بدت جولة الإعادة على 52 مقعداً من بين 56 مقعداً فردياً في المرحلة الأولى لانتخابات مجلس الشعب المصري (الغرفة الأولى في البرلمان) وكأنها «حرب إشاعات» بين القوى المتنافسة فيها، وخصوصاً «التحالف «الديموقراطي من أجل مصر» الذي يقوده حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، وتحالف حزبي «النور» و «الأصالة» السلفيين مع «البناء والتنمية» الذراع السياسية ل «الجماعة الإسلامية»، وأخيراً تحالف «الكتلة المصرية» الذي يضم أحزاب «المصريين الأحرار» و «التجمع» و «الناصري الديموقراطي». وبدل متابعة المتنافسين سير العملية الانتخابية ومحاولة كشف تجاوزات المنافس، انشغلوا بدرء الإشاعات عنهم، بدءاً من وقف الاقتراع إلى استدعاء النيابة العامة مرشحين للتحقيق بسبب تجاوزات مالية مروراً بتسويد البطاقات الانتخابية وحتى دعم مرشحين يُنظر إليهم على أنهم من «فلول» الحزب الوطني المنحل. وقبل فتح لجان الاقتراع أبوابها لاستقبال الناخبين انطلقت إشاعات قوية مفادها أن القضاء الإداري أوقف الانتخابات في بعض الدوائر، خصوصاً في الدائرتين الأولى والثانية في القاهرة والدائرة الثالثة في الإسكندرية، على خلفية إصدار محاكم القضاء الإداري أحكاماً ببطلان الانتخابات فيها. إلا أن مرشحين قدموا استشكالات أمام المحكمة الإدارية العليا ما أوقف تنفيذ هذه الأحكام. ورصدت بعض المنظمات الحقوقية ضعف الإقبال على الاقتراع في هذه اللجان تحديداً. كما تأثر الاقتراع في لجان أخرى بإشاعات عن إلغاء الانتخابات فيها. ففي دائرة مدينة نصر سرت إشاعة عن تسويد بطاقات اقتراع لمصلحة المرشح الليبرالي رئيس حزب العدل الدكتور مصطفى النجار الذي ينافس مرشح حزب «النور» المدعوم من «الإخوان المسلمين» محمد يسري، ما أثار استياء النجار الذي سبق أن اتفق ويسري على ميثاق شرف انتخابي يضمن نزاهة المنافسة في الدائرة. وسببت الإشاعة جدلاً مع بدء عملية الاقتراع خصوصاً بعد إعلان يسري أنه يعتزم مقاضاة النجار قبل التراجع عن هذا الأمر بعد اكتشاف أن الحديث عن تسويد البطاقات ما هو إلا إشاعات ومحض افتراء. «التحالفات الانتخابية» أيضاً كانت مجالاً لإطلاق الإشاعات، إذ سرت إشاعة في الإسكندرية عن تصويت أنصار «النور» لمصلحة المرشح المستقل طارق طلعت مصطفى القيادي السابق في الحزب الوطني المنحل، والذي يخوض جولة الإعادة ضد المستشار محمود الخضيري المدعوم من «الإخوان المسلمين» وتحالف «الكتلة المصرية». كما تردد أيضاً أن «الإخوان» سحبوا دعمهم للخضيري ما استدعى تكذيباً رسمياً من حزب «الحرية والعدالة» الذي أكد أنه مستمر في دعم الخضيري ضد مصطفى. كما كذّب حزب «المصريين الأحرار» ما أشيع حول دعمه مرشح «الوفد» في الدائرة الثالثة في كفر الشيخ محمد عبدالعليم داود، متهماً التيارات الدينية بالوقوف خلف هذه الإشاعة «في محاولة غير نزيهة لإسقاط منافسهم الشريف محمد عبدالعليم داود». وكانت معلومات عن دعم الكنيسة تحالف الكتلة وحزب «المصريين الأحرار» أثارت جدلاً في انتخابات المرحلة الأولى، لكن الكنيسة نفت ذلك. ولم تتوقف الإشاعات عند حد العملية الانتخابية بل طالت سمعة بعض المرشحين أحياناً. إذ نفى حزب «المصريين الأحرار» استدعاء قياداته في الإسكندرية للتحقيق معهم في مخالفات مالية بعدما سرت إشاعات في المدينة الساحلية بأن قيادات الحزب متهمون بالفساد. واعتبر الحزب أن هذه الافتراءات «مغرضة وتهدف إلى تحقيق مغانم انتخابية».