أظهرت منافسات المرحلة الثانية من انتخابات البرلمان المصري أن جماعة «الإخوان المسلمين» تسعى إلى تشكيل غالبية في البرلمان المقبل، من دون التحالف حتى مع السلفيين الذين يمثلون الطرف الثاني للتيار الإسلامي، إذ نأت الجماعة بنفسها عن حزب «النور» السلفي بعد انتقادات وُجِّهت إليه على خلفية تصريحات متشددة لقيادات فيه. وشملت المرحلة الثانية تسع محافظات، وشهد الاقتراع في اليوم الثاني والأخير أمس إقبالاً متوسطاً وسط هدوء أمني شابه بعض الاشتباكات المحدودة في عدد من الدوائر. وسعت قوات الجيش والشرطة المكلفة تأمين العملية الانتخابية إلى الحد من التجاوزات خارج اللجان، خصوصاً خرق قواعد الصمت الانتخابي. فانتشرت عناصر أمنية بلباس مدني قرب لجان الاقتراع لتوقيف المخالفين، فيما استمرت الشكاوى من تأخر فتح بعض اللجان بسبب تأخر وصول القضاة المشرفين عليها أو رفضهم دخول مندوبي المرشحين. وفي وقت بدت المنافسات في المرحلة الثانية التي انتهى الاقتراع في جولتها الأولى أمس إسلامية - إسلامية، شكا السلفيون والقوى المدنية من تجاوزات شارك في بعضها قضاة لمصلحة حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية ل «الإخوان»، وهو ما نفته الجماعة واللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات التي ناشد رئيسها المستشار عبدالمعز إبراهيم القوى السياسية والمرشحين «الكف عن ترديد إشاعات وتبادل الاتهامات». ورأى إبراهيم أن هذه الاتهامات «حرب إشاعات» هدفها «إفقاد الشعب ثقته في القضاء»، محذراً من «انهيار الدولة» إن استمرت. واعتبر «الإخوان» أنها «بداية للتشكيك في نتائج الانتخابات». لكن الناطق باسم حزب «النور» يسري حماد قال ل «الحياة» إن «القضاة تخلوا عن حيادهم وانحازوا إلى طرف معين... القضاء عليه علامة استفهام كبيرة، إذ لم يسهم في نجاح العملية الانتخابية ويتحمل جزءاً كبيراً من الفشل، وهذا أمر سينال من حياد القضاء في المستقبل». واعتبر حزب «المصريين الأحرار» الذي يقود تحالف «الكتلة المصرية» الليبرالي أن «الانتهاكات التي شهدتها المرحلة الثانية لم تكن معبرة عن حالات فردية بل كانت ظاهرة عامة». وأكد رصده «توجيه الناخبين من جانب عاملين باللجان أو قضاة». غير أن المرشد العام ل «الإخوان» محمد بديع رفض هذه الاتهامات، مطالباً «بتفويت الفرصة على من يريد إثارة الفتن بين الشعب ومؤسساته». ورأى أن «حكم القضاء الإداري بإعادة الانتخابات في دوائر أُعلن فيها فوز أعضاء في الحرية والعدالة يؤكد نزاهة القضاء المصري». وظهر واضحاً تصدع التحالف بين «الإخوان» والسلفيين، إذ دخل الطرفان في معركة كسر عظم، وفشلت تماماً مساعي السيطرة على الخلافات بينهما. وزادت المرحلة الثانية من الهوة بين الطرفين رغم تشكيل «لجنة تنسيقية» تضم قياديين في الحزبين للسيطرة على الخلافات «حفاظاً على مظهر التيار الإسلامي في الشارع». وفي وقت قال الناطق باسم «النور» ل «الحياة»: «نعاني في شدة من الاعتداء على مندوبي ومرشحي النور من قبل أنصار الحرية والعدالة في جميع الدوائر، عدا محافظة الإسماعيلية... هم يعتبرون المنافسة معركة حياة أو موت»، أكد الناطق باسم «الإخوان» محمود غزلان ل «الحياة» أن جماعته «تستطيع السيطرة على شبابها، لكن الطرف الآخر (السلفيين) لا يمتثل شبابه لتوجيهات قياداته». ورأى أن «السلفيين حديثو العهد بالسياسة، ويريدون أن يكسبوا بأي شكل لإثبات أنهم أصحاب شعبية... السلفيون يحتاجون وقتاً لتمرس العمل السياسي».