اختتم «معهد التقدم للسياسات الإنمائية»، الذي يُشرف عليه وزير التخطيط العراقي السابق مهدي الحافظ، برنامج ندواته لعام 2011، بندوة تناولت المشاركة في عائدات النفط العراقية. وقدّم الحافظ الخبير النفطي كامل المهيدي، الذي أشار إلى عدد من القضايا المتعلقة بقطاع النفط وحساب العائدات النفطية للدولة، ومقارنة ذلك بتجارب عدد من الدول، خصوصاً التجربة الأميركية في ولاية ألاسكا. وخلص المهيدي إلى أن العراق، على المستوى الاستراتيجي، قد يضطر إلى توزيع العائدات على الراشدين، أو على السكان، مشيراً إلى عدد من الوقائع والآراء المهمة، أبرزها أن بعد توقيع العقود النفطية لزيادة الطاقة الإنتاجية إلى نحو 12 مليون برميل يومياً اعتباراً من 2015 - 2016، أصبح واضحاً أن العائدات ستكون كافية لتوزيع نسبة. ولفت إلى إمكان أن «تُصرف هذه الحصص مباشرة من الدولة إلى المواطن، أو عبر صندوق استثمار يُوظّف أموال المواطنين ويوزع أرباحها عليهم نهاية كل عام، كما هو الحال في ولاية ألاسكا الأميركية». ونظراً إلى حال الفقر في العراق، يكون التوزيع عبر صندوق الاستثمار هو الأسلم من الناحيتين الاقتصادية والمالية، إلا انه لا يرضي من هم تحت خط الفقر وغيرهم من المحتاجين. وبيّن المهيدي أن «عدد المشمولين بالتوزيع يبلغ 17 مليون شخص، يستلمون 30.4 مليون سهم، بقدر تعداد الشعب العراقي، إذا كان التوزيع بالتساوي»، مؤكداً أن «توزيع هذا العدد من الأسهم على المواطنين، شهرياً أو سنوياً، ليس سهلاً إذ يتطلّب بنية تحتية غير متوافرة حالياً، فالمؤسسة المصرفية العراقية المعوّل عليها في صرف المستحقات ليست مؤهلة نوعياً أو عددياً، إذ يوجد أقل من 30 مصرفاً لديها نحو 550 فرعاً»، أي بمعدل نحو 29300 شخص لكل مصرف». وأكد أن من منافع هذه الخيارات هي رفع المستوى المعيشي للشعب العراقي، خصوصاً الطبقات الفقيرة، إلى جانب المساهمة في تنشيط الاقتصاد عبر استثمارات الأفراد للأموال الفائضة عن حاجتهم، وكذلك ربط الناس بالدولة ما يقلل من اندفاعهم نحو الفيديرالية ويخفف من نزعتهم الانفصالية. الموازنة الحكومية وأوضح أن «اهتمام المواطنين بالموازنة وتفاصيلها سيزداد، وستزداد معه الرقابة الشعبية على أداء الحكومة المركزية والحكومات المحلية، ما سيجبرها على تحسين أدائها»، مشيراً إلى أن «هذا المشروع قد يساعد في الحد من الهجمات التخريبية على المنشآت الاقتصادية، خصوصاً النفطية منها، إضافة إلى توفير فرصة للاستغناء عن الحصة التموينية التي شكّلت عبئاً إدارياً على الدولة منذ العام 2003». ولاحظ أن «العقود النفطية الكثيرة، البالغ عددها نحو 50 عقداً، والتي أبرمتها حكومة إقليم كردستان مع الشركات العالمية، تمنح الأخيرة ما بين 18 و20 في المئة من الإنتاج، أي ما بين 18 و20 دولاراً للبرميل، إذا كان سعر البرميل 100 دولار، مقارنة بدولارين للبرميل في عقود وزارة النفط الاتحادية، ما يقلّل من حصة المواطنين العراقيين»، لافتاً إلى أن هذا المشروع يتطلب إجراء إحصاء سكاني، إلى جانب تهيئة البنية التحتية اللازمة، ومنها المصارف والاتصالات والرقابة ومعالجة حال الضرائب. وبيّن أن «صلاحية هذا المشروع ترتبط مباشرة بإصلاح الاقتصاد وتعميق الوعي الاقتصادي لدى المواطنين بما يكفل تعاوناً مثمراً بين الدولة والمجتمع، وهو ما لا يمكن توقعه قريباً بسبب تدهور السياسة المالية والنقدية وضعف الوعي الضريبي وتدهور البنية التحتية وانتشار الفساد».