أعطت اسواق الصرف رئيسي الوزراء الجديدين الايطالي ماريو مونتي (سوبر ماريو) واليوناني لوكاس باباديموس «فترة سماح» لمدة 72 ساعة لمعرفة الاتجاه الذي سيسيران فيه، ومدى الاصلاحات التي سيتخذانها لترتيب البيت، ومن ثم التزام «خريطة طريق» المفوضية الاوروبية. لكن الاسواق بقيت «متحفزة وقلقة». وساد فيها الحذر، وبدأت تداول الاسبوع على تراجع في وقت حضت مستشارة المانيا انغيلا مركل على تشكيل «اوروبا جديدة» لتعزيز استمرارية اليورو. واستغلت مركل، فرصة الأزمة الحالية لمحاولة إدخال اصلاحات واسعة، او فرضها، في اوروبا لمنع تكرار أزمة الديون او الافلاسات الكبيرة في الفترة حتى منتصف القرن على اقل تقدير. واعلنت رغبتها بالتشدد قبل الموافقة على انضمام اي عضو جديد الى منطقة اليورو. وأعربت مركل، خلال مؤتمر حزبي أمس، عن اعتقادها «بان أوروبا تمر بأخطر فترة منذ الحرب العالمية الثانية»، وعليه يجب «تطوير الاتحاد، لتصبح لدينا اوروبا جديدة، بحيث يمكن معاقبة اي دولة عضو تخرق قواعد منطقة اليورو وأن نفرض مقاطعتها وحتى تقديمها امام المحكمة الاوروبية بتهم تهديد الامن الاقتصادي لدول المنطقة». وقال بيتير سوليفان رئيس وحدة اسواق الاسهم في «اتش اس بي سي» في تقرير «اصبحت ايطاليا في خط النار الرئيسي، في وقت بلغت فيه منطقة اليورو مرحلة حرجة ويجب الانتظار لرؤية كيفية تصرف السياسيين والبنك المركزي الاوروبي». وكان التداول باليورو بدأ على تراجع امس تحسباً من انعكاسات دخول منطقة اليورو حال الركود، وفي انتظار اتضاح المستجدات في اليونان وايطاليا بعد تنصيب رئيسي وزراء من التكنوقراط عملا في مؤسسات الاتحاد الاوروبي. وفي جلسة التداول قبل الاقفال انخفض سعر صرف اليورو بنسبة 0.3 في المئة الى 1.3626 دولار. في حين بقيت «العملة الخضراء الرابح الوحيد في ظل عدم اليقين في منطقة اليورو»، كما قال اودري فريمن من «جي بي مورغن» في مذكرة الى الزبائن. وقال ادريان شميدت من «لويدز بنك كوربوريت» انه «يُخيم على السوق خطر سياسي في ايطاليا وما اذا كانت احزابها ستلتزم تنفيذ الاصلاحات». مشيراً الى انه في حال تمت «يمكن توقع استعادة اليورو موقعه فوق 1.40 دولار». وكانت موجة من الكآبة سيطرت على البورصات الاوروبية بعدما طرحت ايطاليا في مزاد سندات بقيمة ثلاثة بلايين يورو، وبيعت بسعر فائدة مرتفع، ما عكس عدم الثقة الكاملة بالتغييرات السياسية. وفسرت وكالة «بلومبيرغ» حذر المستثمرين بانه «تحسب» من اجراءات اقتصادية ايطالية قد تصبح مثالاً يجب تطبيقه في كل الدول التي تعاني وطأة الديون السيادية. وتتوقع الأسواق ان يلجأ مونتي الى تطبيق برنامج طموح يرمي الى «تنظيف» الحسابات الايطالية و»استعادة طريق النمو مع الحرص على العدالة الاجتماعية». ويُتوقع ان يعلن مونتي بسرعة خطط تقشف وإعادة الضريبة العقارية على مقر السكن الرئيسي، وفرض ضريبة على الثروة تؤيدها النقابات واصلاح نظام التقاعد اضافة الى تحرير اسواق العمل لانعاش النمو، المثير للجدل. وفي موازاة الموقف الألماني، اعلن المفوض الاوروبي لشؤون الاسواق المالية ميشال بارنييه أمس ان المفوضية ستقترح تجميد التصنيف المالي لعدد من الدول الاوروبية في حال تلقت مساعدات دولية او اذا ساهم تصنيفها في عدم استقرار الاسواق. وانعكس عدم الاستقرار الاوروبي سلباً على أسعار العقود الآجلة لخام القياس الاوروبي «برنت» والخام الأميركي الخفيف اللذين واصلا التراجع. وخسر «برنت» 2.03 دولار (1.78 في المئة) متراجعاً إلى 112.13 دولار كما تراجع الخام الأميركي في عقود كانون الأول (ديسمبر) الى 97.48 دولار للبرميل منخفضاً 1.51 دولار (1.53 في المئة).