طهران، لندن، واشنطن، نيويورك – «الحياة»، أ ب، رويترز، أ ف ب - استعادت إيران أمس، أجواء عملية احتلال السفارة الأميركية، التي وُصفت بانها «وكر التجسس»، بعد الثورة عام 1979، إذ شهدت للمرة الأولى منذ سنوات، اقتحام مجمعَين للسفارة البريطانية، حيث أُطلقت قنابل حارقة وأُحرقت أعلام بريطانية ومُزقت صورة للملكة اليزابيت الثانية. وأبدت الخارجية الايرانية أسفها للهجوم على السفارة، مؤكدة التزامها حماية الديبلوماسيين، فيما نفى مسؤول ايراني أن يكون اقتحام السفارة «منظماً». واستهجنت الخارجية البريطانية الحادث، مشيرة الى تعرّض السفارة ل «هجوم واقتحام وحرق ممتلكات وتخريب»أخرى، منددة بما حصل. وأضافت في بيان: «من واجب الحكومة الايرانية حماية الديبلوماسيين والسفارات على أراضيها». وأعلنت الوزارة أن مسؤولين بريطانيين بارزين «تحدثوا الى القائم بالأعمال الايراني في لندن»، وطلبت من جميع مواطنيها في إيران «ملازمة منازلهم والابتعاد عن مسرح الأحداث». وفي سياق ردود الفعل، دانت الولاياتالمتحدة وفرنسا وإيطاليا وروسيا اقتحام السفارة البريطانية، فيما أعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ان بلاده تتوقع أن تتبعها دول أخرى، في فرض عقوبات مالية على إيران، وأن تتخذ تدبيراً «صارماً» إذا نفذت طهران قانوناً أقرّه مجلس الشورى (البرلمان) وصادق عليه مجلس صيانة الدستور، لخفض العلاقات الديبلوماسية والاقتصادية مع بريطانيا، بما فيه طرد سفيرها في طهران، احتجاجاً على منع لندن مؤسساتها المالية من التعامل مع القطاع المالي الايراني، بما في ذلك المصرف المركزي الايراني. وتظاهرت مجموعات «طالبية» من جامعات وحوزات دينية، أمام السفارة البريطانية وسط طهران، رافعة صوراً لمرشد الجمهورية علي خامنئي، وأحرقت سيارة للسفارة وأعلاماً بريطانية كما اصطدمت بشرطة مكافحة الشغب. ورشق المتظاهرون السفارة بقنابل حارقة وحجارة، مرددين «الموت لإنكلترا»، ثم اقتحمها بعضهم، متسلقين أسوارها، وأنزلوا علم بريطانيا، واستبدلوه بعلم ايراني، كما مزقوا صورة للملكة اليزابيث الثانية ونزعوا شعار الملكية. ودعوا الى إغلاق السفارة، معتبرين أنها «وكر تجسس»، وهو تعبير استُخدم في وصف السفارة الأميركية لدى احتلالها في 4 تشرين الثاني (نوفمبر) 1979، وحيث احتُجز 52 ديبلوماسياً 444 يوماً. الى ذلك، أفادت وكالة «مهر» بأن المتظاهرين «أخرجوا وثائق وأحرقوها»، مشيرة الى أن «موظفي السفارة هربوا من الباب الخلفي لمبناها». وبعد نحو ساعتين، سيطرت الشرطة على الوضع، وأخرجت المتظاهرين من السفارة، لكن وكالة «فارس» أفادت لاحقاً بأن الشرطة اشتبكت مجدداً مع المحتجين أمام المبنى، مطلقة غازاً مسيلاً للدموع لتفريقهم. واشارت الى سقوط جرحى من الطرفين، خلال محاولة قوى الإمن إخراج المتظاهرين من السفارة التي دخلوا إليها مجدداً. في الوقت ذاته، أفادت «إرنا» بأن الشرطة أغلقت مدخل مجمع السفارة البريطانية في شمال طهران، بعدما اقتحمه مئات الطلاب من ميليشيا «الباسيج»، و»صادروا وثائق سرية وتجسسية». ونقلت وكالة «فرانس برس» عن ديبلوماسي بريطاني أن جميع الرعايا البريطانيين «في أمان» داخل المجمع الذي كان مقراً صيفياً للسفير البريطاني، وهو حديقة ضخمة تضم منازل يستخدمها موظفو السفارة، وما زالت تحمل صفة ديبلوماسية. وبثت وكالة «فارس» أن الشرطة «حررت ستة أشخاص يعملون في مجمع السفارة» شمال طهران، بعدما احتجزهم طلاب، في حين نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول ايراني تأكيده أن اقتحام مجمعَي السفارة «لم يكن منظماً، ولا دور للنظام فيه». وفي نيويورك وزعت البعثة البريطانية في الأممالمتحدة مشروع بيان على أعضاء مجلس الأمن يدين بموجبه المجلس «بأقسى العبارات الاعتداء ضد سفارة بريطانيا في طهران الذي أدى الى اقتحام مقر البعثة والقنصلية وأدى الى أضرار جدية». وقالت مصادر مجلس الأمن إن أياً من أعضاء المجلس لم يُبد اعتراضاً على نص البيان وأن المجلس متجه الى تبنيه (بعد ظهر أمس الثلثاء بتوقيت نيويورك). وبحسب مشروع البيان «يذكر مجلس الأمن بالمبادىء الأساسية حول حصانة المقرات الديبلوماسية والقنصلية وواجبات الحكومات المضيفة اتخاذ كل الخطوات المناسبة لحماية المقرات الديبلوماسية والقنصلية ضد أي اقتحام أو أذى، وتجنب أي إزعاج لسلامة البعثات أو المس بكرامتها». ويدعو مجلس الأمن وفق مشروع البيان «السلطات الإيرانية الى حماية الممتلكات الديبلوماسية والقنصلية واحترام التزاماتها الدولية بشكل كامل في هذا الشأن».