كشف الأمين العام للهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة التابعة لرابطة العالم الإسلامي الشيخ عبدالله المصلح، أن الاضطرابات في العالم الإسلامي والثورات التي تشهدها دول عربية، جاءت أخبار تحذر منها عن النبي عليه الصلاة والسلام. واعتبر ذلك من صنوف الإعجاز العلمي الذي يدخل ضمن اهتمام المنظمة التي بدأت نشاطها قبل نحو 30 عاماً، مشيراً إلى أن الواقع وإن كان مراً بعض الشيء، إلا أن الخبر النبوي مثلما حمل التحذير، تضمن أيضاً حلاً لمن أراد تلمّس طريق النجاة. وأبدى المصلح ثقته بأن عالمية الإسلام تؤهل منظمته لاكتساح قدر أكبر من عقليات رجال العلم والفكر غير المسلمين، بفضل ما توصلت إليه أبحاث العلماء، من إعجاز مبهر في القرآن والسنة، يزرع مزيداً من اليقين في نفوس المسلمين ويرغم غيرهم على النظر إليه بإكبار واحترام، في عصر «لغته العلم». في ما يأتي نص حوار مقتضب معه. تناول باحثون كثر مسألة الإعجاز العلمي بالنقد والتأييد، فما التعريف الدقيق له، الذي تنطلقون منه في هيئة الإعجاز العلمي؟ - الإعجاز العلمي هو إخبار القرآن الكريم والسنة النبوية بحقيقة علمية مشهودة، وثبت عدم إمكان إدراكها بالوسائل البشرية في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم مما يظهر صدق الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في ما أخبر به عن ربه سبحانه. والهيئة العالمية، أنشئت لماذا؟ ومتى بدأ نشاطها؟ - أنشأت هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة بقرار من المجلس الأعلى العالمي للمساجد في دورته التاسعة عام 1406ه برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة. ثم تحولت إلى الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة بقرار من المجلس التأسيسي للهيئة عام 1423ه. أما أهم أهدافها فهي: وضع الأسس والقواعد التي تضبط الاجتهاد في بيان الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، والكشف عن دقائق معاني الآيات في كتاب الله والأحاديث النبوية الشريفة المتعلقة بالعلوم الكونية في ضوء أصول التفسير ووجوه الدلالة اللغوية ومقاصد الشريعة الإسلامية دون تكلف. كذلك تهدف إلى ربط العلوم الكونية بالحقائق الإيمانية، وإدخال مضامين الأبحاث المعتمدة في مناهج التعليم في شتى مؤسساته ومراحله. وتحاول أن تسهم في إعداد علماء وباحثين لدراسة المسائل العلمية، والحقائق الكونية ؛ في ضوء ما ثبت في القرآن والسنة. إضافة إلى توجيه برامج الإعجاز العلمي في القرآن والسنة لتصبح وسيلة من وسائل الدعوة إلى الله. ولكن بعد هذا العمر الذي مضى على بدء «الهيئة»، هل فعلاً استطاعت إيصال رسالتها وتحقيق شيء من أهدافها ؟ - قطعنا في الهيئة ولله الحمد أشواطاً كبيرة في تحقيق الهدف الرئيسي وهو تحقيق أبحاث الإعجاز العلمي ونشرها، إذ كان للهيئة بفضل الله السبق واليد الطولى في انتشار الإقبال على قضية الإعجاز العلمي في العالم أجمع، ويكفي الدلالة على ذلك كمؤشر من المؤشرات وصول زيارات موقع الهيئة على الانترنت www.eajaz.org إلى ثلاثة ملايين زيارة شهرياً تقريباً. كما انتشرت مكاتب الهيئة في شرق العالم وغربه وأقمنا 10 مؤتمرات عالمية ضخمة والكثير من الندوات والمعارض العالمية والإقليمية. في ظل تطور وسائل الإعلام من خلال سبل التواصل الحديثة والإعلام الجديد (الإعلام الالكتروني) هل تستثمرون في هيئة الإعجاز العلمي هذه الوسائل؟ - لابد لنا من ذلك .. فإن أعظم منبر عالمي لإيصال رسالة أي كيان في العالم هو هذه الشبكة العالمية الضخمة (الانترنت) وهذا من نعم الله علينا في هذا الزمان الذي سهل فيه التواصل فقد أسسنا موقعاً الكترونياً للهيئة على (الانترنت) يتحدث ب12 لغة منتشرة في اتجاهات العالم الأربعة كما أنشأنا موقعاً خاصاً لموسوعة الإعجاز العلمي. ومن جهة أخرى تواصلنا مع الإعلام الالكتروني من خلال منافذه المتيسرة لنا كافة كالصحافة الورقية التي لها مواقع الكترونية أو الصحف الالكترونية، وفرّغنا أحد شبابنا المميزين من إعلاميي هذا الوطن ليكون صلة الوصل بيننا وبينهم، هذه قناعتنا الراسخة أن الإعلام الالكتروني مكسب حضاري معاصر لابد من استثماره لمصلحة نشر رسالة الهيئة. الخطاب مع الآخر اليوم بات من التحديات التي تواجه المسلمين، هل تعتقدون أن لغة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة، قادرة على إيصال الرسالة الإسلامية إلى الآخر الغربي تحديداً؟ - ديننا دين التواصل مع الآخر منذ أن بعث الله به رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم وإلى قيام الساعة، لأن الله يقول: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) والعالمين تعني كل العالم من الإنس والجن وليس بخاف عليكم أن الرسالة الإسلامية رسالة إلى الثقلين أجمعين) وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، والإسلام يتعاطى مع الآخر بدعوته والإحسان إليه في التعامل وفق معطيات شرعنا الإسلامي الحكيم الذي يجعل لكل حال ومكان وزمان وموضوع خصوصية يتعامل على وفقها، ولا يخفى عنكم قول الله تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم ) والإسلام دعوة خالدة لكل قوم ولكل عصر ومصر، ولسان هذا العصر هو العلم؛ واستخدام الإعجاز العلمي في لغة الخطاب الدعوي مع غير المسلمين يعتبر تحدثاً بلغة القوم ولغة العصر التي هي العلم كما أسلفنا. شهدت السعودية إطلاق ملكها خادم الحرمين الشريفين مبادرة للحوار بين الأديان، فبأي شيء يمكنكم الاستفادة من تلك المبادرة في تحقيق رسالتكم العالمية في هيئة الإعجاز؟ -خادم الحرمين الشريفين ليس ملك دولة وحسب ولكنه رجل أمة يدرك بدرجة عالية جداً معطيات واقعه ومتغيراته وقدرات أمته وإمكاناتها ويسوغ مبادراته على وفق تلك المعادلة بالغة الدقة وهذا توفيق من الله فإن الله سبحانه : (يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً). إننا أصحاب حق وصاحب الحق قوي بما آتاه الله من حق، لكن عرض الحق لا شك أنه يحتاج إلى ثلاثة أسس من وجهة نظري: رؤية موفقة وعلم راسخ وحكمة بالغة، ونحن لا بد لنا من أن نسير على هدى نبينا صلى الله عليه وسلم فسيرته مليئة بأرقى ما يمكن أن يصل إليه بشر من الرقي في الحوار مع الآخر بل قبل ذلك يحتوي كلام ربنا على الأسس والقواعد والمبادئ والأساليب التي لا بد لنا أن نسير عليها في حوارنا مع الآخر، فالحوار مع الآخر مصطلح كتب له الرواج أخيراً ونحن نعتبره وجهاً من وجوه الدعوة إلى الله التي وردت الإشارة إليها في قوله تعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ..) وشريعتنا الإسلامية بمجالاتها الواسعة، رسمت خريطة طريق واضحة المعالم للتعامل مع أصحاب الأديان انطلاقاً من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ففيهما الهداية والكفاية، وخادم الحرمين الشريفين يحفظه الله بمبادرته تلك يسير على وفق ما قررته معطيات شريعتنا الغراء، وكان لتلك المبادرة أثر بارز وقوي في التوجيه بالاستفادة من أسلوب الإعجاز العلمي في القرآن والسنة في الحوار وخرجت بهذه التوصية مقررات مؤتمرات رابطة العالم الإسلامي التي أوكل إليها خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله القيام بمؤتمرات الحوار وسارت الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة في هذا الطريق بخطى ثابتة وموفقة ولله الحمد. شاركتم أخيراً في مؤتمر العالم الإسلامي مشكلات وحلول، في وقت تشهد فيه دول عربية الاضطرابات والثورات، فهل بدا لكم بعد الدراسة ما يدعو إلى التفاؤل؟ - نكأت جراحاً عميقة بسؤالك هذا .. فإن حال أمتنا حال يرثى له فقد أظلنا زمان أشار إليه نبينا صلى الله عليه وسلم بما كشفه له ربه من حجب الغيب، إذ يقول: (يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تدعى الأكلة إلى قصعتها) وهذا عندنا من أحد مواضيع الإعجاز، وهو الإعجاز الإخباري .. لكن نبينا صلى الله عليه وسلم الذي أخبرنا ذلك الخبر بين لنا المخرج وعلينا إن أردنا النجاة لأنفسنا ولأجيالنا والرفعة لأمتنا أن نتلمس طريق النجاة كما وصفه الذي قال عنه ربه: (وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى) والحديث في ذلك يطول لكني أحيلكم إلى البيان الختامي للمؤتمر الذي أشرت إليه في صدر سؤالك ففيه التفصيل لما أجملته هنا .. والله المستعان.