دعا عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، أمين سر الحركة في الضفة الغربية النائب الأسير مروان البرغوثي الرئيس محمود عباس (ابو مازن) الى تغيير برنامجه القائم على المفاوضات لوحدها لأنها وصلت الى طريق مسدود، داعياً الى «المزاوجة الخلاقة بين المفاوضات والمقاومة المشروعة». كما دعا الى إطلاق حملة شعبية واسعة لوقف الاستيطان وتهويد القدس. وطالب البرغوثي في مقابلة أجريت معه عبر محاميه الياس صباغ في زنزانته في سجن «هداريم» الاسرائيلي حيث يقضي حكماً بالسجن المؤبد، بعقد لقاء فوري بين اللجنة المركزية لحركة «فتح» بقيادة عباس والمكتب السياسي لحركة «حماس» بقيادة خالد مشعل لإنهاء الانقسام، مؤكداً وجود اساس سياسي لإنهاء هذا الانقسام الذي قال انه «كارثة وطنية». وتساءل: «اذا كان مصير القدس والأرض والشعب لا يجمع فتح وحماس والفصائل، فما الذي يجمعهم؟». وفي ما يأتي نص المقابلة: هل ترى ان طريق المفاوضات فشل في تحقيق الدولة المستقلة، وما هو البديل للمفاوضات برأيكم؟ - الذي فشل هو الارتهان للمفاوضات فقط كطريق لتحقيق الدولة المستقلة. لقد دعونا دوماً للمزاوجة الخلاقة والواعية بين المفاوضات والمقاومة المشروعة كما جاء في وثيقة الأسرى «وثيقة الوفاق الوطني». ومن كان يعتقد ان هذا الاحتلال سيرحل بمفاوضات غير متكافئة في فنادق سبع نجوم مخطئ تماماً، ودوماً مطلوب إسناد المفاوضات بفعل مقاوم على الأرض. وانا ادعو الرئيس وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية والفصائل لإطلاق أوسع حركة شعبية جماهيرية لوقف الاستيطان ووقف تهويد القدس وإنهاء الاحتلال لأنه لا جدوى من الرهان على المفاوضات في ظل غياب الشريك الاسرائيلي للسلام. فلا يوجد في اسرائيل (الجنرال شارل ديغول) الذي أنهى الاستعمار الفرنسي للجزائر، ولا (فريدريك) دكليرك الذي أنهى التمييز العنصري في جنوب افريقيا. والشعب الفلسطيني الذي يناضل منذ مئة عام وصمد في وجه أشرس غزو عرفه التاريخ المعاصر وصنع أطول ثورة في التاريخ الحديث وأهم انتفاضتين، قادر على الصمود والثبات والدفاع عن حقوقه الوطنية، وقادر على مقاومة الاحتلال وإنجاز حريته وعودته واستقلاله. ومن يعتقد ان الشعب الفلسطيني تعب او يئس فهو واهم، فالشعوب لا تتخلى عن حقوقها الوطنية وعن حريتها بسبب المعاناة والعذابات والتضحيات، بل ان هذا يزيدها ايماناً بأهدافها الوطنية، والبديل لطريق المفاوضات المسدود هو الوحدة الوطنية والمصالحة وإعادة الاعتبار لمقاومة الشعب الفلسطيني الاحتلال الى جانب العمل السياسي والتفاوضي والنضال الشعبي والجماهيري، لأن الحياة كفاح ونضال ومقاومة وليس مفاوضات فقط. هل ترون ان الدولة ثنائية القومية تعتبر خياراً «مقبولاً» لدى الفلسطينيين؟ - يجب التمسك بحق شعبنا المقدس في تقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية، وبحق اللاجئين بالعودة طبقاً للقرار 194، وتحرير جميع الأسرى والمعتقلين. خيار حل الدولتين لا زال يحظى بإجماع دولي، وعلينا الا نفرط في هذه الفرصة التاريخية لإنجاز الدولة من خلال إنجاز المصالحة، وإنجاز الوحدة الوطنية، ومواصلة النضال لإنجاز الحقوق الوطنية، والعمل على محاصرة اسرائيل من خلال الاستمرار في تقرير (ريتشارد) غولدستون وفي استخدام قرار لاهاي في شأن الجدار، والتحرك دولياً لعزل اسرائيل، وفي الصمود والثبات على الأرض، وإطلاق أوسع حركة شعبية وجماهيرية لمواجهة الاستيطان والاحتلال والتهويد والحصار. هل ترون أن هناك اتفاقاً واقعياً ممكن التطبيق لإنهاء الانقسام، وماذا تقترحون للخروج من الانقسام؟ - الانقسام كارثة وطنية وألحق ضرراً كبيراً بنضالنا ومكتسباتنا الوطنية وأساء الى صورة الفلسطيني في العالم، وإنهاء الانقسام واجب وطني مقدس، وواجب ديني وقومي وأخلاقي، وواجب للمصلحة الوطنية العليا. وأعتقد ان هناك أساساً سياسياً متيناً يمكن الاستناد اليه بعد خطاب ابو مازن ونقاطه الثماني. واذا كان مصير القدس والأرض والشعب لا يجمع فتح وحماس والفصائل، فما الذي يجمعهم؟ ان أقصر الطرق لإنهاء الانقسام هو عقد لقاء فوري بين اللجنة المركزية لحركة فتح والمكتب السياسي لحماس بحضور الأخ ابو مازن والأخ خالد مشعل يعقبه لقاء بين قادة جميع الفصائل، ولا مبرر للتأجيل أو للتأخير في توقيع اتفاق المصالحة من حركة حماس، وأدعوها الى التسريع في إنجاز المصالحة الوطنية لتعزيز الجبهة الداخلية وإعادة الوحدة للوطن والشعب والسلطة والقيادة لمواجهة التحديات الكبرى. وأدعو الى العودة لوثيقة الوفاق الوطني. هل تؤيد إجراء انتخابات في الضفة وحدها، في حال تعذر إجرائها في الضفة والقطاع بسبب منع حماس؟ - الانتخابات التشريعية والرئاسية يجب ان تجرى في الوقت نفسه في الضفة والقطاع والقدس، وفي ظل المصالحة والوفاق الوطني، وأي محاولة لانتخابات جزئية سيعزز الانقسام ولن يخدم المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني. في حال إجراء الانتخابات العام المقبل، هل تنوي الترشح لها وخوضها، وماذا لو كان هناك مرشح آخر من حركة «فتح»؟ - عندما تتم المصالحة الوطنية وتجرى الانتخابات في الضفة والقطاع والقدس، فسأتخذ القرار المناسب، وانا على ثقة ان فتح ستختار المرشح الذي يحظى بثقة الشعب الفلسطيني ويستطيع توحيد هذا الشعب وقيادته نحو الحرية والعودة والاستقلال. هل تؤيد موقف الرئيس ابو مازن الذي أعلنه أخيراً بعدم ترشيح نفسه، وهل تؤيد الشروط التي وضعها للعودة الى المفاوضات؟ - أنا احترم قرار الأخ ابو مازن وأحترم رغبته وأثق بموقفه الوطني الرافض الضغوط الأميركية والاسرائيلية، وأدعم بقوة نقاطه الثماني، وأشكره على شجاعته وصدقه وإعلانه فشل المفاوضات ووصولها الى طريق مسدود، وأدعوه الى الاعتماد على الشعب الفلسطيني العظيم والاستعانة به لمواجهة الموقف الاميركي - الاسرائيلي، وأنا على ثقة ان لدى شعبنا مخزوناً نضالياً لا ينضب. هل تدعم عدم ترشح ابو مازن لولاية ثانية؟ - في النهاية القرار يعود للأخ أبو مازن، ولم يطالبه احد بالتخلي او عدم الترشح، لكن يحتاج الأخ ابو مازن الى تغيير برنامجه الذي خاض الانتخابات السابقة على أساسه لأن هذا البرنامج القائم على المفاوضات فقط وصل الى طريق مسدود. إن احداً لم يناقش ابو مازن في مؤتمر فتح السادس وليست لديه مشكلة داخلية في هذا الشأن. كيف ترى دور اللجنة المركزية الجديدة في إعادة بناء فتح، وهل ترى ان هذا الدور يرقى الى مستوى التحديات؟ - حتى الآن تناقش اللجنة المركزية البرامج والخطط وإعداد الطواقم للمفوضيات ودوائر العمل، واتخذت قراراً بالتوقيع على الوثيقة المصرية للمصالحة. وآمل بأن تنجز اللجنة المركزية ما عليها من واجبات بهمة ونشاط وحيوية أكبر. ارسلت رسالة لأفكار ومقترحات إسهاماً في خطة عمل للمركزية والحركة للسنوات المقبلة، ونوقشت في المركزية، وأمل بأن تدرك المركزية والثوري أن آمالاً كبيرة معلقة عليهم، وأن من الضروري العمل فوراً لمواجهة أول وأهم التحديات وهو مواجهة كارثة تهويد القدس والاستيطان والحصار والتجويع والاعتقالات، وان تضاعف الجهد لإنجاز المصالحة الوطنية باعتبار ان الوحدة الوطنية هي قانون الانتصار لحركات التحرر الوطني وللشعوب المقهورة. كيف ترى تهديد الرئيس بعدم ترشيح نفسه لولاية ثانية، وهل هناك بديل، وهل يجب ان يكون البديل من اللجنة المركزية ام يمكن دعم شخصية مستقلة؟ - ان موقف الرئيس ابو مازن موجه بالدرجة الأولى للموقف الاميركي المنحاز لاسرائيل، وكذلك احتجاج على فشل المفاوضات، خصوصاً في ظل حكومة اليمين المتطرف في اسرائيل. ابو مازن يحظى بثقة حركة فتح، كما انه لا توجد انتخابات قبل المصالحة، وسيبقى ابو مازن في منصبه حتى إجراء الانتخابات المقبلة، وسيتقرر كل شيء في حينه. والحقيقة ان هنالك مأزقاً في المفاوضات التي وصلت الى طريق مسدود في ظل تصاعد الاستيطان وتهويد القدس، وحركة فتح أعلنت ان ابو مازن هو مرشحها للانتخابات المقبلة. هل لديكم أي معلومات او تعقييب على صفقة التبادل مع الجندي الاسرائيلي غلعاد شاليت؟ - نشد على ايدي المفاوضين على التبادل وندعوهم الى التمسك بالقائمة التي قُدمت، وندعو السلطة الوطنية لمساندة مطالب الفصائل الآسرة للجندي لأن نجاح صفقة التبادل هو انتصار للشعب الفلسطيني، خصوصاً ان المفاوضات فشلت في الإفراج عن آلاف الأسرى، وتحديداً من الذين تتهمهم اسرائيل بقتل اسرائيليين. كما ان هنالك مئات الأسرى قفز عنهم اتفاق اوسلو، ونسيهم المفاوضون. لذلك هناك من يقضي عامه الثاني والثلاثين في سجون الاحتلال أمثال فخري ونائل البرغوثي وعثمان مصلح وكريم يونس وأكرم منصور، وهناك 115 أسيراً قضوا أكثر من 20 عاماً. نأسف لأن قضية الأسرى تغيب عن الخطاب السياسي والإعلامي الرسمي الفلسطيني، وهناك تقصير في قضية الأسرى من منظمة التحرير والسلطة والحكومة والفصائل، وما يزيد من معاناة الأسرى هو حال الانقسام ايضاً.