يبدو التيار الإسلامي في مصر على بعد خطوة واحدة من انتزاع غالبية نيابية مريحة، بعدما حافظ على تصدره في المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية، فيما راوح الليبراليون مكانهم، لينافسوا على نسبة «شرفية» تسمح لهم بمناوشة الإسلاميين أسفل قبة البرلمان. واستمر إخفاق المرشحين الشباب الذين خاضوا المنافسة الانتخابية، فيما تبرز توقعات بفوز نحو 5 من أعضاء الحزب الوطني المنحل، خصوصاً في محافظات الصعيد التي تشتهر بالعصبيات. وتعدت نسب التصويت في هذه المرحلة 50 في المئة، بحسب المؤشرات الأولية. وعلى غرار المرحلة الأولى، نال الإسلاميون النصيب الأكبر من كعكة المقاعد التي دار التنافس عليها في المرحلة الثانية من الانتخابات، ففي ما يخص مقاعد القوائم الحزبية (120 مقعداً) أكدت نتائج غير رسمية احتفاظ حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، بالمركز الأول، وترواحت نسب التصويت لمصلحه الحزب الذي يقود «التحالف الديموقراطي من أجل مصر» بين 30 في المئة و50 في المئة. وحافظ أيضاً حزب «النور» السلفي على المركز الثاني. وتفيد المؤشرات أن نسب التصويت لمصلحته لن تنخفض عن تلك التي حققها في المرحلة الأولى والتي بلغت نحو 24 في المئة. وكان لافتا الحضور القوي للحزب المنضوي في تحالف سلفي يضم حزب «الأصالة» وحزب «البناء والتنمية»، الذراع السياسية ل «الجماعة الإسلامية»، في محافظة السويس التي تصدرت المشهد في الأيام الأولى للثورة. وتصدر الحزب النتائج هناك متخطياً بنسبة كبيرة «الحرية والعدالة». وبدا لافتاً أيضاً تصدر «الحرية والعدالة» في محافظة أسوان التي تعتمد في شكل كبير على السياحة. وبهذه المؤشرات، سيكون الإسلاميون ضمنوا على الأقل 60 في المئة من مقاعد البرلمان. في المقابل، ظهر تنافس آخر بين حزب «الوفد» وتحالف «الكتلة المصرية» على المركز الثالث، وبعدهما يأتي حزب «الوسط» ذو الخلفية الإسلامية، وإن كانت المؤشرات تفيد بتقدمه على «الوفد» و «الكتلة» في محافظة بني سويف. أما بالنسبة إلى المقاعد الفردية (60 مقعداً)، فإن الإسلاميين ضمنوا المنافسة على غالبيتها في جولة الإعادة التي تجرى يومي الإثنين والثلثاء المقبلين. وتفيد المؤشرات بدخول الخبير السياسي الدكتور عمرو الشوبكي الإعادة أمام القيادي «الإخواني» عمرو دراج. ورغم تقدم الشوبكي في نتائج الاقتراع، إلا أنه لم يتمكن من انتزاع 50 في المئة من إجمالي الأصوات. وأعلنت اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات في بني سويف فوز مرشح «الحرية والعدالة» محمد شاكر الديب بمقعد الفئات الفردي في الدائرة الثانية، فيما أفاد «الوفد» أنه ضمن المنافسة على 6 مقاعد في جولة الإعادة. وإذ أرجع «الوفد» تحسين نتائجه عن المرحلة الأولى إلى «الإفادة من الأخطاء»، عزا الإسلاميون استمرار تقدمهم إلى «ثقة الناخب التي تتأكد يوماً بعد يوم». واعتبر نائب رئيس «الوفد» فؤاد بدراوي، أن حضور حزبه القوي في المرحلة الثانية على عكس الأولى «يعود إلى سببين، الأول أن مرشحينا في المحافظات تعلموا الدرس جيداً وتلافوا الأخطاء والسلبيات التي وقعنا فيها في المرحلة الأولى، إضافة إلى أن الناخبين عدلوا من حساباتهم». أما القيادي البارز في «الحرية والعدالة» علي عبدالفتاح، فعزا استمرار تصدر «الإخوان» المشهد الانتخابي إلى «مقدار الثقة والمصداقية التي صنعتها التيارت الإسلامية في الشارع طيلة العقود السابقة»، معتبراً أن «القوى الليبرالية ركزت في حملات التشوية ضد الإسلاميين ولم تعمل على الأرض، وتلك الحملات تصب في مصلحتنا، فالإعلام لم يعد يؤثر في رأي الناخب». ورأى الناطق باسم حزب «النور» يسري حماد، أن نتائج الانتخابات «تؤكد أن الإسلاميين هم من يمثلون الشعب المصري، وهو ما كانت السلطة تسعى إلى تغييبه في العهد الماضي». وشن هجوماً على وسائل إعلام اعتبرها «تابعة للنظام البائد وتسعى إلى تشويه التيار الإسلامي». ولفت إلى أن «محافظة أسوان التي تعتمد على صناعة السياحة بالأساس، صوت نحو 92 في المئة من ناخبيها لمصلحة الحرية والعدالة والنور رغم حملات التخويف». وأظهرت المؤشرات الأولية أن غالبية الدوائر المخصصة للنظام الفردي ستُجرى عليها منافسة إسلامية-إسلامية في جولة الإعادة أو بين مرشح إسلامي وآخر ينتمي إلى حزب ليبرالي أو خاض الانتخابات مستقلاًّ. وأكد «الحرية والعدالة» أن معظم مرشحيه على المقاعد الفردية سيخوضون المنافسة في جولة الإعادة، مشيراً إلى تأكد دخول مرشحه علي إسماعيل جولة الإعادة مع محمد أنور السادات على مقعد الفئات في المنوفية. وأكد الناطق باسم «النور» أن نتائج حزبه في المرحلة الثانية أفضل من الأولى، مشيراً إلى أنه «يتصدر نتنائج التصويت في محافظتي السويس والبحيرة، فيما حجز المركز الثاني في باقي الدوائر». وأشار إلى أن مرشحين اثنين للحزب على مقعد العمال في محافظتي الإسماعيليةوبني سويف ضمنا على ما يبدو مقعدين، فيما خسر الحزب مقعداً في الجيزة، وهو المقعد الذي من المرجح أن تدور عليه جولة الإعادة بين الشوبكي ودراج. وأشار عضو الهيئة العليا في «الوفد» عصام شيحة، إلى أن حزبه ضمن 15 مقعداً على الأقل في القوائم، فيما يدخل 6 مرشحين في الحزب جولة الإعادة. ولفت إلى أن أبرز المحافظات التي يُوجد فيها «الوفد» بقوة هي الجيزةوالشرقية وسوهاج وبني سويف. ونفى مسؤول في اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات في محافظة الشرقية وقوع اعتداء على عدد من القضاة داخل لجنة فرز، وأكد أن «ما حدث هو مجرد تدافع طبيعي أثناء دخول لجنة الفرز، بسبب الزحام الشديد وحرص الجهات الأمنية والقوات المسلحة على التأمين الكامل والتأكد من شخصية كل من يدخل اللجنة». وأكد رئيس المكتب الفني للّجنة المستشار يسري عبدالكريم، أن «أعمال فرز أصوات الناخبين في المرحلة الثانية لانتخابات مجلس الشعب تسير على قدم وساق ومن دون توقف، منذ إعلان إغلاق صناديق الاقتراع الخميس»، لافتاً إلى أن «اللجنة العليا للانتخابات ستعلن النتائج النهائية لتلك المرحلة فور انتهاء عمليات الفرز كافة». وأشار إلى أن «اللجنة تتابع أولاً بأول وعن كثب مع القضاة الذين يقومون بأعمال فرز أصوات الناخبين، جميع التفاصيل ومجريات عمليات الفرز على مستوى المحافظات التسع، وسنتمهل في إعلان النتائج النهائية للانتخابات ضماناً للدقة المطلوبة في الأرقام والإحصاءات وإدراكاً لحجم الجهود المضنية المبذولة من جانب القضاة في عمليتي الاقتراع والفرز». وقال إن «كل لجان فرز أصوات الناخبين تعمل بكامل طاقتها وبحضور القضاة الاحتياطيين حتى يتم الانتهاء من فرز الأصوات في أسرع وقت ممكن»، مشيراً إلى أن «بعض اللجان توقفت أعمال الفرز فيها لأوقات محدودة، نتيجة التدفق الكبير من جانب المرشحين ومندوبيهم وأنصارهم لحضور عمليات فرز الأصوات، غير أنه تم تدارك هذه الأمور والتنسيق بين رؤساء اللجان العامة وقوات الأمن لتوفير المناخ الملائم لعملية الفرز حتى تخرج بصورة تعبر عن إرادة الناخبين».