القاهرة - رويترز - ترك جنود من الجيش المصري ميدان التحرير اليوم السبت بعد ساعات من هجوم واسع على الميدان تم خلاله طرد معتصمين ونزع وحرق خيامهم وضرب واعتقال أعداد منهم. ووقع الهجوم على الميدان بعد يوم من اشتباكات بين ألوف المحتجين وقوات الجيش في شارعي قصر العيني ومجلس الشعب القريبين تلت قيام قوات الشرطة العسكرية بفض اعتصام مئات النشطاء في شارع مجلس الشعب الذي يوجد فيه مقرا مجلس الوزراء ومجلس الشعب. وأسفرت الاشتباكات التي تخللت وتلت فض اعتصام المحتجين في شارع مجلس الشعب عن سقوط تسعة قتلى وإصابة أكثر من 300 آخرين بحسب وزارة الصحة. وقال شاهد "قوات الجيش انسحبت من الميدان وعاد إليه نحو ألفي شخص أغلبهم فضوليون." وأضاف أنه شاهد قوات الجيش تقيم جدارا من الكتل الخرسانية في مدخل شارع مجلس الشعب من شارع قصر العيني "لمنع عودة المحتجين إلى الشارع فيما يبدو" بحسب الشاهد. ولنحو ثلاثة أسابيع حال الاعتصام في شارع مجلس الشعب دون وصول رئيس الوزراء السابق عصام شرف ورئيس الوزراء الحالي كمال الجنزوري إلى مبنى مجلس الوزراء. ونتجت سلسلة حرائق عن الاشتباكات التي استخدم الجانبان فيها قنابل المولوتوف إلى جانب الحجارة. واحترق بالكامل مبنى المجمع العلمي المجاور لمبنى مجلس الشعب. كما احترق مبنى حكومي آخر في مجمع مباني البرلمان. وألقت الاشتباكات بظلال داكنة على أول انتخابات حرة تعيها ذاكرة معظم المصريين تقدم فيها حزبان إسلاميان على عشرات الأحزاب. وأبرزت أعمال العنف حالة التوتر في مصر بعد عشرة أشهر من الانتفاضة الشعبية التي أطاحت الرئيس حسني مبارك. ويقول مصريون كثيرون إن أهداف الانتفاضة لم تتحقق وبخاصة محاسبة مسؤولين ينسب لهم نهب المال العام وأن تكون مصر دولة مدنية ديمقراطية. وأغضب المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد منذ إسقاط مبارك بعض المصريين لما يرونه عدم جديته في تسليم السلطة للمدنيين في حين يدعم آخرون المجلس كقوة ضرورية لإرساء الاستقرار خلال الفترة انتقالية التي تتسم بالصعوبة. وتسبب فض اعتصامي شارع مجلس الشعب وميدان التحرير بالقوة في غضب سياسيين قالوا إن فض الاعتصامين كان وحشيا وغير مبرر. وتساءل محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية والمرشح المحتمل للرئاسة في حسابه على تويتر "حتى إذا كان الاعتصام مخالفا للقانون هل يتم فضه بهمجية ووحشية هى فى ذاتها مخالفة أعظم لكل القوانين الإنسانية؟ ليس هكذا تدار الأوطان." وقال رئيس حزب الوسط وهو حزب إسلامي لم يحقق نتائج كبيرة في الانتخابات أبو العلا ماضي لرويترز إنه قدم استقالته من المجلس الاستشاري الذي شكله المجلس الأعلى للقوات المسلحة قبل نحو أسبوعين لمعاونته بالرأي في تسيير الفترة الانتقالية. وقال لرويترز "لا يصح أن نجلس بجانب مجلس عسكري ينتهك حقوق المصريين." وقال المجلس الاستشاري إنه لم يتم الإصغاء لتوصياته لحل أزمة الاعتصام. وعلق المجلس اجتماعاته إلى أن تتوقف أعمال العنف. وطلب أيضا من المجلس العسكري الإفراج عن جميع المعتقلين ودعا إلى محاكمة المسؤولين عن الأحداث وتعويض الضحايا. وانتقد ساسة إسلاميون أساليب الجيش. وقالت جماعة الإخوان المسلمين في بيان إن على المجلس العسكري التقدم "باعتذار واضح وسريع... عن الجريمة التي تم ارتكابها." كما قال القس فلوباتير جميل من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية التي تمثل معظم المسيحيين المصريين بينما كان يستعد للمشاركة في جنازة الشيخ عماد عفت، مدير مكتب مفتي مصر الذي قتل خلال فض اعتصام مجلس الشعب "أشارك بصفتي مواطنا وأرى أن الدم المصري يهدر دون تفرقة بين مسلم ومسيحي." ومضى قائلاً "أطالب المجلس العسكري بالتخلي فورا عن السلطة وتكفيه (هذه) الإهانات المتكررة للشعب." وفي أكتوبر تشرين الأول الماضي قتل 27 مسيحيا في اشتباكات بين قوات من الجيش والشرطة وألوف المشاركين في مسيرة نظمها نشطاء مسيحيون حين حاول المشاركون في المسيرة الاعتصام أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون في وسط العاصمة. وقال صحافي من رويترز ان المحتجين فروا صباح اليوم إلى الشوارع الجانبية بعيدا عن قوات ترتدي زي قوات مكافحة الشغب التي أمسكت بالبعض منهم وكالت لهم الضرب حتى أن البعض منهم سقط على الأرض. وقال شهود إن هجمات كر وفر دارت بين المحتجين وقوات الجيش في ميدان التحرير والشوارع التي تؤدي إليه قبل انسحاب قوات الجيش. واظهرت تغطية تلفزيونية جنودا ينزعون خيام المحتجين ويضرمون فيها النار. والتقطت كاميرات تلفزيون رويترز صورا تظهر أحد الجنود وهو يشهر مسدسا ويطلق عيارا ناريا على المحتجين المتراجعين. ولم يتضح ما إذا كان المسدس محشوا بذخيرة حية. وخلال الاشتباكات في شارعي قصر العيني ومجلس الشعب ألقى بعض المحتجين الحجارة قرب سيارات إطفاء الحريق التي حاولت إخماد النار التي اندلعت في أحد المباني. وخلال الاشتباكات شوهد رجال يلقون الحجارة من فوق سطح مبنى مجلس الشعب على المتظاهرين. وتأتي هذه الاشتباكات الدامية بعد اضطرابات راح ضحيتها 42 شخصا على الأقل في الأسبوع الذي سبق يوم 28 نوفمبر تشرين الثاني الماضي الذي شهد بداية الانتخابات البرلمانية. ومرت عملية الاقتراع في المرحلة الثانية من الانتخابات - التي تعتير جزءا من الانتقال الموعود من الحكم العسكري للحكم المدني في يوليو تموز المقبل - في هدوء نسبي يومي الأربعاء والخميس. وقبل انسحاب قوات الجيش من ميدان التحرير جرى نشر مركبات الجيش وجنود في الطرق المؤدية إلى الميدان وهو مركز الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بمبارك في 11 فبراير شباط. وقال رئيس الوزراء كمال الجنزوري إن المحتجين هاجموا مقري مجلس الوزراء ومجلس الشعب اللذين تحرسهما قوات الجيش. واستطرد "قلت وما زلت أقول لن نواجه أبدا أي مظاهرات سلمية بأي نوع من العنف حتى في استخدام الكلمة." وتابع مؤكدا ما جاء في بيان الجيش أمس الجمعة "نؤكد أن الجيش لم يستخدم أي طلقات نارية." لكن أشرف الرفاعي مساعد كبير الأطباء الشرعيين في مشرحة زينهم بجنوب القاهرة قال لرويترز "المشرحة استقبلت حتى الآن ثماني جثث. جميع حالات الوفاة ناتجة عن طلقات حية وطلقات خرطوش." وقدمت وسائل الإعلام روايات متضاربة لأسباب اندلاع أعمال العنف. ونقلت وسائل الإعلام التابعة للدولة عن البعض قوله إن شابا دخل مجمع البرلمان لاستعادة كرة قدم سقطت بداخله بطريق الخطأ وتعرض لضرب مبرح بأيدي رجال حرس مبنى مجلس الشعب الذي يضم قوات جيش. ونقلت عن آخرين قولهم إن الشاب أشعل شرارة المناوشات بمحاولته نصب خيمة داخل المجمع.