لئن عاش الأديب السعودي الراحل عبد الكريم الجهيمان (1914 - 2011) الذي غيبه الموت مساء الخميس الماضي، السنوات الأخيرة من عمره بعيداً من الناس والكتابة، فإنه كان حاضراً بقوة، حديث الأدباء والمثقفين، بما تمكن من إنجازه خلال فترات متفرقة من حياته. شكلت الصحافة انعطافه مهمة في مسار اهتماماته، وأعطت مساحة واسعة للقيم والمبادئ الإصلاحية التي كان ينادي بها. أسس الراحل صحيفة «أخبار الظهران» العام 1954 وصدرت أولى أعدادها من بيروت، غير أن هذه الصحيفة، ما لبثت أن توقفت بعد ثلاث سنوات فقط من انطلاقتها، وتم إيقاف الجهيمان، إثر مقال نشره يدعو فيه كاتبه إلى تعليم المرأة، قبل نحو 65 عاما. وبعد حياة طويلة قضاها في التعليم، ومحاربة الجهل والأمية، وجد نفسه يخوض معركة أخرى ضد الظواهر السلبية في المجتمع ومؤسساته الناشئة آنذاك. عاش الراحل قرناً من الزمن سجل له مواقف حاسمة من قضايا عاناها المجتمع في السعودية، دفع ثمنها سجناً وتهميشاً. كرم في عدد من المدن السعودية، واختاره المهرجان الوطني للتراث والثقافة شخصية ثقافية في العام 2001 . ولعل المرحلة الأهم في حياته، هي مشروعه في جمع وتوثيق الأساطير والحكم الشعبية في قلب الجزيرة العربية، إذ أصدر خمسة مجلدات من الأساطير وعشرة مجلدات من الحكم والأمثال الشعبية، واستغرق في جمعها نحو 25 عاماً. لم ينل العمر المديد ولا رخاء العيش من صلابة مواقفه الاجتماعية والفكرية، فظل وفياً لذاته ولتاريخه وللقيم والمبادئ التي نادى بها. قال عنه الراحل غازي القصيبي: «يجيئنا عبد الكريم الجهيمان محملاً بأساطير الجزيرة كلها، حتى لنحسه أسطورة من أساطيرها». ويصفه الشاعر محمد العلي، ب «طفل يلهو بالحياة». ويقول الناقد سعد البازعي عنه إنه «رجل قلم أقرب إلى السيف أو البندقية في صدقه وجرأته وحبه لوطنه». في حين يرى الناقد عبد العزيز السبيل أنه «لو قيض لهذه الحياة مخرج مميز فيمكن أن يخرج منها فيلم سيؤرخ لفترة طويلة من تاريخ الجزيرة العربية، عبر شخصيات عبد الكريم الجهيمان». وقال الناقد معجب الزهراني إنه «لم يمارس قط أي شكل من أشكال الكذب والنفاق والمداهنات في سبيل مصلحة شخصية له، وهو فوق ذلك حفي كل الحفاوة بتنمية الوعي في المجتمع، الذي ينتمي إليه»، في ما شبه الناقد عبد الله الغذامي ما فعله الجهيمان بما أنجزه الجاحظ والأصفهاني في العصر العباسي. سادن الأساطير رحيل عبدالكريم الجهيمان... رجل التنوير سعد البازعي: كاتب أقرب إلى السيف أو البندقية عبد العزيز السبيل: مجموعة رواد في شخصية عبدالله الغذامي: نجح الجهيمان وأخفق توفيق الحكيم القشعمي: كان رجلاً لا ينافق ولا يجامل معجب الزهراني: رائد إصلاحي كبير