بغداد - أ ف ب - أصدر عميد الصحافة العراقية ومؤرّخها المعروف فائق روفائيل بطي، «الموسوعة الصحافيّة الكردية»، لتشكل بذلك أول دراسة توثيقية وأرشيفية للصحافة الكردية. وتركز الموسوعة الصادرة عن دار «المدى للنشر والثقافة» والتي جاءت في 900 صفحة، على تاريخ نشوء الصحافة الكردية ومراحل تطورها منذ بدايتها العام 1898 عندما صدرت أول جريدة في كردستان حملت اسم «كردستان». وتضم الموسوعة صوراً أرشيفية نادرة لأحداث صحافية وصحف كردية صدرت عبر حقبات مختلفة. وقال نقيب الصحافيين في إقليم كردستان العراق، أزاد حمد أمين إن «الموسوعة تعتبر أول محاولة من نوعها باللغة العربية (...) لتساهم في أرشفة الصحافة الكردية خلال مئة عام، وإظهار دورها الوطني والقومي في تشكيل أجواء الديموقراطية». وتغطي هذه الموسوعة مسيرة مهنية ممتدة لأكثر من سبعين سنة من العمل الصحافي الكردي العلني والسري، بما في ذلك وسائل إعلام إسلامية أو ليبرالية، وما صدر عن أحزاب كردية كالحزب الديموقراطي الكردستاني والحزب الشيوعي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني. ورأى مدير تحرير صحيفة «المدى» علي حسين أن «فائق بطي سجل دقائق تاريخ الصحافة العراقية، وتأتي موسوعته لتسدّ نقصاً مهماً في المكتبة العربية التي تفتقر الى دراسات من هذا النوع». فائق بطي في سطور ولد فائق روفائيل بطي في بغداد العام 1935. حصل على شهادة البكالوريوس في الصحافة من الجامعة الاميركية في القاهرة، وعاد الى العراق العام 1963 ليترأس تحرير جريدة «البلاد» آنذاك. ويعد بطي من مؤسسي نقابة الصحافيين العراقيين، وحصل على الدكتوراه في الصحافة من موسكو. غادر العراق في نهاية السبعينات الى أوروبا وتنقل بين الولاياتالمتحدة وبريطانيا ودول أخرى. أصدر أكثر من 15 مؤلفاً منها «صحافة الاحزاب»، «الصحافة اليسارية»، «ذاكرة عراقية»، «الوجدان»، «ذاكرة وطن»، «الصحافة العراقية في المنفى»، إضافة الى كتاب حول سيرة والده روفائيل بطي المهنية وغيرها. للصحافة الكردية التي عانت قسوة النظام السابق، تاريخ طويل وسجل حافل، إذ تفاعلت على امتداد سنوات تجربتها ومسيرتها مع الاحداث التي مرت بالعراق وعبرت بشغف عن تطلعات الشعب العراقي عموماً والأكراد خصوصاً. ويعكس صدور مثل هذه الموسوعة في هذا الوقت، حجم غياب الدراسات التوثيقية والارشيفية لهذه الصحافة. عاشت الصحافة الكردية بعد العام 1991 عصراً ذهبياً جديداً، إثر انتفاضة آذار (مارس) في ذلك العام التي عمت غالبية المدن العراقية ومنها مدن كردستان، دهوك وأربيل والسليمانية. وشهدت الصحافة الكردية ما لم تشهده الصحافة العراقية عموماً من إصدار كم كبير من المطبوعات في مدن الاقليم. فقد صدر بعد هذا التاريخ والتحول أكثر من 35 جريدة ومجلة ثم تنامى هذا العدد مع مرور الوقت، وتصدر الآن في مدن الاقليم عشرات العناوين. ومن الصحف الكردية التي عرفت الشهرة إبان عشرينات القرن الماضي «بيشكه وتن» أي «التقدم» التي رأس تحريرها مصطفى باشا، و«يانكي كردستان» اي «نداء كردستان»، و«روزكردستان» أي «شمس كردستان» و«أميد الاستقلال» أي «امل الاستقلال». ولاقت موسوعة «الصحافة الكردية» ترحيباً واسعاً لدى الصحافيين في الإقليم. جزء من التاريخ السياسي اما الصحافي اكو محمد، رئيس تحرير صحيفة «رووداو» - اي «الحدث» - المستقلة والتي تصدر في أربيل، فقال: «انه عمل جيد لأن تاريخ الصحافة الكردية جزء من التاريخ السياسي للحركة التحررية الوطنية الكردستانية، ويمكن من خلاله تسليط الضوء على الجوانب المنسية في التاريخ الكردي». ولفت الى أن «الكاتب ليس كردياً، وهو يقوّم وضع الصحافة الكردية ودورها بشكل أكثر حياداً لأنه ليس بغريب عنها وعايش الصحافيين والكتاب والقيادات الكردية». وكانت الصحافة الكردية شهدت عام 1977 انعطافة في مشوارها عندما أخذت العلاقة تسوء مع حكومة صدام حسين، ونهضت حركة التحرر الكردية، واضطر عدد كبير من الصحافيين الاكراد لمغادرة البلاد. ولعبت حينها تلك الصحافة الدور المنظم بين قوى الثورة المسلحة والمواطنين في كردستان من جهة، وبين مواقع وفصائل البشمركة (القوات الكردية) الموزعة في الجبال من جهة أخرى. كذلك عرفت الصحافة الكردية في كردستان الكم الهائل من المطبوعات في تلك الفترة حيث عرفت بصحافة «الجبل»، ومن اصداراتها آنذاك «ئاينة» وتعني المستقبل، و «كاروان» اي المسيرة. وكانت الصحافة الكردية قبل هذا التاريخ علنية، ففي العام 1966 صدرت في أربيل مجلة «رامان» وجريدة «النور» اليومية السياسية الصادرة في بغداد والناطقة باسم «جماعة جلال طالباني»، وجريدة «الخلاص» في السليمانية.