واشنطن - أ ف ب - اعتبر الرئيس باراك اوباما انسحاب الجنود الاميركيين من المدن العراقية «محطة مهمة» في اتجاه انسحاب كامل واستعادة العراق سيادته كاملة، لكنه حذر من «ايام صعبة» سيواجهها العراق، وكلف نائبه جو بايدن الاشراف على السياسة العراقية وجهود المصالحة السياسية في العراق. وقال اوباما في تصريح في البيت الابيض أول من أمس «اود ان اقول بضع كلمات حول المرحلة المهمة التي اجتزناها في العراق». وتابع: «يعتبر العراقيون عن حق هذا اليوم بمثابة يوم عيد. انها خطوة مهمة الى الامام لان عراقا سيدا وموحدا يواصل الامساك بمصيره». واضاف: «على قادة العراق الآن اتخاذ بعض الخيارات الصعبة الضرورية لتسوية مسائل سياسية اساسية من اجل تعزيز الفرص وفرض الامن في مدنهم وبلداتهم» واصفاً الانسحاب الأميركي بأنه «فرصة ثمينة». لكنه تابع: «لا تخطئوا التقدير، ستكون هناك ايام صعبة. نعرف ان العنف سيتواصل في العراق، لقد شهدناه في الاعتداء العبثي الذي وقع اليوم (الثلثاء) في كركوك»، في اشارة الى الاعتداء الذي ادى الى مقتل أكثر من 27 واصابة 50. وكان اوباما جعل من انهاء حرب العراق التي استمرت ست سنوات اولوية بارزة من اولويات السياسة الخارجية الاميركية. وعلى رغم الشكوك في قدرة القوات الوطنية العراقية على ضمان الامن، استعاد العراق الثلثاء السيطرة على مدنه بموجب اتفاق امني ابرم في تشرين الثاني (نوفمبر) 2008 في عهد الرئيس الاميركي السابق جورج بوش بين واشنطن وبغداد وينص على انسحاب الجنود الاميركيين من المدن والبلدات في 30 حزيران (يونيو) على ان ينسحب الجيش الاميركي بالكامل من العراق بحلول نهاية 2011. والتزم اوباما بهذا الجدول الزمني وهو الذي كان اساسا من المعارضين لهذه الحرب قبل شنها. وبعد الانسحاب بات الرئيس اقرب الى تحقيق الوعد الانتخابي الذي قطعه بوضع حد لنزاع دخل سنته السابعة. وباستثناء عدد ضئيل من الجنود سيمكثون في المدن حيث سيقتصر دورهم على تقديم النصح والتدريب للقوات العراقية، سيبقى الجنود الاميركيون من الآن فصاعدا في ثكنات خارج المدن حتى انسحابهم في نهاية 2011. واكد اوباما عزمه على سحب جميع الجنود بحلول هذا التاريخ على ان تعود جميع القوات القتالية بحلول ايلول (سبتمبر) 2010. وما زال حوالي 133 الف جندي اميركي متمركزين في العراق. وحض اوباما مرة جديدة القادة العراقيين على القيام «ببعض الخيارات الصعبة» من اجل تحقيق مصالحة سياسية، متعهداً بأن تبقى الولاياتالمتحدة «حليفا متينا» لهم في جهودهم هذه. واشاد الرئيس الاميركي بدور القوات الاميركية في العراق وقال: «لقد تغلبت قواتنا على كل العقبات لتوفير هذه الفرصة الثمينة للشعب العراقي». وكان وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس اعلن ان «الوضع لا يزال خطيرا» متوقعا «استمرار الهجمات المتفرقة». ورأى ان «تنظيم القاعدة وتنظيمات اخرى تسعى الى زيادة مستوى العنف لايهامنا بأنهم ارغمونا على الانسحاب من المدن ولاثبات ضعف قوات الامن العراقية» لاعادة تحريك العنف الطائفي. واكد بعد ان تفقد جنودا جرحوا في العراق وافغانستان في مستشفى لاندشتول العسكري الاميركي (جنوب غربي المانيا) ان «الوضع يبقى خطيرا. لقد قتل اليوم ايضا اربعة من جنودنا». وتابع ان «بعض المناطق مثل الفلوجة وكركوك والبصرة هادئة»، لكن «في الموصل كنا في خضم معارك عندما جاء موعد الانسحاب وشهدنا عمليات انتحارية دامية في بغداد» أخيراً. وحذر غيتس من «اننا لم نعد بعد الى ديارنا»، في حين ان 133 الف جندي اميركي لا يزالون في العراق. من جهة أخرى، اعلن البيت الابيض ان اوباما كلف نائب الرئيس جو بايدن الاشراف على السياسة العراقية وجهود المصالحة السياسية في العراق بالتشاور مع سفير الولاياتالمتحدة في بغداد كريستوفر هيل وقائد القوات الاميركية في العراق الجنرال راي اوديرنو. وقال المتحدث باسم البيت الابيض روبرت غيبس انه «نظرا الى معرفته بالمنطقة وعدد الزيارات التي قام بها اليها، فهو مؤهل تماما للاضطلاع بهذا الدور». ولم يعط غيبس المزيد من الايضاحات حول العمل الذي سيقوم به بايدن كما انه لم يستعمل كلمة «وسيط» بين مختلف المجموعات العراقية. واشار الى ان بايدن هو اهل «تماما» للقيام بهذا الدور «نظرا الى معرفته بالمنطقة وعدد المرات التي زارها». وردا على اسئلة الصحافة عما اذا كان اوباما يستبعد اعلان النصر في العراق قال غيبس «سنمنع اولئك الذين يطبعون اللافتات من الاقدام على اي حماقة». وكان المتحدث يشير بكلامه هذا الى لافتة تحمل عبارة «المهمة انجزت» وقف بوش امامها في ايار (مايو) 2003 بعد بضعة اسابيع على شن الحرب على العراق ليعلن انتهاء العمليات العسكرية الكبرى في هذا البلد، وقد اضحت رمزا للاخطاء التي ارتكبت فيه. اما قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال راي اوديرنو فأفاد ان حوالي 120 الف جندي اميركي سيكونون في البلاد في كانون الاول (ديسمبر) المقبل. وقال في مؤتمر عبر الفيديو تم بثه في واشنطن من بغداد ان «ذلك قد يتغير لأنني املك بعض المرونة حيال ما يحدث على الارض». واضاف انه يريد على الاخص التأكد من التمتع بعديد كاف لضمان حسن سير الانتخابات في كانون الثاني (يناير). ويفترض ان يخفض عدد القوات الاميركية الى 50 الفا مع نهاية ايلول (سبتمبر) 2010. من جهة أخرى، اعلن الجنرال اوديرنو ان دعم طهران للمجموعات المسلحة في العراق تراجع بعض الشيء لصالح استراتيجية اقل زخما. واضاف: «اعتقد ان ما شهدناه هو تراجع لمستوى الدعم». وتابع، في مؤتمر صحافي عبر الاقمار الاصطناعية مع المراسلين في وزارة الدفاع الاميركية، ان الايرانيين «لا يزالون يؤمنون التدريب والاسلحة لكنني اعتقد ايضا انهم يريدون ان يكون لهم تأثير اقل زخما». ورأى ان تراجع الدعم للمجموعات المسلحة له علاقة بإنجازات القوات الاميركية والعراقية كما باعتراف طهران ان قسما من استراتيجيتها في العراق فشل. واوضح ان هذا التراجع «يعود للضغوط التي مارسناها مع القوات المسلحة العراقية على طول الحدود» وايضا لاكتشاف مخابئ اسلحة او الحد من نفوذ مجموعات موالية لايران. واوضح ان الايرانيين ادركوا ايضا «في شباط (فبراير) او اذار (مارس) من هذه السنة ان قسما من استراتيجيتهم فشل». وذكر بالاتفاق الامني العراقي الاميركي الطويل الاجل رغم معارضة طهران الشديدة وايضا بالنتائج المخيبة للمرشحين المدعومين من ايران في انتخابات المحافظات. وأثارت اسئلة الصحافيين قائد القوات الأميركية ففقد أعصابه، خصوصاً سؤاله مراراً عن عدد القوات التي سيتم الاحتفاظ بها في المدن كمستشارين للقوات العراقية. وأصبح غضبه واضحا عندما سئل عن السبب في أنه لا يستطيع أن يقدم رقماً، وعلا صوته قائلا: «لانه لن يكون دقيقا لانني لا أعرف بالضبط كم سيبقى في المدن انه يتغير من يوم لآخر استنادا الى المهمة». وأصبح أكثر غضبا ازاء الإلحاح عليه لإعطاء رقم تقريبي وقال: «كم مرة تريدون مني أن أقول لا أعرف».