حسن - «توماس»، هيثم - «ماتياس»، انعام - «تريز» وسحر - «صوفيا» والسلسلة تتبع. هذه ليست ثنائيات مسرحية لها علاقة بالتمثيل أو السينما ولا «دويتو» غنائياً يتم التحضير له، بل هي أسماء لمهاجرين شباب من أصول عربية، وجدوا في تغير أسمائهم، فرصة أكبر للحصول على عمل وانخراطهم في مجتمعاتهم الجديدة. ولا تقتصر الظاهرة على السويد أو الدول الاسكندنافية، بل تتعداها لتشمل دول أوروبا وأميركا كما تشمل الإناث والذكور على السواء، وخصوصاً من هم في عمر الشباب لتركيز سوق العمل عليهم في شكل أكبر. ويقدم كثيرون من المهاجرين العرب خصوصاً على تغير أسمائهم وكنيتهم، دافعهم الأول الحصول على فرصة عمل أو في أضعف الإيمان، لإدراجهم ضمن قوائم المرشحين لإجراء «المقابلة» التي تسبق التوظيف. وعلى رغم أن الظاهرة اجتماعية بحتة، لكنها وفي ما يخص المهاجرين من بلدان الشرق الأوسط، تأثرت في شكل خاص بتفجيرات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، وإعلان الحرب على الإرهاب وتنامي ما يطلق عليه في الغرب «الإسلاموفوبيا». ويقول محمد عبدالله (29 سنة) إنه كان لا بد له من تغيير اسمه ليتمكن من الحصول على فرصة متكافئة على الأقل مع أقرانه من السويديين في مقابلة أصحاب العمل قبل الموافقة على التعيين. ويرى عبدالله أن طلبات العمل للأشخاص الذين يحملون اسماً يدل على انتمائهم الديني أو الجغرافي، تهمل مباشرة قبل النظر في الكفاءات التي يتمتع بها الشخص او حتى اكمال قراءة ال «السي في» الخاص به. واعتقاد عبدالله الذي غير اسمه إلى انطون، شائع بين المهاجرين. فهم يرون أن الأسماء العربية تؤثر في أصحابها «سلباً» وتمنع عنهم فرص العمل حتى وإن كانوا يستحقونها وكانوا قادرين على إثبات جدارة فيها، لذلك فهم يعمدون إلى تغير أسمائهم بما يتناسب مع الأسماء «الشائعة» في المجتمع السويدي. تغيير الأسم حق يكفله القانون وتمنح المحكمة الإدارية العليا في السويد، الحق لكل شخص تجاوز سن ال 18 في تغيير اسمه إلى الاسم الذي يختاره مقابل مبلغ مالي بسيط. ويلاحظ أن معظم الذين غيروا أسماءهم تمكنوا من الدخول في شكل أسرع إلى سوق العمل، وهو سبب رئيس في دفع المهاجرين إلى الإقدام على ذلك، بالإضافة إلى أسباب أخرى منها إزالة «الوصمة الاجتماعية» التي تلاحق بعضهم، وإبعاد الشبهات «السلبية» المرتبطة بالظروف التي تعيشها بلدانهم، كما يرى البعض أنها خطوة لتحقيق الاندماج مع المجتمع الجديد، عبر اسم جديد، يسهل النطق به ويتناسب مع ثقافة بلد المهجر. ويعتبر السويديون من أكثر الشعوب التي تقبل على تغيير أسمائها وفقاً للإحصاءات الصادرة بهذا الشأن إذ سجل «PRV» وهو مختصر لمكتب تسجيل الأسماء والاختراعات والجهة التي يلجأ إليها الراغب بتغيير اسمه، 8000 شخص سجلوا للحصول على أسماء جديدة في 2010 وهي زيادة قدرت نسبتها ب 65 في المئة مقارنة بالأعوام السابقة. غير أن دوافع السويديين في ذلك تختلف تماماً عن دوافع المهاجرين. فالسويديون يغيرون أسماءهم، والأكثر ألقابهم، لإضفاء التغير على حياتهم أو لتغير حاصل في أوضاعهم الاجتماعية وبخاصة في حالات الزواج والطلاق. وترى ابتسام سلام (28 سنة)، واسمها آلان تريز، أن الاختلافات موجودة بين المهاجرين أنفسهم، «فالقادمون من دول آسيوية مثل الصين وتايلند وفيتنام، ومثلهم كثيرون، لا يجدون صعوبات كثيرة مع أسمائهم مثلما هو الحال لدى المهاجرين العرب، بل إن أصحاب العمل يفضلونهم أكثر من غيرهم، لذلك تكون فرص الحصول على عمل بالنسبة إليهم أيسر». محمد سعيد (23 سنة) الذي يعمل وكيل مبيعات اضطر إلى تغير اسمه إلى ماغنوس بعد الصعوبات التي واجهها في زيادة أرباح عمله. فعلى رغم أن سعيد يجيد اللغة السويدية، بحكم دراسته في البلد، غير أن اسمه كان عائقاً في كسب الزبائن. ويقول سعيد إن «شطارتي في العمل وإمكاناتي الدعائية لم تثمر إلا بعدما غيرت اسمي، فالكثير من الزبائن كانوا ينهون المكالمة الهاتفية معي فور تعريفي عن نفسي». وللدعاية والإعلان شأن كبير في السويد للترويج عن الخدمات والسلع، وتحرص الشركات المنتجة على جذب أكبر عدد من الزبائن عن طريق لفت انتباههم للمنتج الجديد، وتوظف في ذلك جيشاً من الشابات والشبان، يسوقون للمنتج الجديد من طريق الهاتف أو من خلال إيقاف المارة, ويحصل الموظف على نسبة من بيع المنتج، ما يحتم عليه بذل جهود ليست سهلة لإقناع الزبون. ويقول سعيد: «أعتقد أن اسم ماغنوس مكنني من العيش في وضع اقتصادي مستقر نوعاً ما».