اقتحم طلاب إيرانيون مجدداً مقرّ السفارة البريطانية في طهران واستخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريقهم واعتقلت عدداً منهم، فيما اقتحم متظاهرون حديقة تتهم طهران البعثة الدبلوماسية البريطانية ب"احتلالها" وتمكنت قوات الأمن من إنقاذ 6 موظفين بريطانيين احتجزوا فيها. وذكرت وكالة (مهر) للأنباء مساء امس، أن "الطلاب اقتحموا مبنى السفارة مرة ثانية بعد إقامة صلاة الجماعة أمامها، ودخلت مجموعة أخرى من الطلاب إلى الفناء"، بعد أن كان المئات من الطلاب الغاضبين اقتحموا مقرّ السفارة في وقت سابق وأنزلوا العلم البريطاني وأحرقوه ورفعوا العلم الإيراني مكانه. وذكرت وسائل الإعلام الإيرانية أن الشرطة اشتبكت مع المتظاهرين واستخدمت الغاز المسيل للدموع لإخراجهم من مقرّ السفارة، ما أدى إلى إصابة عدد من المحتجين، إصابة واحد منهم خطرة، كما سجلت إصابات في صفوف قوات الأمن. واعتقلت الشرطة عدداً من المتظاهرين، وبالرغم من جهودها لتفريقهم إلا أنهم اشترطوا الإفراج عن جميع زملائهم. وأطلق المتظاهرون على العمل الذي يقومون به اسم "احتلوا السفارة" وشددوا على أنهم يتصرفون من تلقاء أنفسهم وليس بأمر من الحكومة وسيستمرون باعتصامهم، وأوضحوا في بيان نشرته وكالة (فارس) إن "احتلال السفارة البريطانية يقوم به طلاب ثوريون ولم يأمر به أي جهاز أو مؤسسة". وأضافوا أنه "كان يجب احتلال السفارة البريطانية مباشرة بعد الثورة قبل 33 سنة"، معتبرين أن احتلالها "يخدم مصالح إيران الوطنية". إلى ذلك، اقتحمت مجموعة أخرى من الطلاب حديقة "قلهق" في شمال طهران، التي تتهم الحكومة الإيرانية البعثة الدبلوماسية البريطانية ب"احتلالها". وبدأ حوالى 200 طالب إيراني اعتصاماً في الحديقة، التي تقول إيران إنها ملك لها استولى عليها المجلس الثقافي البريطاني ب"شكل غير شرعي". وتمكنت قوات الأمن الإيرانية من إنقاذ 6 موظفين بريطانيين احتجزوا في الحديقة بعد أن حاصرهم المتظاهرون. وقالت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية "إن اقتحام مجموعة من الطلبة الإيرانيين لمقر السفارة البريطانية في طهران جاء كرد فعل على "استشهاد الدكتور مجيد شهرياري استاذ الفيزياء النووية في جامعة الشهيد بهشتي" حيث تتزامن هذه الأحداث مع الذكرى السنوية الأولى لمقتله. وأضافت الوكالة أن " الشهيد شهرياري قد نال الشهادة على يد قوى تابعة للغرب كانت بريطانيا ضالعة بدور فيها" مشيرة إلى أن الطلبة المحتجين كان بحوزتهم صور لشهرياري كما رفعوا شعارات مكتوب عليها "تسقط بريطانيا" و"الموت لأمريكا وإسرائيل". واعربت وزارة الخارجية الايرانية عن "اسفها" امس للهجوم على السفارة البريطانية في طهران التي احتلها متظاهرون عمدوا الى تخريبها. وفي بيان اصدرته وكالة مهر، اعربت الوزارة "عن اسفها للتصرف غير المقبول الذي قام به عدد صغير من المتظاهرين على رغم جهود الشرطة"، واكدت انها "طلبت من السلطات ان تتخذ على الفور التدابير الضرورية" لانهاء احتلال السفارة. الى ذلك حمّل وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ امس الحكومة الإيرانية مسؤولية الفشل في اتخاذ تدابير كافية لحماية سفارة بلاده في طهران، وتوعد باتخاذ إجراءات. وقال هيغ في بيان إن "مئات من الناس اقتحموا مجمعي سفارتنا في طهران، ووضعوا سلامة دبلوماسيينا وعائلاتهم في خطر، وتسببوا بوقوع أضرار واسعة النطاق فيهما". وشدد على أن المملكة المتحدة "تأخذ بمحمل الجد هذا العمل غير المسؤول، والذي يرقى إلى انتهاك خطير لإتفاقية فيينا التي تقتضي حماية الدبلوماسيين والمباني الدبلوماسية في جميع الظروف، وتحمّل الحكومة الإيرانية مسؤولية الفشل في اتخاذ التدابير الكافية لحماية سفارتنا، كما هو مطلوب". وأضاف وزير الخارجية البريطاني أنه "تحدث مع نظيره الإيراني للاحتجاج بأقوى العبارات على هذه الأحداث، والمطالبة باتخاذ خطوات فورية لضمان سلامة الموظفين ومجمعي السفارة البريطانية على حد سواء". وقال هيغ إن وزير الخارجية الايراني "أعرب عن أسفه لما حدث وأكد أنه سيتم إتخاذ إجراءات رداً على ذلك، لكن الحادث يظل يمثل فشلاً خطيراً من قبل الحكومة الإيرانية، وتم على ضوئه استدعاء القائم بالأعمال الإيراني في لندن إلى وزارة الخارجية بعد ظهر امس، وعقد اجتماع للجنة إدارة الطوارئ في الحكومة برئاسة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون". وقال هيغ "أوضحنا للحكومة الإيرانية بأن عليها اتخاذ خطوات فورية لضمان سلامة الموظفين البريطانيين، وضمان إعادة الممتلكات التي أُخذت من السفارة، وتأمين الحماية لها بأثر فوري". وأضاف "ستكون هناك عواقب أخرى خطيرة، سيدلي ببيان حولها في البرلمان اليوم". وأثارت بريطانيا، في وقت سابق اليوم، قضية اقتحام سفارتها في طهران، مع القائم بأعمال السفارة الإيرانية في لندن، ونصحت رعاياها في إيران بالبقاء في منازلهم. من جهته دان البيت الابيض "بأشد العبارات" الهجوم على السفارة البريطانية في طهران، مذكرا بأن "ايران تتحمل مسؤولية حماية البعثات الدبلوماسية" على اراضيها. وقال جاي كارني، المتحدث باسم الرئيس باراك اوباما، "ندعو ايران الى احترام واجباتها الدولية احتراما تاما، وادانة الحادث وملاحقة المسؤولين عنه والقيام بما من شأنه الحؤول دون تكرار هذه الحوادث، سواء في السفارة البريطانية او في بعثات دبلوماسية اخرى في ايران". وفي باريس صرح وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه في بيان امس ان فرنسا "تدين بحزم شديد" اقتحام حشد السفارة البريطانية في طهران "والتجاوزات غير المقبولة التي ارتكبت". كما أدانت الحكومة الألمانية بشدة اقتحام متظاهرين لمقر السفارة البريطانية في العاصمة الإيرانيةطهران. من جانبها دانت وزارة الخارجية الايطالية "بشدة" مهاجمة حشد من المتظاهرين سفارة بريطانيا في طهران، مؤكدة انه امر "غير مقبول اطلاقا". كما دانت وزارة الخارجية الروسية الهجوم على السفارة البريطانية في ايران ووصفته بأنه "غير مقبول". واكدت الخارجية الروسية في بيان ان "الاعمال التي ارتكبها جمع من المحتجين الذين انتهكوا معايير القانون الدولي المطبقة عالميا، غير مقبولة وتستحق الادانة". وفي وقت لاحق اعرب مجلس الامن الدولي امس عن تنديده "باشد العبارات" الهجوم على السفارة البريطانية في طهران التي احتلها متظاهرون وخربوا مقار تابعة لها. وجاء في اعلان للاعضاء ال 15 في مجلس الامن "ان اعضاء مجلس الامن ذكروا ب(مبدأ) عدم التعدي على المقار الدبلوماسية والقنصلية وواجب الحكومات المضيفة في اتخاذ كافة الاجراءات الملائمة لحمايتها".