تمر على الإنسان لحظات من الأحزان والآلام المريرة ومع مرور الوقت تهدأ النفس وتصبح هذه الأيام ذكرى قاسية يسعى الإنسان جاهداً لينساها ويركز اهتمامه ليومه ومستقبله ولكن لا بد أن يأتي لتلك الأحزان ما يجددها وتعود الذكريات المريرة إلى الوجدات وتتغلب فيها الأوجاع والآلام.. رحلت عن الدنيا بصمت وانسحبت بهدوء.. لم تفارق صورتها الجميلة مخيلتي.. حاولت أن أتناساها لكنها لم تغب وبقيت في الذاكرة.. ابنتي الحبيبة.. يا شمعة أنارت حياتي.. يا بسمة أحيت السعادة في خلجاتي.. يا حنيناً يمازج حبه أنفاسي. حبيبتي.. لم أجد إلا القلم لأبوح لك عما في قلبي من ألم. كم كان البيت جميلاً بوجودك فيه.. كم يعزف الفرح لحناً بسماع صوتك فيه.. كم يترنم الأنس شوقاً للقياك.. كم أمنيات حالمة كنت أرسمها لك.. أشتد الحنين إليك.. فما زالت ذكراك تؤرقني.. ابنتي الحبيبة.. ها قد مر على رحيلك عام كامل.. حينما تذكرت ذلك اليوم توقفت انفاسي.. وتسارعت دقات قلبي وارتجف جسمي. لم أصدق ما سمعت.. تمنيت أنه حلم مزعج بل حتى كابوس ولا يكون حقيقة.. خبر أصاب مني باعث الحب والأمل.. حقاً ما أصعب أن نفارق من نحب وما أقسى أن نودع من نعز.. وما أمر رحيل من نود. فرحيلك يا بنيتي الحبيبة ألم عجزت أن أداويه وجرح لم استطع تضميده.. لم أكن أحتمل النظر إليك عندما كنت مسجاة على فراشك. في لحظة وفاتك.. فكلما نظرت إليك أمسكت بي عبرة حارقة فأبكي وأبكي حتى تكاد تنفلق كبدي.. تمنيت أن أفديك بروحي ولا أراك على هذه الحال.. ازف الوداع فما استطعت وداعا فأرقت ما بين السطور يراعا وتهيجت روحي قبل رحيلها وشكت إلي الهم والأوجاع وانساب دمع المقلتين تأسفا ناداه وجد في الحشا فأطاع سكنت القلوب فأرعدت آهاتها حزناً عليها تحطم الأضلاع رحلت حبيبتي وصرمت أيامها ومضت أيام عمرها العذاب سراعا يا راحلة عنا رويدك فالحب لك كالغيث يحيي أنفساً وبقاعا نور أطل على الوجود سناؤه وأنار في الليل الظلوم شعاعا واليوم آذنت بالرحيل زمانها يالهف قلبي ما استطعت وداعا فارقت من عيني دموعي حسرة وأرقت ما بين السطور يراعا هل حقاً إني لن أراك يا صغيرتي بعد اليوم؟ هل حقاً إني لن أسمع صوتك بهد هذه اللحظة؟ صغيرتي.. لم يكن قلبي هو الوحيد الذي يعاني فراقك فالكل يحمل قلباً متفطراً لوادعك.. والجميع بكى رحيلك.. حتى لعبك تئن لفراقك وتحن لسماع صوتك.. هكذا الدنيا دار ابتلاء وامتحان ونكد وأحزان متغيرة الأطوار متبدلة الأحوال كبحر متلاطم الأمواج ليس فيها سعادة أبدية ولا لذة حقيقية. نعم مصائب الدنيا لا تنتهي وبلاياها لا تنقضي... فرحيلك يا صغيرتي من أعظم المصائب علي فاللهم لا اعتراض ولعل هذه الكلمات من بوح الخاطر من شدة الحنين ولعل عزاءنا حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أخرج الإمام أحمد في مسنده عن معاوية بن قرة عن أبيه - رضي الله عنه - أن رجلاً كان يأتي الرسول (صلى الله عليه وسلم) ومعه ابن له فقال له الرسول (صلى الله عليه وسلم): أتحبه؟ فقال يا رسول الله: أحبك الله كما أحبه ففقده النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: ما فعل فلان ابن فلان قالوا يا رسول الله مات! فقال الرسول (صلى الله عليه وسلم): ما تحب أن لا تأتي باباً من أبواب الجنة إلا وجدته ينتظرك! فقال رجل: يا رسول الله له خاصة أو لكلنا!! (بل لكم كلكم" أسأل الله أن لا يحرمني الأجر ويجعلني من الشاكرين الراضين الصابرين المحتسبين وأن يجمعني بك في جنات عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين. محبتك دائماً وأبداً والدتك: مها العمر