أحدث الموفد الدولي الى الصحراء كريستوفر روس «مفاجأة» في تعاطيها مع تطورات الملف، وشكل اجتماعه مع الأمين العام للاتحاد المغاربي حبيب بن يحيى في الرباط «افتراقاً» لافتاً لجهة توسيع الدعم لجهوده الرامية الى جمع أطراف النزاع في مفاوضات مصغرة وغير رسمية «تمهد لتعبيد الطريق أمام الجولة الخامسة من المفاوضات المباشرة المعلقة». وصرح روس، قبل اجتماعه مع الأمين العام للاتحاد المغاربي الذي يتخذ من الرباط مقراً له، بان الطريق اصبح سابكاً لعقد أول لقاء غير رسمي بين الأطراف المعنية في موعد ومكان لم يحددهما. وان كان الراجح ان يتوزع بين عواصم أوروبية للابتعاد عن اي تاثير أو ضغوط في توجيه مسار المفاوضات، لكن دلالات تفاؤله هذه المرة تكمن في ان جولته الى منطقة الشمال الافريقي شملت الجزائر وموريتانيا ومخيمات تيندوف حيث تتخذ جبهة «بوليساريو» مقرا لها ثم المغرب كمحطة أخيرة. وتعتبر هذه المرة الأولى التي يستمزج فيها وسيط دولي في نزاع الصحراء موقف الأمانة العامة للاتحاد المغاربي، خصوصا ان ازمة الصحراء شكلت عائقاً أمام معاودة تفعيل الاتحاد، بل انها كانت وراء تعليق مؤسساته العام 1994 عندما اعتبرت الرباط ان موقف الجزائر وقتذاك خلال نقاش في الأممالمتحدة حول الصحراء «لا يتماشى والتزامات البناء المغاربي». علما ان قضية الصحراء لم تطرح رسمياً على جدول اي من القمم المغاربية، اذ ان الملف اصبح من اختصاص الأممالمتحدة، وفي رأي مراقبين، قد يكون الديبلوماسي الاميركي سعى الى اضفاء دعم اقليمي على مشروعه لجلب الأطراف المعنية الى مفاوضات، خصوصاً في ضوء الدعم الذي تحظى به جهوده من الولاياتالمتحدة واسبانيا وفرنسا. وبات يعول على دعم مواز من العواصم المغاربية، وان كان بعض أطرافها معنيين مباشرة بالنزاع. وفسر اجتماعه مع الامين العام للاتحاد المغاربي بمثابة استكشاف لافق اي دعم مغاربي لهذا التوجه، ذلك ان الأمانة العامة للاتحاد ليست المرجعية المقررة، ولكن في إمكانها نقل المعطيات الى رئاسة الاتحاد واجهزته التنظيمية. وعلى رغم إبداء الأطراف موافقتها على عقد مفاوضات مصغرة غير رسمية لا زالت الشكوك تحوم حول جوهرها. فقد حدد رئيس الديبلوماسية المغربية الطيب الفاسي الفهري آفاق جهود التسوية في عدم الانطلاق من نقطة الصفر، وقال ان روس «سيواصل عمله على اساس ما حققته الأممالمتحدة وما حققه سلفه (بيتر فان فالسوم) والدينامية التي خلقتها مبادرة الحكم الذاتي المغربية». وربط بين «المهمة المحددة» لروس وتنفيذ قرارات مجلس الأمن التي دعت الى أخذ التطورات التي شهدها الملف في الاعتبار، ورأى ان المهم هو التوصل الى حل سياسي وفاقي، مجدداً التزام بلاده الانخراط في المفاوضات، أكان ذلك على صعيد اللقاءات المصغرة غير الرسمية أو في إطار الجولة الخامسة المرتقبة في أفق «مفاوضات جادة وجوهرية».