أوضح اختصاصي العلاج الطبيعي الطبيب مساعد الحسني أن المواقع التي يطلق عليها مسمى «ممشى» ليست سوى «أرصفة» غير مصممةٍ لرياضة المشي أو الجري، عاداً «البلاط» المستخدم لرصفها لا يمتص الخطوات، ولا يعطي دعماً للقدم لتكتمل الفائدة الطبية من قصد المشي بل على النقيض من ذلك، «لأن الفتحات المنقوشة بين البلاطات تؤثر سلياً، وقد تتسبب للماشي أو الراكض بالإصابة». وطالب الحسني بتخصيص أماكن مهيأة للمشي، خصوصاً وأن المشي والجري على السير الرياضي أثبت علمياً (على حد قوله) أنه يفاقم مشكلة تآكل مفاصل الركبة، داعياً إلى ضرورة أن تمارس هذه الرياضة في أماكن بعيدة عن ضجيج السيارات تجنباً للمخاطر التي من الممكن أن يتعرض لها المشاة نتيجة تلوث المنطقة بعوادم السيارات والحوادث المرورية، وأن تكون الأرضيات خشنة ومنبسطة مستوية لتجنب الانزلاق أو التعرض للإصابة، معتبراً المشي خارج الصالات الرياضية المغلقة أفضل نفسياً. وفي الوقت الذي تفتقر فيه أغلب أحياء جدة إلى المرافق العامة والأماكن المخصصة لرياضة المشي، فإنها أيضاً تعاني في الوقت نفسه من فقر في وجود الخدمات التموينية ووسائل السلامة، وعدم انسيابيتها لتكون مكاناً صالحاً للمشي. وتتعرض المواقع المخصصة للمشي في جدة من عوائق تتمثل في تعرجات مساراتها التي يحددها الرصيف غير مستقيم المسار والأرضيات الهابطة والمكسرة، الأمر الذي يؤرق الأصحاء قبل المضطرين لرياضة المشي ممن يعانون السمنة، والأمراض التي يتطلب علاجها الإكثار من المشي. ويعتبر عدم توافر أماكن مخصصة للمشي مكتملة الخدمات سبباً رئيساً في لجوء كثيرين إلى الأندية الرياضية، وشراء أجهزة المشي المنزلية مثل «السير المتحرك» المثبت في المنزل كحلٍ بديل ومفضل لديهم، فضلاً عن السلوكيات «اللاأخلاقية» التي تُمارس في ميادين المشي من البعض والتي تنفر العوائل مثلاً من المجيء إليها مرةً أخرى. من جهتها، طالبت الناشطة الاجتماعية مريم خضر بأن يتم تخصيص أيام محددة من الأسبوع من قبل الأندية الرياضية بدرجاتها في المناطق كافة يومياً للنساء للاستفادة من المشي والرياضة على ميدان الملعب الخاص بالنادي، كون ملاعب الأندية وميادين الجري والمشي بها مجهزة وفق معايير الهدف الصحي والحقيقي للرياضة، وتتمتع بوسائل السلامة الكاملة، ويتاح فيها للمرأة كشف وجهها لكي تستنشق الهواء الصحي الذي تحتاجه الرئة أثناء الجري أو المشي، بعيداً عن الذهاب إلى المخططات التي تعج بالمفحطين. وأضافت: «نعاني من عدم مراعاة ظروف ذوي الاحتياجات الخاصة ممن يحتم عليهم العلاج الطبيعي المشي بطريقة معينة في مكان مهيأ، والسبب يعود إلى اختلاف المماشي من شارع إلى آخر لتجد في بعض المماشي المسارات تهوي صعوداً ونزولاً، الأمر الذي يجعلها طاردة لهواة المشي لتصبح أرصفة غير صديقة لعشاق هذه الرياضة». وشكا خالد الرويسان بدوره من صعوبة الوصول للممشى بسهولة كونه غالباً ما يتوسط المدينة أو في أماكن تعج بالحركة المرورية، ويسهم تهور بعض قائدي المركبات بخلق أجواء توتر دائمة تخيف الرياضيين من انحراف المركبات على الأرصفة، ويقول: «لا ينتهي فضول المتطفلين الذين يزعجون الرياضيين بضرب منبه السيارة بشكل مزعج من أجل لفت الانتباه إليهم». خالد محمد شاب هاجر الممشى العام ولجأ للاشتراك بنادٍ رياضي، يقول «للأسف الشديد شوارعنا لا تشجع رياضة المشي، فلا يوجد بها حدائق للاستراحة، إضافة إلى البيئة السيئة وعدم وجود أماكن مخصصة للمشي، حتى ما يستحدث في بعض الأحياء من أماكن لم تفعّل بشكل جيد، والسبب يعود إلى عدم اهتمام الجهات المعنية، علاوةً على انتشار العبارات الخادشة للحياء على جدران بعض مواقع المشي والتي تُخجل من يريد الذهاب إلى المشي برفقة أسرته أو أبنائه، وتخلق سلوكاً بصرياً مزعجاً يحول دون الذهاب إليها».