماضي، على رغم أزمة الديون التي تعاني منها منطقة اليورو، والاضطرابات السياسية التي تشهدها دول عربية. وأكد خبراء اقتصاد أن تزامن الذكرى الأربعين لانطلاق اتحاد الإمارات هذه السنة مع عدم الاستقرار السياسي الذي يشهده بعض الدول العربية، ساهم في دعم صورة الدولة بين المستثمرين حول العالم، لاسيما انه الاتحاد الوحيد الناجح اقتصادياً وسياسياً في المنطقة العربية، خصوصاً بعدما شهد هذه السنة انتخابات برلمانية ناجحة وبمشاركة واسعة. وساهمت ابو ظبي، الغنية بالنفط، في دعم اقتصاد الدولة عبر التركيز على تطوير الإمارات الشمالية من خلال تبني إستراتيجية تطوير الاقتصاد المحلي على مستوى كل الإمارات، وإنشاء مصرف اتحادي ينفق على هذا التوجه. وقال السعيدي: «استفادت الإمارات من التركيز خلال السنوات الماضية على انشاء بنية تحتية ضخمة، من مطارات وطرق ومرافئ، وكل ذلك يعطي ثماره حالياً في مجالات السياحة والتجارة والخدمات». وساهم أيضاً في إعادة الثقة باقتصاد الإمارات هذه السنة، بعد ثلاث سنوات عانت خلالهما من تشويه سمعة اقتصادها بسبب ديون إمارة دبي، إصدار القيادة السياسية تشريعات جديدة تزيد حصة الأجنبي في ملكية شركته، إلى جانب قوانين تتعلق بالإفلاس وتطبيق قواعد حوكمة الشركات لتعزيز الشفافية والإفصاح، ما أدى إلى استقرار القطاع العقاري الذي تأثر بشدة منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية عام 2008. ونجحت السوق العقارية في تجاوز المرحلة الصعبة، إذ بدأت تعكس بوادر استقرار على رغم استمرار بعض الضغوط نظراً الى توافر المعروض في مقابل الطلب. وكان لإعلان الحكومة الاتحادية تمديد تأشيرة الدخول للمستثمرين العقاريين من ستة شهور إلى ثلاث سنوات، وقعاً إيجابياً على قطاع العقارات، ما بدّد الكثير من الغموض وزاد ثقة المستثمرين في القطاع. توجه استثماري ناجع وعزا السعيدي «نجاح الإمارات في تحقيق معدلات نمو مرتفعة، على رغم تباطؤ الاقتصاد في الغرب، إلى توجيه بوصلة استثماراتها إلى الصين وجنوب إفريقيا، بعيداً من الولاياتالمتحدة وأوروبا، ما أنعش تجارتها مع الدولة الآسيوية إلى نحو 30 بليون دولار هذه السنة في مقابل 25.8 بليون العام الماضي، في حين تجاوزت تجارتها مع القارة السمراء 1.1 بليون دولار، لتصبح الشريك التجاري الأول في المنطقة لجنوب أفريقيا». ولجأت الدولة إلى تطوير نظام إحصاءات، من خلال الوفاء بمتطلبات المؤسسات الحكومية والخاصة والمحللين ومستخدمي البيانات والباحثين بالمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، وتوفير مؤشرات تُبنى وفقاً للمنهجيات والمعايير الدولية المتبعة وتتسم بالمواصفات العالمية من حيث الدقة والكفاءة والشمول، في إطار حرصها على مواكبة الحداثة وتطورات العصر وخدمة متطلبات التنمية المستدامة. وما زاد من ثقة المستثمرين، نجاح حكومة دبي في خفض الديون المستحقة عليها والشركات التابعة لها إلى نحو 28 بليون دولار بعدما سدّدت عدداً من الدفعات خلال العامين الماضيين، كان آخرها إعلان «مؤسسة دبي للاستثمار»، الذراع الاستثمارية للحكومة، تسديد أربعة بلايين دولار في موعدها. وأكدت مؤسسة «ميريل لينش» في تقرير حديث، تراجع الضغوط الناجمة عن الديون، لاسيما ان الديون الخارجية لإمارة دبي «تُعتبر الأفضل أداءً على صعيد منطقة إيميا (شرق أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط). وأشار التقرير إلى أن لدى دبي بين ستة وتسعة شهور قبل موعد خدمة ديونها المستحقة في النصف الثاني من عام 2012، عازياً تفوّق أدائها في إدارة ديونها إلى نجاح عمليات إعادة الهيكلة والتمويل.