خيمت أجواء «ثورات الربيع العربي» والأزمة الأوروبية على أعمال المؤتمر السنوي للبورصات العربية 2011، الذي افتُتح أمس في أبوظبي وسط تأكيدات ب «استحالة خروج أسواق المال العربية من أزمتها من دون عودة الاستقرار السياسي والأمني إلى الدول العربية التي تواجه تحديات سياسية في هذه المرحلة، ومن دون أن تتخذ دول الخليج المالكة فوائض مالية قراراً بالتدخل في أسواقها لإحياء الثقة في بعض أسواق المنطقة، بهدف جذب المستثمرين وصناديق الاستثمار والسيولة المتوافرة لديهم للعودة إلى هذه الأسواق. تداعيات الازمة وأكد الأمين العام لاتحاد البورصات العربية فادي خلف في حديث إلى «الحياة»، أن الأسواق العربية «صمدت في وجه الأزمة»، لكن عودة النشاط إليها «لا يزال يترقب وضوح الرؤية في مستقبل مستجدات الأزمة الأوروبية والمتغيرات الجيوسياسية في المنطقة». وأمل في «عودة ارتفاع أسعار النفط التي ستؤثر إيجاباً على أسواق المنطقة». ولفت إلى أن الأسواق العربية «تمكنت من الارتفاع الجزئي لتعويض جزء من خسائرها». وأشار إلى أن القيمة الترسملية للبورصات العربية (17 بورصة) «تبلغ 660 بليون دولار حالياً، بعدما انخفضت من 1.3 تريليون دولار إلى 550 بليوناً عام 2008 نتيجة أزمة المال العالمية». وأكد خلف في افتتاح المؤتمر، الذي يُعقد في «وقت حرج تتدحرج فيه كرة النار من القطاع العقاري إلى القطاع المالي والمصرفي ومن ديون مصارف وشركات القطاع الخاص إلى ديون سيادية ومن قارة إلى أخرى». وأوضح أن الأسواق المالية العالمية «لا تزال تتقاذف كرة النار، فيما نعيش في المنطقة ربيعاً ما زالت براعمه غضة، وشتاء بارداً قارساً، تتفاعل فيه البورصات بين عجز وانخفاض وركود وتضخم». ولفت إلى أن «أسواقنا واكبت الانخفاض في الأسواق المالية العالمية لكن لم تواكبها في الارتفاع»، مشيراً إلى أن تلك العالمية «تمكّنت من الارتداد بنسبة 71 في المئة عن القاع الذي سجلته في آذار (مارس) عام 2009 معوضة 48 في المئة من خسائرها. وحافظت الأسواق الناشئة على نسبة 109 في المئة معوضة 57 في المئة من خسائرها». خسائر وأرباح وشدد خلف على أن بعض البورصات العربية «استطاعت تعويض بعض خسائرها وفي مقدمها القطرية والسعودية، إذ عوّضت كل 30 في المئة من الخسائر، فيما بقي معظم الأسواق العربية الأخرى دون مستوى الارتفاعات المحققة الأسواق العالمية، ولا يزال بعضها دون مستويات عام 2009». ولاحظ أن الأسواق العربية التي تأثرت بأزمة المال العالمية «تأثرت مجدداً بالتطورات الجيوسياسية في المنطقة والأزمة الأوروبية». ولم يغفل أهمية الربط بين الأسواق الخليجية، وهو «الموضوع الرئيس للمؤتمر في هذه الدورة»، معتبراً أنها «تحمل عوامل تقارب كثيرة تساعد على الربط في ما بينها، بخلاف الأسواق الأوروبية». وأوضح أن الدول الخليجية «تجمعها خصائص اجتماعية متناسقة، كما أن معظم عملاتها مرتبطة بالدولار ما يوفر نواة لعملة خليجية موحدة، وتنعم بمقدرات اقتصادية تستند إلى ثروة نفطية كبيرة ما يسهل التقارب في ما بينها». ورأى خلف ضرورة الربط بين الأسواق الخليجية، لأن هذه الدول «مقبلة بفعل النمو السكاني الكبير وارتفاع الدخل الإجمالي فيها، من ترليون دولار هذه السنة الى تريليونين عام 2020، على تحقيق طفرة اقتصادية، ما يتطلب انفتاحاً يواكب هذا التطور، استكمالاً لخطوات التقارب المحققة في دول الخليج، والتي تتلخص بالاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة والاتحاد النقدي الذي يشكل مدخلاً نحو العملة الموحدة». وأعلن رئيس مجلس إدارة سوق أبوظبي للأوراق المالية ناصر السويدي، ممثَّلاً بنائب رئيس هيئة الأوراق المالية والسلع الإمارات حمد عبدالله الشامسي، أن المؤتمر يعقد هذه السنة «وسط ظروف استثنائية تعطي للحدث أبعاداً جديدة». واعتبر أن «ما تشهده المنطقة من اضطرابات سياسية واقتصادية ستمثل أحد أبرز محاور النقاش والحوار، للوقوف على ما خلفه وسيخلفه من آثار على أسواق المال العربية وسبل مواجهته، فضلاً عما يشهده العالم من صعوبات اقتصادية متفاقمة وأزمة وشيكة وتعاف اقتصادي متباطئ، ولو كانت هناك شكوك كبيرة في استمراره». صعوبات هيكلية ولم يخفِ السويدي، أن «أسواقنا العربية تمرّ في صعوبات واختلال، سواء هيكلي أو تنظيمي أو رقابي أو في مجال توافر رؤوس الأموال والسيولة اللازمة، كما تعاني من سيطرة الأفراد لا المؤسسات على السوق». ولفت إلى أن «الربيع العربي» وعلى ما يحمله من آمال وطموحات، سيدفع في اتجاه مزيد من عدم الاستقرار والتراجع وتزامن مع ما يواجهه العالم من مشاكل مالية متراكمة، خصوصاً دول الاتحاد الأوروبي». وأكد «الحاجة إلى تنسيق الجهود وتبادل الخبرات والتعاون البناء في تطوير البيئة التشريعية والتنظيمية، وتذليل الصعوبات التي تعترض الاستثمار العربي وتوسيع قاعدته وتنويع أدواته، وحفز رؤوس الأموال العربية في مجالات الاستثمار والتنمية في بلادنا العربية».