أعرب المشاركون في المؤتمر الثاني والثلاثين لاتحاد البورصات العربية، الذي اختتم أشغاله في الدارالبيضاء، عن تفاؤلٍ حذر في شأن وضع أسواق المال العربية التي كانت تكبدت خسائر قدرت بنحو 600 بليون دولار جراء أزمة المال العالمية التي كلفت الاقتصاد الدولي خسائر تجاوزت 30 تريليون دولار. وقال الأمين العام للاتحاد الدكتور فادي خلف (لبنان)، إن الأزمة المالية أدت إلى تبخر 45 في المئة من الثروات العالمية، بحيث انخفضت الرسملة السوقية للأسهم من 62 إلى 32 تريليون دولار، بين 2007 و2008، وانخفض مؤشر أسواق المال العربية بنحو 50 في المئة، مع تباينات من منطقة إلى أخرى، وسجلت اكبر خسائر في أسواق الخليج ومصر، بينما كانت الخسائر اقل في منطقة شمال أفريقيا، حيث خسرت السوق المغربية 14 في المئة العام الماضي. واعتبر خلف أن وضع أسواق المال العربية، يظل افضل من مثيله في الدول الصناعية، التي انعكست فيها الأزمة على الاقتصاد الإنتاجي والصناعي، وأثّرت في معدلات النمو التي أصبحت سالبة. وتأثرت الأسواق العربية أساساً بانخفاض أسعار النفط، التي تشكّل أهم مصادر الدخل في معظم الدول العربية، التي تنتج 20 في المئة من إمدادات النفط وتكتنز 45 في المئة من الاحتياط العالمي. وتوقع مدير بورصة عمان جليل طريف في حديث إلى «الحياة»، استقرار البورصات العربية في 2009، بعد فترة الصدمة التي تلت الهبوط الحاد للأسواق في الربع الأخير من العام الماضي. وقال: «إن أزمة المال استنفدت قوتها وهي في طريقها إلى الانحسار بعد الإجراءات التي أعلنت عنها قمة العشرين في لندن (2 نيسان/أبريل الجاري)». ولفت إلى أن البورصات العربية، أصبحت أكثر نضجاً وخبرةً وأكثر قدرة على التكيف مع الأزمات. وتوقع طريف، أن تحقق الاقتصادات العربية نمواً معقولاً بين 3 و4 في المئة. وعلى رغم انخفاض أسعار النفط، بسبب تنوع المصادر من جهة، ووجود فائض في السيولة ومناعة النظام المصرفي العربي، لم يستبعد طريف أن تتأثر المنطقة بما يجري في العالم، بخاصة على أوضاع التحويلات والمهاجرين والسياحة والصادرات، وغياب التكتلات الاقتصادية العربية. ووصف الخبير الدولي اريك بيرتراند، أزمة المال العالمية بكونها الأعنف في تاريخ البشرية، تفوق مرتين أزمة 1929 التي بلغت فيها خسائر الاقتصاد الأميركي 7 في المئة من الثروة، بينما تقدر اليوم ب 11 في المئة، فاقمتها العولمة، وتواجه نقصاً حاداً في السيولة وأوضاعاً اجتماعية صعبة نتيجة إفلاس شركات صناعية ومؤسسات مالية كبيرة، لافتاً إلى أن العالم سيشهد ظهور قوى اقتصادية ومالية في آسيا والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية مع تراجع الدور التقليدي للدول الغربية (أميركا وأوروبا). ووصف أسباب الأزمة بباخرة «التيتانيك» حيث تسبب الهلع والتدافع نحو النجاة إلى غرقها.