تحولت المناطق الصحراوية في المنطقة الشرقية، خصوصاً البعيدة عن التجمعات السكنية، إلى ما يشبه «المنتجعات البرية»، بعد أن بدأت مئات العوائل إضافة إلى مجموعات شبابية، في التخييم، أو ما يُعرف محلياً ب «الكشتات». وهيأت الأمطار التي هطلت على المنطقة خلال الأسبوع الجاري، لبدء موسم التخييم والرحلات البرية، إذ تسبب في جعل التربة أكثر صلابة، ما يجعل السيارات تسير على الرمال بسهولة، دون أن تنغرز إطاراتها فيها. وهو ما يغري الكثيرين على ممارسة صعود الكثبان الرملية (التعطيس)، وفي المقابل، يحول هبوب رياح محملة بالرمال. وسُجلت أول من أمس (الأربعاء) حالات تغيب لعدد من الموظفين والموظفات، عن مقار عملهم، للاستمتاع بالأجواء الشتوية، لمدة ثلاثة أيام متتالية. فيما بدأت محال تجارية، في عرض بضائعها المُخصصة للرحلات، مثل الخيام وخشب التدفئة، إضافة إلى الدراجات النارية البرية، وخزانات المياه المخصصة للإيجار، وغيرها، بأسعار «مرتفعة»، إثر زيادة الطلب عليها. واعتادت عوائل قضاء فترات من بدء فصل الشتاء، في المناطق الصحراوية التي تكتظ بالزوار. فيما تتباين فترات البقاء في هذه المناطق بين يوم واحد، إلى أكثر من ذلك، وقد تمتد في بعض الأحيان إلى طوال فصل الشتاء، بحسب الارتباطات العملية لكل شخص، كنوع من التغيير وكسر الروتين اليومي. فيما يستغل البعض الإجازة الأسبوعية والعطل الرسمية، للتواجد في هذه المناطق. ويتباين مستوى المخيمات، بحسب الإمكانات الشخصية لكل عائلة، أو مجموعة عوائل، أو مجموعة أصدقاء شبان، فهناك الخيام «التقليدية»، وأخرى «فاخرة»، عادة ما ينصبها رجال الأعمال. فيما بدأت شركات خاصة في المنطقة، بتجهيز مخيماتها، كنوع من الخدمات «الترفيهية»، التي تقدمها الشركات لموظفيها، وذلك من خلال عمل جداول زمنية يتم حجزها مُسبقاً، من قبل الموظفين لاستغلال هذه المخيمات مع عوائلهم. وتطورت أساليب الرحلات في المناطق البرية، من القديمة التي كانت تقتصر على تركيب الخيام، وتزويدها بالاحتياجات الأساسية، وبعض الألعاب المسلية، مثل «البلوت»، وألعاب شعبية أخرى، إلى استخدام أحدث الأساليب التكنولوجية، مثل الانترنت و»آيباد». ففي الوقت الذي لا يزال الكثير يفضل هواية الصيد، وممارسة «التطعيس»، وتسلق الكثبان الرملية، في مثل هذه الأوقات، كجزء من الموروث الشعبي، إلا أن «الوضع تغير عن ذلك في هذا الوقت، خصوصاً أن الكثير من الشبان بدؤوا يتجهون إلى هوايات أخرى، مثل تصوير النجوم، ومشاهدة الأفلام السينمائية الجديدة في الصحراء، مستفيدين من التقنيات الحديثة، التي توفرت خلال السنوات الخمس الماضية» بحسب قول وليد علي، الذي اختار وأصدقاءه صحراء السفانية، لقضاء عطلة نهاية هذا الأسبوع. ويقول سعد السهلي: «إن إقبال الشبان على التخييم، يأتي نتيجة اعتزازهم في العادات والتقاليد العربية، التي ورثناها من آبائنا، قبل التحول إلى الحياة المدنية»، موضحاً أن التخييم والرحلات البرية عموماً «تتيح الفرصة للأجيال الشبابية، لتجربة العيش في مثل هذه المناطق، كما كان ذووهم في الماضي». ويحرص السهلي، على استغلال هذه الأجواء في التخييم «في شكل متكرر، خصوصاً في إجازة نهاية الأسبوع، لأن ارتباطي العملي يمنعني من التواجد في شكل مستمر في الصحراء». فيما يؤكد إبراهيم المقبل، أنه يحرص على التواجد يومياً في مخيم دائم نصبه ورفاقه قريباً من مطار الملك فهد الدولي في الدمام، موضحاً «أنا أعزب، وليس لدي التزامات عائلية كبيرة، لذا أحرص على التواجد شبه اليومي، مع مجموعة من الأصدقاء في المخيم. فيما نستغل الإجازة الأسبوعية للمبيت هنا»، مبيناً أن الشباب الآن «يملكون الخبرة الكافية، لطريقة تخطيط المخيمات الحديثة، التي تشمل توفير وسائل ترفيهية مختلفة، تتناسب مع كل الأجناس، مثل تزويد المخيم بالانترنت، وشاشات البلازما السينمائية، إضافة إلى مزاولة الرياضة، مثل كرة تنس الطاولة، وغيرها». وتستغل النساء تواجدهن في المناطق الصحراوية، في مزاولة الألعاب الشعبية، وحتى لعب كرة القدم والطائرة، «بعيداً عن القيل والقال» بحسب قول إيمان إبراهيم، التي تستفيد من تواجد عائلتها في الصحراء، في «تعلم قيادة السيارة، وحتى التطعيس، مع تصلب التراب، بفعل هطول الأمطار، أملاً في السماح لنا بمزاولة القيادة رسمياً مستقبلاً». ولم يكترث عدد من الموظفين، بتسجيلهم «غياباً»، بعد أن «أجبرتنا حلاوة الطقس وجمال الأجواء الشتوية، على التغيب عن مقار أعمالنا، للاستمتاع في مثل هذه الأجواء، لأيام متواصلة، تبدأ من يوم الثلثاء وحتى مساء الجمعة. فيما نعود إلى أعمالنا صبيحة يوم السبت». وقالت فاطمة حسين (إدارية في إحدى مدارس الدمام): «غابت أكثر من 17 معلمة يوم الأربعاء، فضلاً عن عدد كبير من الطالبات، وبعد أن كنا نعتقد أن سبب الغياب صعوبة المواصلات، بسبب الأجواء الممطرة. إلا أنه تبين لاحقاً، أن معظمهم كان غائباً عن الدوام، لتواجدهن في المناطق البرية مع عوائلهم. ما سيتسبب في حسم هذا اليوم من مرتبات المعلمات، إذا لم يقمن بإحضار أعذار مقبولة، أو تقارير طبية، كما تجري العادة».