توقع السفير الإسرائيلي السابق في عمّان، مدير «معهد أبحاث الأمن القومي» عودد عيران أن يواجه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في الأشهر القليلة المقبلة «الاختبار الأكثر تعقيداً والأصعب له ولسلطته» منذ ورث والده في الحكم قبل 13 عاماً. وكتب في مقال نشره المعهد أمس أن التطورات في ثلاث من الدول المجاورة للأردن، العراق وسورية والضفة الغربية، تحمل في طياتها تأثيرات بعيدة المدى على المنطقة عموماً وعلى استقرار الأردن تحديداً. وأضاف أن التأثيرات على المملكة ستكون على الصعيد الداخلي وعلى حدودها على السواء، «فعلى الصعيد الداخلي تتحرك المعارضة وتثور، سواء من الأخوان المسلمين أو من العشائر والمدن الجنوبية التي هي للوهلة الأولى موالية للملك». وأضاف أن انسحاب القوات الأميركية من العراق قد يخلّف فوضى في هذا البلد، ما من شأنه أن يعاظم نزوح اللاجئين من العراق إلى الأردن، علماً أن أكثر من نصف مليون عراقي نزح إلى المملكة قبل ثمانية أعوام وساهم في تفاقم الأزمة الاقتصادية فيها. وأضاف أن استمرار التوتر بين الشيعة والسنة قد يجر الأردن إلى هذه المواجهة رغماً عنه. وزاد أن الثورة في سورية تضع تحدياً جديداً أمام النظام في الأردن، إذ تثير من جديد التخوف الأردني الدائم من أن تصبح المملكة «ملاذاً آمناً» للهاربين من قسوة النظام السوري الحالي، «فضلاً عن التخوف من تحوّل الأردن لاحقاًَ ملجأً لأبناء الطائفة العلوية في حال تشكيل نظام سنّي بديل في دمشق». وأضاف الباحث أن تغيير النظام في سورية سيؤدي من جهة إلى فك العلاقة بين دمشق وطهران وتراجع علاقة النظام السوري بالمجموعات التي حاولت في الماضي إثارة القلاقل في المملكة، لكن من جهة أخرى، فإن حقيقة وقوف «الإخوان المسلمين» في الأردن إلى جانب معارضي النظام السوري الحالي وطلبهم من الملك عبدالله الثاني الاعتراف بالمجلس الوطني السوري «يضع الملك في وضع غير مريح، إذ أن تعزيز التعاون بين الإخوان المسلمين في الأردن والإخوان في سورية يثير بلا شك مخاوف في القصر الأردني». وأردف أن التظاهرات الغاضبة في مدن مركزية في الأردن في أعقاب مقتل شاب أردني الأسبوع الماضي في مدينة الرمثا الحدودية بعد أن اعتُقل بتهمة مساعدة السوريين على شراء السلاح ومات في السجن، اتسمت بالشغب والفوضى أيضاً نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة للأردنيين واتهامهم أركان الحكومة بالفساد، ما اضطر الملك إلى تعيين الشخصية الرفيعة القاضي عون الحصاونة رئيساً للحكومة الجديدة آملاً بذلك أن يكسب الرأي العام في المملكة. كما رأى الباحث أن تعيين الحصاونة يحمل رسالة إلى «الأخوان المسلمين» في المملكة، فهو معروف بعلاقته الجيدة ب «الإخوان» ومعارضته في حينه اعتبار السلطات الأردنية حركة «حماس» في الأردن غير قانونية واعتبار القرار خطأً. وزاد أن «الأخوان» قد لا يكتفون بهذا التعيين في أعقاب النجاح السياسي الذي حققته الحركة في عدد من الدول العربية في الانتخابات ألأخيرة. وأشار الكاتب إلى قلق العاهل الأردني من التطورات التي قد تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتلة، مشيراً إلى أن زيارته الأخيرة لرام الله في أعقاب المصالحة الفلسطينية الداخلية، عكست مخاوفه من أن تقود هذه المصالحة إلى تجديد نشاط «حماس» في الضفة القريبة من الأردن جغرافياً وديموغرافياً. وتابع أن «التقارب بين فتح وحماس قد يقضي على مسار المفاوضات الفلسطيني - الإسرائيلي، وهو ما يقلق الأردن لأنه قد يجر إلى جولة عنف جديدة مع الفلسطينيين وإسرائيل ستكون نتائجها وخيمة على كل الأطراف، بما فيها الأردن». وزاد أن نزوح موجة جديدة من اللاجئين الفلسطينيين إلى الأردن، بالإضافة إلى التخوف من اللاجئين السوريين والعراقيين، يقض مضاجع أركان المملكة الهاشمية. وختم الكاتب مقاله بالإشادة بتصريح لوزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان قبل أسبوعين قال فيه إن من يرى (بين الإسرائيليين) أن الأردن هو الدولة الفلسطينية يسبب أضراراً استراتيجية لمصالح إسرائيل الأمنية، مشدداً على أن الأردن هو عامل مهم في استقرار المنطقة.