في كتابه الصادر بعنوان «التصوف بين التمكين والمواجهة»، اعتمد الباحث محمد بن عبدالله المقدي على قراءات مفكرين معاصرين حول العلاقة بين الفكر الصوفي والسياسة الأميركية في العالم الإسلامي، مسستشهداً بالمفكر الراحل عبدالوهاب المسيري الذي يقول: «مما له دلالته أن العالم الغربي الذي يحارب الإسلام يشجع الحركات الصوفية، ومن أكثر الكتب انتشاراً الآن في الغرب مؤلفات محيي الدين بن عربي وأشعار جلال الدين الرومي، وأوصت لجنة الكونغرس الخاصة بالحريات الدينية بأن تقوم الدول العربية بتشجيع الحركات الصوفية، فالزهد في الدنيا والانصراف عنها وعن عالم السياسة يضعف، ولا شك صلابة مقاومة الاستعمار الغربي». ولا يكتفي المقدي بالاعتماد على أقوال مفكرين عرب، بل يستدل على نظريّة بحثه المختصر بمقولة المستشرق الألماني أستاذ علم البإسلاميات وتاريخ الإسلام بجامعة بوخوم شتيفان رايشموت التي ترى أن «مستقبل العالم الإسلامي سيكون حتماً للتيار الصوفي». كما يستشهد المقدي بما ورد في تقرير راند الصادر في عام 2002 عن المؤسسة البحثية المعروفة بالاسم نفسه، وجاء فيه: «من الواضح أن الولاياتالمتحدة الأميركية بل العالم الصناعي المتمدن بأسره يفضلون عالماً إسلامياً يتماشى مع بقية النظام، أي: عالماً إسلامياً يتسم: بالديموقراطية، والقابلية للنمو، والاستقرار السياسي، والتقدم الاجتماعي، والخضوع لقوانين ومعايير السلوك الدولي، إضافة إلى أن هذا العالم الإسلامي «المفضّل» ملزم بالمساهمة في منع أي صدام للحضارات، بكل صوره المتاحة والممكنة الممتدة من القلاقل المحلية المتصاعدة بسبب الصراعات بين الأقليات المسلمة والمواطنين الأصليين في الغرب، إلى العمليات العسكرية المتصاعدة عبر العالم الإسلامي، وما ينتج منها من إرهاب وعدم استقرار». ويؤيد الباحث ما قدمه من مقولات بوقائع وحيثيات من بينها استضافة مركز نيكسون مؤتمر برنامج الأمن الدولي في واشنطن لاكتشاف مدى دور الصوفية في ما يتعلق بأهداف سياسة الخارجية الأميركية، وعقدت فيه جلسات عدة، جاء في الأولى منها ما ذكرته الدكتورة هدية مير، وذكرت فيه أن «انهيار الدولة العثمانية أدى إلى ظهور أيديولوجية ضد أوروبا وأميركا. واقترحت دعم التصوف ضد هذه الأيديولوجيا. وفي بحثه يؤصل محمد المقدي للسبب التأصيلي الذي يؤدي إلى خضوع المتصوفة للغربيين، عازياً ذلك إلى التعاليم والأصول التي وضعها مشاهير الاتجاهات الصوفية مثل عبدالوهاب الشعراني.