بدأت بريطانيا بإجلاء افراد طاقمها الدبلوماسي من ايران الاربعاء غداة اقتحام سفارتها في طهران من جانب متظاهرين مقرّبين من النظام، في هجوم أثار احتجاجات دولية وندّد به بشدة مجلس الامن في بيان انتقدته ايران واصفة اياه "بالمتسرع". وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية "نتيجة لأحداث الامس ومن اجل ضمان امن الدبلوماسيين فان افراداً من الطاقم الدبلوماسي يغادرون الآن طهران"، مؤكداً بذلك معلومات اوردتها مصادر دبلوماسية في وقت سابق نشرتها وكالة فرانس برس. واضاف المتحدث: "اوضح رئيس الوزراء (ديفيد كاميرون) ووزير الخارجية (وليام هيغ) جليا ان سلامة طاقمنا واسرهم تبقى أولويتنا الراهنة". وكانت مصادر دبلوماسية غربية قالت ان بريطانيا بدأت امس الاربعاء بإجلاء كافة موظفيها الدبلوماسيين في طهران بنقلهم الى الامارات وان مجموعة اولى ممن جرى إجلاؤهم استقلوا صباح امس الاربعاء طائرة متجهة الى دبي، في اطار سحب كافة الدبلوماسيين البريطانيين من ايران. وقالت المصادر ان عملية الإجلاء تجري بمساعدة وزارة الخارجية الايرانية والعديد من السفارات الاوروبية ومنها سفارة فرنسا. وصفت كلينتون للصحافيين على هامش مؤتمر في كوريا الجنوبية الهجوم الايراني بأنه "إساءة ليس فقط للشعب البريطاني بل ايضاً للمجتمع الدولي"، وجاء تصريحها بعد حث الرئيس الامريكي باراك اوباما في واشنطنطهران على "محاسبة المسؤولين" عن اقتحام السفارة البريطانية.وكان العشرات من المتظاهرين المتشدّدين، وقالت أنباء إنهم من كوادر فرق الباسيج المتشدّدة التابعة للحرس الثوري، هاجموا السفارة البريطانية في طهران يوم الثلاثاء واحتلوها وخربوا محتويات المبنى مطالبين بإغلاق السفارة. ولجأ الطاقم الدبلوماسي في السفارة، الذي يقدّر عدد أفراده بنحو عشرين شخصاً، إلى مكان آمن داخل المقار الدبلوماسية ولم يُصب أي منهم بجروح. واثار الهجوم ادانات دولية واسعة، فقد ادان مجلس الامن الدولي الحادث "بأشد العبارات الممكنة" في الوقت الذي اعربت فيه طهران عن "أسفها". وندّد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون امس الاربعاء باقتحام السفارة وتخريبها. وقال المتحدث باسم بان كي مون في بيان ان "الامين العام اعرب عن صدمته وسخطه للحادث الذي جرى في طهران واقتحم خلاله متظاهرون السفارة البريطانية واحتجزوا موظفين فيها رهائن لفترة قصيرة ودمّروا ممتلكات فيها". واوضح البيان ان الامين العام اعرب عن مشاعره هذه خلال اجتماع عقده مع وزير التنمية الدولية البريطاني اندرو ميتشل على هامش مؤتمر في كوريا الجنوبية. ورحّب الامين العام بإدانة مجلس الامن الدولي للهجوم، ودعا السلطات الايرانية للتحقيق في الحادث وضمان عدم تكراره. كما اعربت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون عن "ادانتها الشديدة"، مطالبة السلطات الايرانية بحماية الدبلوماسيين الاجانب المعتمدين لديها. وقالت كلينتون للصحافيين على هامش مؤتمر في كوريا الجنوبية إن الهجوم الايراني "اساءة ليس فقط للشعب البريطاني بل ايضاً للمجتمع الدولي"، وجاء تصريح كلينتون بعد حث الرئيس الامريكي باراك اوباما في واشنطنطهران على "محاسبة المسؤولين" عن اقتحام السفارة البريطانية. وكانت واشنطن قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع ايران عقب اقتحام طلاب سفارتها في 1979 عقب اندلاع الثورة الإيرانية حيث احتجز 52 رهينة امريكيين طيلة 444 يوماً. وفي أثناء اقتحام السفارة البريطانية هتف محتجون مقرّبون من النظام "الموت لبريطانيا" حيث مزّقوا العلم البريطاني وخرّبوا ممتلكات السفارة واستولوا على مستندات. ووصفت روسيا، الحليف الرئيس الاقرب الى ايران، الهجوم على السفارة ب"غير المقبول". وتباطأت وحدات الشرطة المكلفة بحماية الدبلوماسيين في مهامها، حيث استغرقت عدة ساعات لتحرير ستة دبلوماسيين حوصروا من جانب مئات المحتجين داخل احدى البنايات التابعة للسفارة البريطانية بشمال العاصمة طهران، حسبما افادت وكالة فارس الايرانية للانباء. وتحدّث شهود عيان عن مشاهد اضرام النار في وثائق تابعة للسفارة بوسط العاصمة، بينما سرق احد المتظاهرين صورة للملكة اليزابيث الثانية. ونقلت وكالة ايرنا الرسمية الايرانية للانباء عن علاء الدين بوروجردي رئيس لجنة الامن والسياسات الخارجية بمجلس الشورى الايراني قوله ان ايران "تحترم كافة القوانين الدولية ومعاهدة فيينا (حول حماية البعثات الدبلوماسية) ولا يتعيّن على الدبلوماسيين او سفارات البلدان الاخرى الخشية بعد هذا الحادث". غير ان بريطانيا وصفت اقتحام سفارتها ب"الاخفاق الذريع من جانب الحكومة الايرانية"، محذرة رعاياها من السفر لغير الاسباب الضرورية لإيران، وناصحة من تبقى في ايران بالمكوث في منازلهم. بدورها اعلنت الحكومة النروجية امس الاربعاء انها اغلقت سفارتها في طهران بعد مهاجمة وتخريب البعثة البريطانية. وقالت الناطقة باسم الخارجية النروجية هيلده شتاينفيلد ان الدبلوماسيين النرويجيين ما زالوا في طهران ولم يتخذ بعد قرار بإجلائهم. وكانت بريطانيا والولايات المتحدة تزعمتا التحركات الغربية الاخيرة لتصعيد الضغوط على ايران على خلفية برنامجها النووي الذي يخشى ان يكون غطاء لتصنيع اسلحة نووية. وجاء اقتحام ونهب المقار البريطانية قبل اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الاوروبي اليوم الخميس يتوقع ان يكشف خلاله عن عقوبات جديدة تستهدف طهران على خلفية برنامجها النووي.