دعا الرئيس التونسي الجديد المنصف المرزوقي لدى توليه أمس مهمات منصبه كرابع رئيس لتونس منذ الاستقلال العام 1956، شعب بلاده إلى «المصالحة» عقب الثورة التي أطاحت حكم زين العابدين بن علي. وقال إن «لا مكان للثأر والانتقام... لكن لن نخضع للابتزاز». وأقسم المرزوقي صباح أمس اليمين الدستورية بعدما انتخبه نواب المجلس التأسيسي مساء الإثنين رئيساً لتونس. وتعهد الرئيس الجديد الحفاظ على مبادئ الثورة التي أطاحت بن علي في 14 كانون الثاني (يناير) الماضي، وكانت باكورة ثورات «الربيع العربي». وقال المرزوقي الذي أعلن استقالته من رئاسة حزبه «المؤتمر من أجل الجمهورية»، إنه سيكلّف اليوم الأربعاء الأمين العام لحركة «النهضة» حمادي الجبالي تشكيل الحكومة الجديدة. وعقدت «النهضة» الفائز الأكبر في انتخابات المجلس التأسيسي، اتفاقاً مع «المؤتمر من أجل الجمهورية» وحزب «التكتل من أجل العمل والحريات» نال بموجبه «المؤتمر» منصب رئاسة الجمهورية و «التكتل» منصب رئيس المجلس التأسيسي الذي تولاه مصطفى بن جعفر، في حين نالت «النهضة» منصب رئيس الحكومة. ولم يكن واضحاً أمس ما إذا كان تحالف الأحزاب الثلاثة سيتفق على حل وسط لفترة ولاية رئيس الجمهورية الجديد. ففي حين لا ينص قانون المجلس التأسيسي على ولاية محددة، اتفقت الأحزاب الثلاثة على أن تكون سنة واحدة. لكن المرزوقي قال في أكثر من مناسبة إنه يفضّل أن تكون ولايته الرئاسية من ثلاث سنوات كي يتم خلالها انجاز الدستور الجديد للبلاد. ويتولى المرزوقي منصب الرئيس بعدما نُزعت منه بعض الصلاحيات لمصلحة رئيس الحكومة، في إطار سعي الحكم التونسي الجديد إلى تقييد الصلاحيات الواسعة التي كانت في يدي الرئيسين السابقين بن علي والحبيب بورقيبة اللذين همّشا رئاسة الحكومة. كما أن المرزوقي سيقود البلاد في ظل حكومة من الواضح أنها ستكون تحت هيمنة الإسلاميين. فإضافة إلى أن رئيسها الجبالي هو الأمين العام ل «النهضة»، ستحصل الحركة الإسلامية أيضاً على حقيبتي الخارجية والداخلية. ويُتوقع أن يشغل حقيبة الخارجية رفيق عبدالسلام، زوج ابنة زعيم الحركة راشد الغنوشي، والذي يشغل منصباً في قناة «الجزيرة» القطرية. أما الداخلية فستذهب إلى سجين سياسي سابق من «النهضة» هو علي العريض. أما حقيبة المال فستذهب إلى «التكتل من أجل العمل والحريات» اليساري. ويكون المرزوقي بوصوله إلى الرئاسة قد حقق حلماً راوده العام 1994 عندما ترشح منافساً لبن علي لكن ترشيحه رُفض لعدم حصوله على التواقيع اللازمة. وكلّفه تحديه للرئيس المخلوع السجن الانفرادي أربعة أشهر قبل أن يُفرج عنه بتدخل من الزعيم الجنوب افريقي نيلسون مانديلا. وتسلّم الرئيس الجديد قصر قرطاج صباح أمس من الرئيس الموقت فؤاد المبزّع، بعدما أقسم اليمين الدستورية بوضع يده على نسخة من القرآن الكريم متعهداً «الحفاظ على استقلال الوطن وسلامة ترابه ونظامه الجمهوري» و «الوفاء لأرواح الشهداء وتضحيات التونسيين على مر الأجيال» و «تجسيد مبادئ الثورة». وأكد في كلمة وجهها إلى الشعب التونسي أنه سيعمل على «وضع أسس الدولة الديموقراطية والمدنية» التي تحترم فيها الحقوق وتضمن فيها الحريات وبخاصة حرية المرأة التي قال «إنه سيعمل على تعزيزها لا فقط على مستوى مجلة الأحوال الشخصية بل وكذلك من خلال دعم حقوقها الاقتصادية والاجتماعية». وأشار إلى أن الدولة التونسية ستعمل على «حماية المنقبات والمحجبات والسافرات» بلا تمييز وبمساواة أمام القانون.