في وقت كان مئات يتكدسون أمام مدرسة طه حسين في حي إمبابة الشعبي التابع لمحافظة الجيزة في انتظار فتح لجان الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجلس الشعب المصري، تقدمت مجموعة من الشباب طليقي اللحى لتنظيم الحشد والطلب منهم الاصطفاف استعداداً لبدء الاقتراع، فما كان من الناخبين الغاضبين من تأخر فتح اللجان، إلا أن امتثلوا لتوجيهات «الشيوخ». ففي الحي الشعبي المكتظ بالسكان، حظوة ومكانة للإسلاميين اكتسبوها على مدى سنوات بعد أن خاض المتشددون منهم معركة دامية ضد الدولة في التسعينات، حتى أن وسائل الإعلام الأجنبية أطلقت على ذلك الحي آنذاك «جمهورية إمبابة الإسلامية» بعد أن سيطرت مجموعات مسلحة تابعة ل «الجماعة الإسلامية» عليه وأعلنت تطبيق الحدود وغيّبت سلطة الدولة نهائياً، ما استدعى تدخلاً عنيفاً للقضاء على «سلطة الإسلاميين». بعدها، تحولت المنطقة إلى مأوى لعدد كبير من الخارجين على القانون، لكن الجماعات الإسلامية وخصوصاً السلفيين وجماعة «الإخوان المسلمين» اكتسبت تدريجياً نفوذاً وأنصاراً من أهالي الحي الذي لم يستفد من موقعه المميز على الضفة الغربية لنهر النيل لتحسين أوضاع سكانه الذين يقدر عددهم بمليون ونصف المليون نسمة. إمبابة قدر لها أن تكون فرس الرهان في معركة مهمة بين الليبراليين والإسلاميين في محافظة الجيزة، إذ يتنافس على مقعد الفئات الفردي في الدائرة الثالثة التي تضم إمبابة والدقي والعجوزة الخبير السياسي عمرو الشوبكي والأمين العام لحزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان»، عمرو دراج. الشوبكي الذي تلحظ دعايته بالكاد وسط غابة من اللافتات والملصقات لمرشحي «الحرية والعدالة» و «النور» في إمبابة، مدعوم بقوة من التيار الليبرالي بمختلف توجهاته، ما يؤمن له نصيباً كبيراً من أصوات أهالي حيي الدقي والعجوزة الأفضل حالاً بحكم طبيعة سكانهما ومستوى تعليمهم، إلا أن أصوات أهالي إمبابة ستحسم المعركة خصوصاً في ظل ضخامة الكتلة التصويتية فيها. وبدا أن الشوبكي أدرك هذا الأمر، فسعى إلى حشد توافق عام حوله، وهو ما ظهر في تصريحات رفض فيها الاستقطاب الحاصل على الساحة السياسية، مؤكداً وسطيته وتواصله مع الجميع. ودعا كل الأطراف إلى عدم إدخال الدين في اختيارات المواطنين السياسية والانتخابية، وهو حرص على نفي انتمائه إلى أي كتلة أو تيار سياسي. يبقى أن المثقفين والليبراليين الذين آزروا الشوبكي في مؤتمراته الانتخابية وجولاته يتمنون أن يكرر ما صنعه زميله عمرو حمزاوي في دائرة مصر الجديدة حين اقتنص مقعدها باكتساح من مرشح «الإخوان» محمد أبو العزم.